Car Magazine Wednesday21/02/2007 G Issue 12
استطلاع
الاربعاء 3 ,صفر 1428 العدد12

شاشات في سياراتنا
ترفيه للأسرة أم ترويض لأطفالها؟

أمام المستوصف الطبي جلس أحد الأطفال الصغار وحيداً، وقد مد جسده الصغير على مقعد السيارة باسترخاء عجيب، وسلم نظره وعقله لشاشة أمام عينيه، يشاهد فيها أفلام الكرتون التي شغلته وأشغلت أهله عن مخاطرها الجسيمة على صحته الجسدية والعقلية والنفسية وأيضا الأمنية ببقائه وحيدا في الشارع ينتظر أهله.

شاشات في كل مكان تلاحق أطفالنا أينما ذهبوا في المنزل وفي مدينة الألعاب وحتى السيارة.. صار وجودها لازماً من لوازم الرفاهية والتطور التقني الهائل.. شاشات

ال DVD بدأت تغزو سياراتنا العائلية وتستحوذ على عقول وأفئدة فلذات أكبادنا.. فما السبب وراء انتشار شاشات الDVD في السيارات؟ وهل وجودها بات ضرورة لا نستطيع الاستغناء عنها؟ وماذا عن تأثيراتها الإيجابية والسلبية على أطفالنا؟..

إن كنت عزيزي القارئ قد ركبت تلك الشاشة السحرية في سيارتك، أو كنت تنوي شراء سيارة مزودة بشاشة DVD لا بد أن تقرأ هذا التحقيق قبل أن تسحر أطفالك بشاشة لن تستطيع الاستغناء عنها بسهولة فلا ينفع الندم بعد ذلك.

زيادة في الطلب

مدير المبيعات في محل لبيع السيارات الأستاذ سعد شرف الدين يرى أن الإقبال زاد على شراء السيارات المزودة بشاشات، فمقابل 100 سيارة مبيعة هناك 40 سيارة مزودة بشاشة قد بيعت، والطلب يكثر في السيارات العائلية مثل (لاندكروزر). وأسعارها تبدأ من 2000 ريال إلى 4000 آلاف تقريباً على سعر السيارة الأصلي، وهناك بعض السيارات التي لا تتوافر بها شاشات الدي في دي ويطلب منا أصحابها قبل تسلمها تزويدها بشاشة، فنقوم بتركيب دي في دي للبلايستيشن.

السيد مجدي ماهر من محل الشبكة الثلاثية المتخصص بتركيب الشاشات يقول: (هناك تزايد ملحوظ على تركيب شاشات الدي في دي في السيارات العائلية وخلال المواسم ، فمثلاً خلال إجازة العيد الماضية زاد الطلب على شراء السيارات في موسم الإجازة

استعداد للسفر، وبالتالي زادت طلبات العملاء على تركيب الشاشات. وتركيب الشاشات يطلبه في الأغلب أصحاب السيارات العائلية. فإذا كانت السيارة من الوكالة نركب الشاشة في الوكالة، أو يمكن للعميل زيارتنا ونحن نقوم بتركيب الشاشة التي يريد في المعرض عندنا من قبل الفنيين ويعطى ضمان على الشاشة المركبة لمدة سنة. وأسعارنا رخيصة، فالعميل يدفع 2700 أو 2500 لشاشة حجمها 9.5 مقارنة بالسيارات التي تأتي من الوكالة مزودة بشاشات الدي في دي ،فأسعارها لا تقل عن 6000 آلاف ريال كما أن حجمها صغير (6) بوصات، إضافة إلى المزايا الأخرى لشاشاتنا مثل دوران الشاشة يميناً ويساراً 180 درجة عمودي و160 درجة دائري. وبالنسبة للأسعار فيتفاوت السعر المتوسط من 2000 إلى 3500، والصناعة تختلف فهناك الشاشات الكورية واليابانية والصينية، والأفضل اليابانية، وهناك أيضا الشاشات الطبية التي لا تضر العينين. ولشاشات الدي في دي أنواع عديدة فمنها الشاشة المعلقة بالسقف. والشاشات الخلفية على المقاعد في الخلف ، وكل شاشة بقيمة 1200 ريال كما أنها تركب بدون حفر لأننا نستبدل تكاية الرأس الأصلية ونضع بدلا منها تكايات مزودة بشاشات،حتى لو أراد العميل بيع السيارة بعد ذلك يبيعها بالتكايات الأصلية. كما أن أحجامها تختلف تبعا لاختلاف الطلب ، فهناك مقاس (8 - 5،8 - 5،9 - 5،10).

