الفنان حالة استثنائية، فهو شخص ذو طبيعة خاصة وحساسية نلمسها في تصرُّفاته عامة، فهو - ونقصد جميع الفنانين - منهج حياتي وبصمة لا تتكرر يمثل نفسه فقط بكلِّ تناقضات الذات المبدعة وحيويتها وفرادتها وتوثبها وأحياناً انكفائها على نفسها وانطوائيتها.
لذلك فهو دائماً محط الأنظار حتى في أبسط تصرفاته ومظهره .. في الإطار نفسه تندرج سيارته فهي مثار تعليقات المعجبين وأحياناً تعلُّقهم، فهي تعبير عن ذائقته، وربما أفصحت عن جانب من شخصيته يكتنفه الغموض ويسعى محبوه لسبر أغواره..
فالاختيار موقف .. موقف يعبر عن الفنان وعن نواحٍ قصيّة في نفسه.
وعلى مستوى أكثر عمقاً فإنّ للألوان مثلاً دلالاتها عند المهتمين بالجوانب النفسية، لكن على مستوى أولي وبسيط فإنّ سيارة الإنسان - أي إنسان - هي تعبير عنه ولافتة يمكن من خلالها قراءته.
بقي أنّنا سنحاول في كلِّ عدد قراءة أحد نجومنا من خلال سيارته.
^
خالد عبدالرحمن، فنان منذ ظهوره لفت إليه الأنظار باعتباره ابناً للبلد بكل ما تحمل الكلمة من معاني فطريقته وأغانيه بل وحتى وثيقة علاقة بهذه الأرض، فيها نبت ومنها يستقي كثيراً من معانيها.
هذه هي المعاني التي شكلته وعنها يصدر ويعبر تستطيع أن تتتبع كل خطوط حياته لتجدها تؤدي في النهاية إلى نقطة واحدة هي الأصالة.
فإذا توجهت بالسؤال إلى أي فرد من هذا الشعب بالسؤال البسيط التالي: ماذا تتوقع أن يكون نوع سيارة الفنان خالد عبدالرحمن؟ فأخال أنه سيجيب بكل بساطة: جيب.
ربما يقول البعض أن هذا الحديث فيه تعسف لكن دعونا نحسبها ببساطة لنجعل هذه الإجابة المفترضة أقرب إلى حيز الواقعية والمنطق.
أي لنسأل السؤال التالي: ما الرابط (المفترض) الذي بنينا عليه العلاقة التي زعمنا بين خالد والجيب.
نستطيع ببساطة أن نقول: الصحراء، فهي التي تقف في وجه العربي تحدياً ووعورة ودعوة له باقتحامها، وخالد كأي عربي أصيل من عشاق اقتحام الصحراء وأحد فرسانها الشغوفين بأسرارها والجيب هي (مطية) الصحراء في العصر الحديث.
فكل عربي وبلا شك مهتم بامتطاء وامتلاك هذه الوسيلة الحديثة القادرة على التعامل مع الصحراء وسبر أغوارها.
ثم ملمح ثانٍ يتبدى في التواضع في كلٍ منهما، قد عرف عن الفنان خالد عبدالرحمن تواضعه وبساطته مما يجعل محبيه أكثر التصاقاً به، فحميمية العلاقة بين الفنان ومعجبيه تكون دائماً نتاج خصال يتمتع بها هو وليس معجبوه باعتبار أنهم في العادة يتوزعون على شرائح مجتمعية عديدة، إذن فهو منبع هذه الحميمية.... عشاق الجيب - عادة - هم الأكثر علاقة بسياراتهم، نقول ذلك متكئين على أسباب اقتنائها المتمثلة على الدوام في أسباب موضوعية كحب الصيد والقنص واقتحام المجهول، وهي دوافع نفسية (بحتة) أو لنقل عاطفية تتعلق بالهواية.
على معنى غير بعيد فإن السيارة الجيب على فخامتها فإن فيها من البساطة والتواضع ما لا يخفى؛ فهي ليست السيارة التي تتقدم مثيلاتها اعتماداً على مقومات خارجية وشكلية، بل وكأنها لا تهتم بذلك أو تتجاوزه لتجعل من العملية وقوة الأداء معياراً للمنافسة، وعلى طرف قريب يقف خالد عبدالرحمن الفنان الذي يعتمد أساليب فنية وإبداعية خالصة للمنافسة، فلا يخرج بها عن أطرها إلى حيز المفاخرات والشكليات.
فلا عجب أن نستطيع تصور العلاقة بين الاثنين حتى وإن لم تتوفر لنا المعلومة جاهزة دانية القطاف.
