أصدرت شركة دو بونت الأمريكية العملاقة أكبر منتج للدهانات وطلاء السيارات في العالم نتائج مسحها السنوي عن أكثر ألوان السيارات شعبية العام الماضي باعتبارها مؤشرا قويا على اتجاهات الذوق العام في دنيا السيارات.

وقالت الشركة: إن اللون الفضي الذي احتفظ بعرش ألوان السيارات لسنوات عديدة فقد العرش لصالح اللون الأبيض الذي تربع على القمة لأول مرة في تاريخ صناعة السيارات.

وتشير دراسة شركة دي بونت إلى أنه في أمريكا الشمالية كانت 19 في المئة من السيارات التي تم إنتاجها العام الماضي إما باللون الأبيض أو باللون الأبيض المشوب بدرجة لونية أخرى. في حين كانت 18% من السيارات باللون الفضي و16% باللون الأسود بما في ذلك السيارات ذات اللون الأسود المعدني (الميتاليك).

ولم يقتصر انتشار اللون الأبيض على سوق السيارات في أمريكا الشمالية فقط وإنما غزا أيضا أسواق العالم الأخرى بما في ذلك اليابان والمكسيك.

في الوقت نفسه فإن اللون الأسود تربع على عرش ألوان السيارات في أوروبا خلال العام الماضي وبفارق كبير عن الألوان التي تأتي في المراكز التالية.

الأسود ثانياً

وتشير الأرقام إلى أن حضور اللون الأبيض في قطاع السيارات الفارهة كان أبرز وأوضح حيث استحوذ هذا اللون على 22% من السيارات الفارهة التي تم إنتاجها في أمريكا الشمالية العام الماضي، وفي المركز الثاني وبفارق ضئيل جاء اللون الأسود ثم اللون الفضي الذي استحوذ على 20% من عدد السيارات الجديدة.

وقال ريك سترايمان المتحدث باسم شركة دو بونت: إن هذه البيانات تعتمد على سؤال الشركات المنتجة التي تتعامل مع دو بونت في مجال طلاء السيارات وغيرها من المصادر ذات الصلة بهذه الصناعة.

وكما يقول لياتريس أيزمان مدير معهد ألوان دو بونت: إن اللون الأبيض ينتشر ويكتسب شعبية كل يوم ليس فقط في عالم السيارات وإنما أيضا في طلاء المنازل والأزياء والأجهزة المنزلية والتصميمات الصناعية.

أما مركز أبحاث (باور إنفورمشن نتورك) أو شبكة معلومات القوى التابع لمجموعة جيه.دي باور أند أسوشيتس لدراسات السوق فقد أكد أن اللون الأبيض كان الأكثر تفضيلا لمشتري سيارات فورد وشيفورليه بالسوق الأمريكية في حين كان اللون المفضل لدى مشتري سيارات دودج هو اللون الأحمر.. أما مشترو سيارات بي إم دبليو وكاديلك ولكزس ومرسيدس بنز فكانوا أشد انجذابا إلى اللون الأسود في الوقت نفسه قال جون فولكونوفيتش الخبير في مؤسسة جلوبال إنسايت لدراسات السوق إن اللون الأبيض استحوذ على الجزء الأكبر من مشتريات الشركات أو المؤسسات التي تكون ما يعرف باسم أسطول سياراتها التي تستخدم على نطاق تجاري مثل شركات الطاقة أو شركات تأجير السيارات.

الفضي باقٍ

ورغم الانتصار الكبير الذي حققه اللون الأبيض العام الماضي فإن الخبراء يتوقعون استمرار سيطرة اللون الفضي على الطرقات لسنوات قليلة مقبلة في ظل الإقبال القوي نسبيا على هذا اللون حاليا والأعداد الكبيرة من السيارات التي تحمل اللون وتم بيعها خلال السنوات القليلة الماضية.

يقول كارين سورسينا مدير تسويق وتكنولوجيا الألوان في دو بونت (في ضوء الشعبية الكبيرة للون الفضي في السنوات السبع الماضية واستمرار هذه الشعبية نسبيا يمكن أن نتوقع رؤية عدد كبير من السيارات ذات اللون الفضي على الطرقات خلال السنوات القليلة المقبلة).

