تزدحم السيارات في الطرقات قبل الإفطار بربع إلى ثلث ساعة بشكل لافت للنظر ويعيبها قادة هذه المراكب حالة من الهيجان والارتباك.. وانظر إلى بعض قسمات الوجوه لترى نزعات الغضب والأرق - والخوف - والتوتر - والاستعجال - تتصبب من بين العينين.

انطلاق بسرعة الضوء.. إقفال لباب السيارة بكل قوة ركض وهرولة وسباق اختراق الشوارع إلى البقالات لإحضار القشطة أو الخبز أو اللبن أو بقايا من لحم وعظم.. استنزاف للطاقات ، إرهاق للصغار مضاربات على قارعة الطريق. سب وشتم ولعن وتقبيح - انتظار لساعة الانقضاض على الموائد.. محاولة للدوران في الشوارع تقضى به هذه الدقائق التي تطول وتطول كأنها نهار كامل - لو رأيت الناس قبل الإفطار لتأكد لديك أن هناك حالة استنفار رهيبة ويصاحب هذه الأحداث كثير من الحوادث المرورية الفظيعة وكأن الناس مقدمون على حرب الظروس والآيادي، وأن هناك عدة هائلة وترقباً كبيراً لتلك اللحظة التي يدوي فيها صوت الأذان الله أكبر من كل هذا الكون وساكنيه - الله أكبر .. سكون القلوب لربها وراحة النفوس لخالقها الله اكبر من ركام الهموم والعناد والبؤس والنقر والشقاء الله اكبر.. من مكر الماكرين ودهاء السارقين العابثين يرد حانيه رمضان وجماله وجلالة لن تجد بعد هذا النداء الخالد سيارة تجوب لأن الجميع أمام موائد يلفها الحب والوفاء والرحمة الجميع هدأت أعصابه واطمئنت نفسه وخضع أخيراً لربه. يا ليتنا نعيل هذه اللحظات إلى تصحيح لكثير من أخطائنا تجاوزاتنا وهفواتنا كم نحن بحاجة أن نستغل تلك اللحظات الرائعة من شهر الصيام.. إنني أدعو أحبابي الشباب والشابات.. أن نتوقف قليلاً مع روعة هذا الشهر وجماله وجلاله لعل الله أن يغمرنا برحمة منه وفضل.

إشارة:

قال صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).