* إعداد - محمد الحمالي *
أظهرت دراسة حديثة لمجموعة المرشدين العرب Arab Advisors Group أن عدد القنوات الفضائية العربية المجانية على عربسات ونايلسات قد وصل إلى 263 قناة مع نهاية أكتوبر 2006 وأظهرت نفس الدراسة أن أكثر من 73% من هذه القنوات يشغلها ويملكها القطاع الخاص.
إن إلقاء نظرة فاحصة ودقيقة على المحتوى الإعلامي لهذه القنوات يظهر بجلاء أن بعض هذه القنوات الفضائية ذو طبيعة تخصصية: سياسية، رياضية، بيئة، أدب وشعر، عقار، أطفال.. الخ وهناك من هذه القنوات ما يسعى إلى الإثارة ومخاطبة الغرائز بل هناك أيضا ما هو مخصص للدجل! ومن النادر أن تشاهد برامج تُعنى بسلامة الإنسان، أما أن تجد قناة فضائية مخصصة للسلامة المرورية فهذا من المحال، ويبدو أن الطرب والغناء والدجل هذه الأيام أصبح أهم من سلامة الإنسان!
تتسبّب الحوادث المرورية في العالم العربي في مقتل نحو 36 ألف شخص سنوياً وجرح حوالي 250 ألفاً آخرين، وهذه الإحصائيات المتوفرة هي ما يتم رصده لحظة وقوع الحادث on the spot وليس خلال الثلاثين يوماً التالية. أما ما يخسره العالم العربي نتيجة هذه الحوادث المرورية فيبلغ زهاء 65 مليار دولار ولو تحدثنا عن الآثار الاجتماعية والنفسية الناجمة عن ذلك فسيطول بنا المقام وهذا ليس محله.
مطلوب دراسة جدوى
مع أن الهدف الأساس من فكرة إطلاق فضائية عربية تُعنى بالسلامة المرورية لا يتضمن تحقيق عائد اقتصادي بقدر ما هو تحقيق مصلحة عربية مشتركة في دفع الضرر لكن تكلفة إنشاء فضائية تخصصية هذه الأيام ليس بالأمر المكلف ويكفي أن نعلم أن بعض هذه القنوات الفضائية التخصصية قد لا يتعدى عدد العاملين في مركزها الرئيس أصابع اليدين وذلك بجانب وجود عدد من المراسلين والمصورين المتعاونين مع القناة في بعض البلاد وبجانب بعض من المعدات الحديثة في المركز الرئيس.
مصادر التمويل المتوقعة لهذه القناة المفترضة
1- الحكومات العربية (ومن ذلك تخصيص جزء من عائدات المخالفات المرورية لدعم هذه القناة المرورية المفترضة).
2- الإعلانات التجارية (شركات السيارات والدراجات النارية والإطارات والزيوت وقطع الغيار والإكسسوارات ومجلات السيارات.. وشركات النقل العام والشحن البري ومراكز التأهيل الطبي ونحو ذلك).
3- فاعلو الخير من رجال الأعمال والشخصيات المرموقة في المجتمع العربي.
المحتوى الإعلامي للفضائية المفترضة
بشكل عام فإن المحتوى الإعلامي لهذه القناة الفضائية المرورية المفترضة يدور حول المحاور التالية:
1- الإطار العملي (الميداني).
2- الإطار النظري للسلامة المرورية (محاضرات وندوات والدراسات.. الخ).
3- البرامج والأفلام الوثائقية التعليمية.
4- الإعلانات التجارية والحكومية مدفوعة القيمة.
عموماً يمكن تلخيص المحتوى الإعلامي للقناة بالنقاط التالية:
مجالس وجمعيات
1- تغطية المؤتمرات والفعاليات المتعلقة بالسلامة المرورية سواء في الدول العربية أو حتى حول العالم أن اقتضى الأمر ومن ذلك تغطية نشاطات مجالس المرور العليا أو جمعيات السلامة المرورية لتلك الدول التي لديها مثل هذه المجالس أو الجمعيات.
2- استعراض الدراسات والأبحاث المتعلقة بالسلامة المرورية التي أجريت حول العالم وعرض النتائج ومحاولة الاستفادة منها وتطبيقها على أرض الواقع العربي ما أمكن وذلك ضمن ظروف وبيئة المجتمعات العربية.
3- مباشرة الحوادث المرورية (خاصة الشنيعة منها) وذلك في كافة الدول العربية لعل ذلك يكون سبباً فاعلاً في ردع الكثيرين عن القيادة بسرعة عالية أو التهور الطائش أو عدم المبالاة بالأخذ بأسباب السلامة المرورية. وكذلك رصد المخالفات المرورية على الهواء مباشرة.
4- التغطية المستمرة للمصابين في الحوادث المرورية (بما في ذلك دور النقاهة) وبيان سبب الإصابة وإجراء اللقاءات مع الأطباء المعنيين وأولئك المناوبين في الطوارئ.
5- نشر الإحصائيات المرورية السنوية في العالم العربي وبيان مقدار الخسائر البشرية والاقتصادية التي يتكبدها العالم العربي نتيجة الحوادث المرورية وغياب الوعي المروري وذلك بجانب الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجم عن ذلك.
