Car Magazine Wednesday  25/03/2009 G Issue 100

الاربعاء 28 ,ربيع الاول 1430   العدد  100

 

 

في هذا العدد

 

أقلام

 
مدارس تعليم القيادة والجانب المفقود
د. محمد بن شديد البشري (*)

قبل أيام ليست بالكثيرة مررت بجوار مدرسة تعليم القيادة فتذكرت الأيام الخوالي التي قضيتها داخل تلك المدرسة من أجل الحصول على شهادة تؤهلني للحصول على رخصة القيادة؛ لأنه كان من ضمن شروط الحصول على رخصة القيادة وقتذاك اجتياز دورة تدريبية في تعليم القيادة لا تقل مدتها بدون الاختبارات عن واحد وعشرين يوما فقد تعرفنا وقتها على مبادئ الميكانيكا الخاصة في المركبة إضافة إلى الدورة الكهربائية وتعرفنا على دلائل إشارات المرور ومغازيها فضلا عن أسلوب القيادة داخل الأحياء وفي الطرق السريعة وتدربنا على (التلبيقة) التي كنا نتقنها قبل دخول الدورة، وربما أن أصل كلمة (التلبيقة) مأخوذ من اللباقة فهل في قيادتنا لباقة؟

تأملت ما درسنا وما دربنا عليه فوجدته يعتمد على جانبين فقط هما الجانب المعرفي المتعلق بالأمور النظرية والجانب الآخر وهو الجانب المهاري وهو التطبيق العملي للقيادة وهذا لا زال يطبق إلى اليوم في مدارس تعليم القيادة على الرغم من تقليص المدة المخصصة للدورة فهي اليوم للأسف الشديد لا تتعدى ساعات معدودة.

والأصل أن تعليم قيادة السيارة لا بد أن يرتكز على ثلاثة جوانب رئيسة هما الجانب المعرفي والجانب العملي والجانب القيمي والجانب الأخير يا للحسرة مهمل تماما ولا يلتفت له في مدارس تعليم القيادة.

الجانب القيمي يا سادة يا كرام ركن أساس في تعليم القيادة وهو يشمل أخلاقيات القيادة مثل ثقافة الوقوف في المواقف الخاصة بالسيارات والوقوف عند إشارات المرور وإفساح الطريق وعدم إيذاء المارة وعدم مضايقة الجيران وعدم الإساءة إلى الآخرين من خلال المركبة مثل وضع الشعارات القبلية المقيتة والملصقات المقززة وارتفاع صوت جهاز التسجيل وعدم التفحيط والسرعة المهلكة والمحافظة على مركبات الغير مثل المركبات المعدة للتأجير وغيرها من القيم التي تكاد تكون مفقودة عند بعض قائدي المركبات وبالذات الشباب منهم الذين لا تنقصهم المعرفة ولا تنقصهم المهارة وإنما تنقصهم أخلاقيات القيادة التي بفقدها تتم الإساءة إلى الذات أولاً وإلى المجتمع الذي ينتمي إليه ذلكم المسيء في قيادته ثانياً.

ومن أبرز الأمثلة الشائعة في فقدان القيم المتعلقة في أخلاقيات القيادة التي يقع فيها الصغير والكبير المتعلم وغير المتعلم المتدين وغير المتدين ثقافة الوقوف أمام الأسواق التجارية وأمام الدوائر الحكومية وفي مواقف المدارس والجامعات بل وحتى أمام المساجد أيضا فتجد بعض قادة المركبات يركنها بدون وعي وبدون مراعاة لغيره، فتراه حينما يجد مكانا فارغا يركنها بدون أدنى تفكير وبدون أدنى مسؤولية فقد يكون المكان مخصصا للمقعدين وقد يكون الموقف خاصا وقد يكون الموقف يقطع الطريق على الآخرين وقد يكون المكان الذي وقف به قائد المركبة مخصصا للمشاة وقد يكون قائد المركبة أوقفها بشكل عرضي والمواقف مصممة بشكل طولي وقد يكون أوقفها في مكان مخصص لمركبتين وهذا يحدث بنقص الوعي تارة وبعدم التدريب تارة وبالأنانية المفرطة تارة أخرى.

والأدهى والأمر حينما ترتكب هذه التجاوزات عند المساجد فكيف يأتي الرجل إلى عبادة وهو يسيء بطريقة وقوفه إلى عباده!؟

والمتأمل ما يحدث عند الجوامع الكبيرة التي يرتادها كثير من الناس يجد التجاوزات الخطيرة بل قل المآسي التي تحدث بعد انتهاء الصلاة فهذا أوقفها في طريق المشاة وذاك أوقفها أمام كراج أحد البيوت المجاورة للجامع وذاك أوقفها وسط الشارع المخصص للمشاة وذاك أوقفها في زاوية الشارع وذاك عطل آخرين بوقوفها بشكل عرضي أمام مركباتهم؛ لأنه لا زال يتسوق من - البسطات - التي أمام المسجد، وذاك ترك سيارته وسط الشارع الرئيس وذهب إلى المقبرة فهو لن يعود إلا قبيل العصر وخطيب الجمعة جزاه الله خيرا لم ولا يتناول في خطبه مثل هذه القضايا التي نحتاج إلى التعمق فيها وتناولها فتراه غالبا ما يتناول في خطبته مواضيع مكرورة.

اننا بحاجة إلى تعليم أخلاقيات قيادة المركبة داخل مدارس تعليم القيادة وبحاجة أيضا إلى تضمين هذه الأخلاقيات في المناهج التعليمية والمناشط الصفية كما أن وسائل الإعلام مطالبة أيضا في توعية قائدي المركبات بهذه الأخلاقيات فنحن في مجتمع مسلم وينبغي أن تنعكس أخلاقياتنا الإسلامية في قيادتنا لمركباتنا.

كما أن خطباء المساجد لهم دور أيضاً في توعية الناس وفي تأصيل هذه القضية في خطبهم كما أن لهم دوراً أيضاً في تناول القضايا التي تتعلق بالمعاملات والتأكيد عليها؛ لأن الدين المعاملة وكما لك حق فللآخرين حقوق..

(*) عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود albashri@yahoo.com

الصفحة الرئيسية

رجوع

حفظ

طباعة


 
 
 
بريدنا الإلكتروني
 
البحث
 
أرشيف الأعداد الأسبوعية
 
صفحات العدد
خدمات الجزيرة
بريدنا الإلكتروني
اصدارات الجزيرة