إن تخطيط المدن هو علم وفن، يُعنى بكل ما يتعلّق بتخطيط وتصميم وتنظيم البيئة المنشأة من قِبل الإنسان، خاصة بيئته الحضرية، شاملة الأبنية والطرق والممرات والفضاءات المفتوحة في المدينة وكذلك العلاقة الحسية والتأثيرية للفعاليات البشرية وخاصة الحركة والانتقال بالوسائل المختلفة. إذن، فلهذا الجانب علاقة وثيقة بدراسة حوادث المرور، على المدى البعيد، وذلك بالإضافة للعوامل الأخرى المتعلّقة بالطريق وبمستخدميه وبصلاحية السيارة والظروف المناخية.

يقول د. عبد السلام فرمان: من المعلوم أن زيادة كثافة حركة المرور ترجع لعوامل رئيسة منها:

1- الزيادة الكبيرة في حجم السكان.

2- ظاهرة التضخم السكاني في المدن الكبيرة.

3- الارتفاع الحاصل بنسبة ملكية السيارة.

4- ارتفاع نسبة استخدام السيارة.

إن المدن المتطورة منذ مئات السنين نتيجة متطلبات عصرها، أصبحت حالياً تقاسي من الاختناقات المرورية، وصعوبة الحركة وكثرة الحوادث المرورية.

وكثيراً ما تضطر تلك المدن للقبول بأنصاف الحلول، لصعوبة تطويع النسيج العمراني لحل المشكلة.

ولكن، لماذا تتم التوسعات الكبيرة والمشروعات الضخمة في مدننا الحديثة بنفس الأسلوب السابق؟ وبذلك نستعجل المشاكل المرورية من تعارضات الحركة، فنضطر لقبول أنصاف الحلول على سبيل المثال، نسمح بانتشار المحلات التجارية بالامتداد على جانبي الطريق الرئيس فتوجد الرغبة في العبور الكثيف على طول الطريق وبعدها نضع جسوراً للمشاة لا تصلح لحل مثل هذه المشكلة، ومن ثم نضع الأسيجة لمنع العبور، إلا على الجسر منعاً للحوادث.

يظهر مما سبق أن هناك خللاً في بعض جوانب تصميم البيئة الحضرية، وهي الوعاء لكل أنواع الانتقال والمرور، وهذا أمر طبيعي في أغلب بلدان العالم التي تمر بطفرة اقتصادية واجتماعية وعمرانية، ولكن ينبغي أن لا تستمر بدون معالجة على الأمدين القصير والبعيد، إن كنا نرغب جدياً في تحسين بيئة الإنسان في المدينة. وهذا - طبعاً - يتم بالرؤى التخطيطية الطموحة والإبداع عند التعامل مع المفاهيم التصميمية، وذلك من خلال تطوير الأنظمة والقوانين وأجهزة المراقبة والمتابعة، وتنشيط التنسيق بين الجهات المعنية بشكل فعَّال.