Car Magazine Wednesday  18/03/2009 G Issue 99

الاربعاء 21 ,ربيع الاول 1430   العدد  99

 

 

في هذا العدد

 

أقلام

 
ما سبب هذا التفويت..؟
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

في درس إنشائي عن أنظمة المرور، خطرت لي فكرة رسم إشارة مرورية كإضافة لبعض الوسائل المعينة على شرح الدرس للطلاب. وبعد جهد جهيد وتفنن في رسم دوائر ألوان الإشارة، وعمودها، وعند الانتهاء من تلوينها سمعت ضحكات خافتة من بعض الطلاب، فظننت أول الأمر أنها على رداءة رسمي أو على كثرة مامسحت وأعدت.. لكن بعد وضع الأقلام ومحاولتي البدء بالدرس، أشار طالب بحركة التبديل بيديه، ملمحاً لي إلى أن هناك مخالفة مرورية في الرسم.

وبالتركيز في الرسمة اكتشف الفقير إلى ربه أنه قد وضع اللون الأحمر القاني في الأسفل، والأخضر اليانع في الأعلى!! وليس الأمر خطأً عارضاً بل كان هناك يقين أن هذا الترتيب صحيح. فصححت الخطأ مع امتصاص استنكار الطلاب بأن هذا الخطأ مرده إلى إرهاق وتعب ونسيان فقط!! ثم ما لبثت أن ألقيت سؤالاً على بعض الأصدقاء والزملاء:

اللون الأحمر في إشارة المرور في أسفل أم أعلى الإشارة؟

فحمدت الله عز وجل حمداً كثيراً أنني لم أكن الوحيد الذي أخطأ في ذلك، فلقد أخطأ العديد ممن سألتهم الخطأ نفسه الذي وقعت فيه! هنا أسأل نفسي وأسأل القارئ الكريم:

ما سبب نسياننا لشكل أو ترتيب ألوان إشارة نقف عندها ونمُر بها وتشخص إليها أبصارنا في اليوم والليلة عشر مرات كحد أدنى؟.

إجابات مختلفة على هذا التساؤل من أفراد مختلفي الوظائف، منها:

الضغوط التي يواجهها المرء في بيته من تربية ومتابعة، وفي محيطه الاجتماعي، وفي عمله، وحتى في الشوارع والطرق في تنقله من مكان لآخر، وهذه ترهق المرء جسدياً ونفسياً من حيث يشعر ولا يشعر.

ومن هذه التعليلات: أننا قد بُرمِجنا على التوقف عند الأحمر والانطلاق عند الأخضر دون تركيز على موقعهما من الإشارة!.

ومرة أرى تفسيراً فلسفياً لهذه المسألة وهو أن اللون الأخضر رمز الرخاء والرغد من الطبيعي أن يكون فوق الأحمر الدموي!! وتتعدد التفسيرات والتعليلات لهذه الظاهرة وفيها العقلاني والمنطقي وفيها البعيد عن ذلك، ولكن هل خطأ أو (تفويت) البعض يقف عند هذا الأمر؟ بالتأكيد لا، لأننا سمعنا عن الذي يسأل عن مفتاح سيارته وهو في يده.

ومن ذلك مَن قال إنه قد ذهب بأهله إلى سوق, وذهب إلى مشوار قريب وقصير، ثم تتابعت (المشاوير) حتى أنهى رحلته المكوكية بالذهاب إلى استراحة، ولم يَرِد الأهل والسوق على فكره إلا عندما اتصلت الزوجة تستنجد به، وتخبره أن السوق على وشك أن تُغلق كافة محلاته!!

وإن كان المثال السابق كارثي فإن الآتي ظريف، وهو ماحدث لأحد الأصدقاء عندما استيقظ ذات ليلة وألقى نظرة على الساعة فقفز وتوضأ على عجل حتى لا تفوته الركعة الأولى من صلاة الفجر. وعندما وصل إلى المسجد رأى باب المسجد مغلقاً، فألقى نظرة على ساعته وإذا أذان الفجر قد بقي عليه ساعة كاملة، فرجع إلى البيت وكله أمل أن يجد خللاً في ساعة المنبه، ولكنه وجدها سليمة، فابتسم دون محاولة تحديد الخلل!

فلكل مَن يبحث في أسباب هذه التفويتات وغيرها أوجه له حلاً قاله قبل سبعمائة سنة تقريباً الشاعر الطبيب المؤرخ ابن خاتمة الأندلسي:

إذا ما أجَلتَ الفِكرَ في مَطلبٍ فلمْ

تجدْ حِيلةً فِيهِ فذرهُ بحالِهِ

فلليأس عن إدراكِ ما عَزَّ نَيلهُ

عَلى القلبِ بَرْدٌ مثل بَرْدِ مَنالِهِ

Al-boraidi@hotmail.com

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة


 
 
 
بريدنا الإلكتروني
 
البحث
 
أرشيف الأعداد الأسبوعية
 
صفحات العدد
خدمات الجزيرة
بريدنا الإلكتروني
اصدارات الجزيرة