أفرز التقدم العلمي والتقني الذي تحقق لإنسان هذا القرن وما تبعه من تحولات كبرى في أسلوب حياته وأنماطه السلوكية والاستهلاكية، العديد من الظواهر التي باتت تؤثر سلباً على سلامته وإنجازاته وعلى البيئة من حوله.
وتأتي في مقدمة تلك الظواهر المسألة المرورية التي صارت تمثل أبرز مشكلات عصرنا الحاضر، وهي ظاهرة ذات بعدين يتمثل أولهما في مجمل القضايا المرورية والبيئية والاقتصادية والسكانية التي برزت كنتيجة للزيادة في نسبة امتلاك الإنسان للمركبات ذات المحركات بشكل عام والسيارة بوجه خاص.
أما ثانيهما ففي الحاجة إلى توفير سبل النقل الآمنة والاقتصادية لقطاعات عريضة من السكان لا تؤهلها إمكانياتها المادية أو ظروفها الخاصة كالإعاقة أو عامل السن مثلا لاقتناء تلك الوسيلة أو قيادتها.
ومن هنا يبرز دور النقل العام بالحافلات ذو الارتباط المباشر بالنشاط الحضري والأجرة المخفضة، بالقدر الذي يجعله متاحاً لكافة قطاعات المجتمع ولتوفر مقومات السلامة المرورية به.
ونشير هنا أن المملكة العربية السعودية لم تكن بمعزل عن المشكلات المرورية، خاصة في ظل توفر كافة العوامل المعينة على امتلاك السيارة الخاصة كارتفاع دخل الفرد وتسهيلات الدفع والإعفاءات الجمركية والضريبية، علاوة على اكتمال معظم مشروعات البنية التحتية والمتمثلة في شبكات الطرق والجسور والأنفاق الحديثة، الأمر الذي هيأ للإنسان السعودي ظروفاً مثالية للتوسع في استخدام تلك الوسيلة الخاصة.. بيد أن الإحصاءات المرورية تنبئ بتفاقم الظواهر السلبية المنوه عنها.
يقول د. عبدالعزيز العوهلي: على الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها سلطات المرور وجهات الاختصاص الأخرى فقد زادت الحوادث المرورية وزادت معها الخسائر البشرية والمادية كما تزايدت أعداد السيارات.
لقد اكتظت بالتالي شوارع المدن إلى الحد الذي انخفض معه سرعة السير بشكل ملحوظ خصوصاً بمراكز المدن وأماكن الجذب فيها، الأمر الذي يؤدي إلى إهدار وقت إنتاجي ثمين للمجتمع هو أحوج ما يكون إليه، علاوة على التلوث البيئي وما ينجم عنه من مضار عديدة.