ففي ضوء أن العمر الافتراضي للسيارة يبلغ 13 عاما وفقا لتقديرات وزارة النقل الأمريكية يمكن القول: إن اللون الفضي يحتاج إلى 10 سنوات حتى يفقد مكانته المسيطرة على الطرقات بشرط استمرار تراجع شعبيته.

يقول سورسينا (عندما ظهر اللون الفضي في الأسواق لأول مرة في منتصف التسعينيات كان لونا يعتمد على تكنولوجيا متقدمة للغاية لذلك جذب اهتمام الناس الذين يتطلعون إلى المستقبل والتكنولوجيا الحديثة).. وبمرور الوقت أصبح اللون الفضي بالنسبة لمشتري السيارات هو (اللون الآمن) الذي يضمن سهولة بيع السيارة بعد ذلك إذا دعت الضرورة.

عمر إضافي

ويتوقع الخبراء استمرار شعبية اللون الأبيض خلال السنوات المقبلة بفضل التطور المذهل الذي حققته صناعة البويات والطلاء مما أتاح إضافة الجزيئات اللامعة إلى الأسطح البيضاء لإضفاء بعد جمالي جديد على هذا اللون وهو ما يعطي هذا اللون عمرا إضافيا في عالم السيارات.

يقول كريستوفر لي خبير صناعة السيارات في مركز باور إنفورمشن نتورك: إن الكثيرين من مشتري السيارات يختارون دائما الألوان ذات الشعبية الواضحة باعتبارها (خيارات آمنة) تجعل من السهل عليهم بيع السيارة إذا دعت الحاجة لذلك.

ويوصي كريستوفر مشتري السيارات حاليا بشراء اللون الأبيض إلى جانب اللونين الأسود والفضي باعتبارها ملوك الألوان.

ويشير إلى أن التقنيات الحديثة في صناعة مواد الطلاء والتنظيف والتلميع ساهمت في زيادة شعبية اللون الأبيض حيث كان العملاء يبتعدون عنه بسبب القلق من صعوبة تنظيف هذا اللون والحفاظ على بريقه خاصة وأن اللون الأبيض كان من الألوان التي تتأثر بالظروف المناخية بصورة أكبر من الألوان الأخرى.

بني وأخضر

الغريب أن اللون الفضي بدأ يفقد عرشه في دنيا السيارات رغم الدراسة التي أعدتها جامعة أوكلاند بنيوزيلندا حول العلاقة بين لون السيارة واحتمالات تعرضها للحوادث.

حيث قام باحثو الجامعة بدراسة خطر الإصابة الناجمة من حوادث السيارات على 1000 سائق ما بين سنة 1988 - 1999م حيث أظهرت أن السيارة ذات اللون الفضي أقل بحوالي 50% من السيارات ذات الألوان الأخرى نسبة إلى احتمال الدخول في حادثة تؤدي إلى إصابات جسيمة، وأظهرت الدراسة أن أكثر الألوان الداخلة في حوادث هي ألوان البني, الأسود, الأخضر. في حين أن الألوان الأبيض, الأصفر, الرمادي, الأحمر, الأزرق في منتصف القائمة بنسب متساوية.

ويبدو أن عشاق السيارات لم يتوقفوا كثيرا عند نتائج هذه الدراسة التي اتفق الخبراء على أن نتائجها كانت مفاجئة وفي الوقت نفسه فإنها غير مبررة بشكل علمي لذلك تحول المشترون إلى اللون الأبيض باعتباره اللون المفضل لسيارة المستقبل.

ويقول الخبراء: إن اختيار اللون ليس مجرد مسألة جمالية ولا تعبيرا عن ذوق أو تفضيلات المشتري ولكن الأمر يرتبط أيضا بجوانب اقتصادية حيث إن اختيار الألوان الأكثر شعبية يعني احتفاظ السيارة بقيمتها المادية لفترة أطول حيث إن سعر السيارة ذات اللون الأكثر شعبية يكون أعلى من ذات الألوان الأخرى عند إعادة بيعها في سوق السيارات المستعملة.