6-استضافة خبراء السلامة المرورية وعلم النفس المروري وعلماء الاجتماع والصحة النفسية من كافة الدول وذلك بهدف تشخيص المشكلات المرورية وسبل علاجها ونشر التوعية المرورية بين أفراد المجتمع العربي.
7- عقد ورش عمل ودورات في التنمية البشرية والإدارية تعمل على تطوير رجال المرور فنياً وإدارياً وسيكولوجياً بما يحقق أقصى استفادة ممكنة من عملهم وانعكاس ذلك ايجابياً على سلامتهم وسلامة أفراد المجتمع.
8- تفعيل دور المرأة وزيادة وعيها المروري وبيان الدور الذي من الممكن أن تؤديه لتحقيق السلامة المرورية لها ولأسرتها ولأفراد المجتمع.
9- نقل وجهات نظر رجل الشارع العربي وهمومه وملاحظاته التي يبديها حول الطريق أو حتى رصد الاقتراحات أو الأفكار التي قد يبديها وتكون سبباً في تعزيز مفهوم السلامة المرورية.
10- إجراء اللقاءات الدورية مع المسؤولين في أجهزة المرور العربية وتسهيل تبادل الخبرات بينهم للارتقاء بمستوى الأداء المروري في الأجهزة المعنية وكذلك عرض توجيهاتهم ونصائحهم لمستخدم الطريق بما يحقق سلامته.
برامج أسرية هادفة
11-إجراء لقاءات على الهواء مباشرة (أو حتى عن طريق التسجيل المسبق ثم عرضها لاحقاً) مع أفراد المرور الميدانيين في مختلف أنحاء العالم العربي سواء أكانوا يمتطون سيارات أو دراجات نارية أو كانوا راجلين وبيان ما يواجهونه في الطريق من حوادث أو مخالفات مرورية يرتكبها البعض ونقل أرائهم ونصائحهم لقادة المركبات والدراجات النارية والمشاة لتأمين سلامتهم على الطريق وكذلك استشعار ما يجدونه من معاناة أثناء أداء أعمالهم الميدانية ومن ثم تبادل هذه الخبرات والتجارب مع بعضهم البعض ولعل هذه فرصة سانحة لكبار المسؤولين في أجهزة المرور لكي يطلعوا عن كثب عما يحدث في الطريق.
12-التغطية المستمرة لموضوع قطع الغيار المقلدة وبيان خطورة استخدامها وكذلك بيان أهمية إجراء الصيانة الدورية للمركبة وعلاقة ذلك في الحفاظ على سلامة قائد المركبة ومرافقيه ومستخدم الطريق.
13-التذكير دائماً بخطورة قيادة المراهقين وصغار السن للسيارات وذلك ضمن برامج أسرية هادفة وباستضافة نخبة من الخبراء في السلامة المرورية وعلم الاجتماع.
14-عمل زيارات دورية للمدارس والجامعات لترسيخ مفهوم السلامة المرورية بين الطلاب الشباب الذين يشكلون النسبة الكبرى من شريحة السكان في العالم العربي وإجراء المقابلات معهم لتعزيز الصورة النمطية الصحيحة لمبدأ السلامة المرورية.
15-ترسيخ مفهوم دور وسائل النقل العام في الحد من الحوادث والاختناقات المرورية وتلوث البيئة.
برامج وثائقية بيئية
16-بيان أهمية الحفاظ على البيئة (برامج وثائقية) ومن ذلك صيانة السيارة بشكل دوري خاصة أجهزة العادم فيها وكذلك المحافظة على البيئة خارج الطريق: في الصحاري والجبال.
17-استعراض فن قيادة المركبات والشاحنات والدراجات النارية في مختلف أنواع التضاريس والظروف الجوية أو أثناء الظروف البيئية القاسية: فيضانات، أعاصير..الخ بما يحقق السلامة لمرتادي الطريق.
18-توجيهات ونصائح للسلامة المرورية: كبيان خطورة الحمولة الزائدة على المركبة أو عدم اختيار الإطار المناسب أو كيفية التصرف في حالات معينة كإنفجار الإطار مثلاً..الخ
19-تغطية المعارض الدولية للسيارات وما تكشفه كل عام صناعة السيارات والإطارات من تقنيات تهدف إلى تحقيق السلامة سواء لقائد المركبة أو المشاة.
20-عرض قصة صناعة السيارات ودروس مهنية في كيفية عمل السيارات والدراجات النارية والوسائد الهوائية..الخ
21-إجراء لقاءات مع مسؤولين في شركات تأمين السيارات تتعلق بالتأمين على المركبات ونحو ذلك.
22-إجراء المسابقات المرورية (برعاية القطاع الخاص) بما يشجع على استقطاب المزيد من المشاهدين.
خاتمة
إن ما سبق استعراضه من نقاط يعتبر غيض من فيض ولا أريد الإطالة أكثر من ذلك فالفكرة أصبحت واضحة الآن كما أن تنفيذها ليس بالمحال وهي في نهاية المطاف تصب في صالح الجميع فهل يا ترى نرى فضائية مرورية عربية في المستقبل القريب؟
