Car Magazine Wednesday07/02/2007 G Issue 10
أقلام
الاربعاء 19 ,محرم 1428 العدد10

التكاليف الخفية لقيادة السيارات
د. زيد بن محمد الرماني

كانت السيارة في يوم ما واعدة لعالم رائع من السرعة والحرية والراحة، حيث تنقل الناس سحرياً إلى أي مكان تؤدي إليه الطرق وإذا أخذنا في الاعتبار هذه المزايا المغرية، فليس من المدهش أن يراود الناس في جميع أنحاء العالم حلم امتلاك سيارة بيد أن المجتمعات التي شيدت شبكاتها من الطرق حول السيارة بدأت تستيقظ الآن على واقع أشد خطورة، فالمشكلات التي يحدثها الاعتماد المفرط على السيارة تفوق مزاياها بكثير.

وهذه المشكلات عديدة وواسعة الانتشار فاكتظاظ حركة المرور وتلوث الهواء يزعجان كل المدن الكبرى، والاعتماد على النفط يجعل الاقتصاديات سريعة التأثير والحساسية، والمدن التي تصمم شوارعها للسيارات بدلاً من تصميم، لخدمة الناس تتزايد صعوبة الحياة فيها. ولعل السيارة تُجسّد أكثر من أي اختراع آخر ما لاحظه جاك إلول عن كل التقنيات، إنها تصلح خادماً جيداً، ولكنها سيد رديء.

بيد أن الرضوخ لمتطلبات السيارة الخاصة قد أصبح روتيناً جامداً في كثير من مدن العالم ولقد فرض استعمال السيارة أبرز سمات الحياة الحضرية ويتضح ذلك بالأخص في تصميم المدينة الحديثة.

تقول مارسيا لاو النمو المتزايد في أسطول السيارات العالمي الذي يبلغ حالياً قرابة 8 ملايين سيارة يوضّح أنه إذا فشلت المجتمعات في استعادة سيادتها على هذا الخادم، فإن المشكلات المقترنة بالسيارة قد تصبح أزمات عالمية.

وضخامة هذه المشكلات المرتبطة بالسيارة تتحدى مجرد الثوابت التقنية. وبدون وجود بدائل للسيارات فإن التقدم التقني في اقتصاد الوقود وخفض الانبعاثات قد تعوقه القيادة المتزايدة للسيارات. ويكمن الخطر الأعظم من حوادث الطرق في الخليط المشوش والكثيف لحركة المرور الآلية وغير الآلية في العالم الثالث.

إن الاعتماد على السيارة يزعج مدن العالم الكبرى بمشكلات لن تفلح في حلها قط اجتهادات تقنية السيارات ولكي تتم المواجهة الكاملة للاكتظاظ والاعتماد على النفط والمدن التي يتزايد عدم صلاحيتها للحياة فيها، ينبغي على الحكومات أن تنهي عهد السيارة وأفضل وسيلة مؤكدة للإقلال من الاعتماد المفرط على السيارات هي إجراء إعادة ترتيب شاملة لأولويات النقل.

والخطوة الأولى هي تسليط الضوء على التكاليف الخفية لقيادة السيارات، المتمثلة في بنود مثل تلوث الهواء، والخدمات التي تقدمها البلديات، وتشييد الطرق والإصلاح ولعل المصروفات التي لا يكاد يعترف بها أحد هي بنود مثل الشرطة والحرائق وخدمات الطوارئ، تزيد الأمر تعقيداً.

ختاماً أقول.. لما كانت المشكلات الضخمة التي يسببها الاعتماد المفرط على السيارة سوف تواصل إزعاجها للمدن، فإنه قد يحدث تحوّل سياسي في السنوات القادمة ومن المحقق أن الناس حول العالم قد بدءوا يشهدون بأعينهم أن تكاليف الاعتماد على السيارات قد أصبحت تفوق المزايا.. وإذا أرادت المدن أن تحقق حلم النقل النظيف والفعال والذي يمكن الاعتماد عليه، وهو ما كانت تعد به السيارة يوماً ما، فإن عليها أن تتوجه إلى بدائل متواصلة ومجدية وقد آن أوان ذلك!!

* المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام zrommany3@gmail.com


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة