د. صالح بن عبد الله الحمد

القيادة فن وذوق وأخلاق هكذا يقال، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، ولكننا وللأسف الشديد نشاهد أناساً كثيرين يقودون سيارتهم وهم منشغلون بغير القيادة فتارة ينظرون يميناً وشمالاً وتارة يتحدثون مع من بجانبهم أو خلفهم ويحركون أياديهم وكأنهم يلعبون كرة الطائرة وأحياناً يتحدثون بالهاتف الجوال وهؤلاء هم الأكثرية، أما الطامة الكبرى فحينما ترى أحدهم وهو يقرأ إحدى الصُّحف والمجلات، ومرة أخرى تجد البعض سارحاً في شؤون دنياه وتفكيراته، بل وأحلامه الكثيرة وتخطيطاته وكأنه لم يجد وقتاً غير هذا الوقت، ناهيك عمن يقوم برفع رجليه فوق الطبلون متخذاً السيارة ومقودها مكاناً فارهاً للراحة وكأنه غير مكلف بقيادتها.. وكثير من الحوادث وللأسف تحدث نتيجة انشغال السائق بما ذكرت أو أشياء أخرى ربما لم أذكرها في هذه المقالة العاجلة. إن الحذر والاهتمام أثناء القيادة مطلبان مهمان وكبيران من متطلبات السلامة وجعل جلَّ تفكيرك وحواسك في القيادة فقط فلا تنظر لمن حولك من اليمين واليسار، أثناء الوقوف عند الإشارة والمنعطفات، ولا تتحدث بالهاتف أو ترد على المتصل مطلقاً ولا تقرأ المجلات والصُّحف ولا تتحدث مع من بجانبك أو خلفك، إنك إذا فعلت ذلك فلا شك أنك مخطئ وخالفت الأنظمة والتعليمات، بل ولربما يحدث لك حادث فتتضرر منه أو يتضرر منه غيرك وهذه هي الكارثة، إنك إذا فعلت ذلك فلربما يكون فعلك هذا ليس خطأ، بل ربما يكون متعمداً وهنا تدخل في متاهات العقوبة من الله سبحانه وتعالى ولربما أيضاً أن يكون فعلك هذا متعمداً ومن هنا تنطبق عليك الآيات التي تحذر عن القتل العمد والتي بسببها يحصل لك الإثم والعقاب من الله سبحانه وتعالى، إن الأنظمة والتعليمات بخصوص القيادة كلها تحذر وتمنع الوقوع في مثل هذه الأشياء التي ذكرتها آنفاً، إنك إذا فعلتها فقد عصيت ولي الأمر الذي قد أوضح لك أن مثل هذه الأشياء خطأ ولها سلبيات كثيرة وإذا عصيت ولي الأمر في شيء هو في صالحك فقد دخلت أيضاً في مشكلة المعصية حيث يقول الله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. ودعونا نتحدث عن هذه السلبيات بهدوء تام، ما الهدف من فعل مثل ذلك؟ وما حاجتك في الالتفات يميناً وشمالاً أثناء القيادة؟ وحتى القراءة هل لا يوجد لديك وقت للقراءة إلا أثناء القيادة؟ وقس على ذلك كافة الأخطاء الأخرى التي تفعلها أثناء القيادة. إن التركيز أثناء القيادة والاهتمام بعجلة القيادة والنظر إلى الأمام ومتابعة الطريق من الخلف عبر مرآة السيارة وجعل كافة حواسك مجتمعة على هذا الأساس لتكون بمشيئة الله تعالى يقظاً ومنتبهاً لما سيحدث وحتى لا تفاجأ بأي شيء يحدث لك فجأة وعند ذلك لا تستطيع السيطرة على السيارة وقيادتها، إنني في هذه العجالة أحث إخواني قائدي السيارات والمركبات جميعاً بالانتباه واليقظة والحذر وعدم الانشغال والتفكير بأي شيء، والتركيز فقط على القيادة وكفى حتى يصل كل فرد بمشيئة الله تعالى إلى المكان الذي يرغب الوصول إليه بيسر وسهولة وأمن وأمان، وليكن ذلك ديدن كل فرد سائق في كل لحظة وزمان ومكان وليتخذ الحذر واليقظة نبراساً له في كل شيء لاسيما في القيادة كفانا الله وإياكم شر الحوادث ورزقنا قيادة آمنة مطمئنة، وأوصلنا إلى الأماكن التي نرغب الوصول إليها سالمين آمنين.