الشاشات بين مؤيد ومعارض

أبو ليان: وجود الشاشة في السيارة سلاح ذو حدين ممكن أن يستغل بطريقة إيجابية لقطع طول الطريق على الأطفال وعدم إشغالهم للسائق أثناء القيادة باللعب أو الإزعاج، وممكن أن يصبح استخدامها سلاحا خطرا يؤذي الأطفال بالتأثير على عين الطفل، والتأثير على نفسيته، فالمفترض عدم تحويل السيارة لصالة منزلية يصبح فيها الطفل أسيراً لتلك الشاشة، وبالإمكان استغلال الوقت في السيارة فيما يفيد بالنقاش مع الأبوين أو التأمل أو الاستماع إلى شريط مفيد.

أبو عبدا لله: وجود هذه الشاشات أمر إيجابي، فقد ركبت منذ فترة شاشة من أجل أولادي الصغار الذين لا يهدؤون خلال مشاويرنا وبالذات أثناء السفر، وبعد توفير هذه الشاشة وجدت الراحة والهدوء الذي كنت افتقده.

هروب من المسؤولية

الأخت نايفة عسيري من المعارضات لهذه التقنية في السيارة؛ إذ قالت: من المؤسف أننا نستغل التكنولوجيا أسوأ استغلال، فالشاشة تسيطر على وقت الأطفال في المنزل ونزودهم بها في السيارة أيضاً! يحدد الغرب للأبناء ساعات محددة لمشاهدة التلفاز ونحن نمنحهم جرعات مهدئة من المشاهدة طوال اليوم المهم ألا يزعجونا بلعبهم وأسئلتهم، حتى دقائق معدودات في السيارة حرمنا أنفسنا من حوار جميل معهم أو استمتاع بوجودهم، وهذا برأيي قمة الهروب من المسؤولية وضياع للرعية أمام الله عز وجل.

الشاشات وترويض الطفولة

الأخصائي النفسي فهد العايد رأى أن انتشار هذه الشاشات في السيارات العائلية يأتي امتداداً للتطور التقني الهائل سواء في التكنولوجيا المرئية أو في تطور أساليب الرفاهية في السيارات، والسبب يعود للأسف الشديد برأيي إلى المجتمع الذي تحكمه مجموعة من العوامل، أولها إشكالية التقليد أو اتباع الموضة إذا صح التعبير، فيضعوا هذه الشاشات بغض النظر عن آثارها الصحية، كذلك من مواصفات السيارات الحديثة توافر شاشات ال DVD بها. والعامل الآخر أننا نحاول أن نقضي على أي مشكلة عند الطفل بردات فعل عكسية دون البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة أو السلوك، فنقوم بإجراء عمليات تخديرية للطفل حتى يستسلم للشاشة دون أن يتسبب بإزعاج لوالديه، وبالتالي تحقق الراحة التي ينشدها الوالدان.

وقسم الأستاذ العايد المشاهدة إلى قسمين: مشاهدة طويلة، تكون دائماً في المسافات الطويلة في السفر مثلاً. ومشاهدة قصيرة تكون داخل المدينة. ففي الأصل هذه الشاشات ابتكرت كجزء من الترفيه، واستخدمت عندنا كجزء من الترويض للأطفال، والمقصود

هنا ترويض الأطفال على ما يريده الوالدان بواسطة الشاشة، حتى لا يثير الأطفال الشغب داخل السيارة بأسئلتهم وحركاتهم، وهذه إشكالية لأن الطفل يخرج من شاشة التلفزيون في بيته إلى شاشة DVD في السيارة، التغير الذي حدث هنا هو المكان، فخرج الطفل من شاشة إلى شاشة ولم يخرج للترفيه.

الآثار السلبية على الأطفال

من الآثار السلبية التي تنعكس بدورها على نفسية الطفل:

أولاً: الشاشة صغيرة الحجم وقريبة المسافة من عين الطفل، فالحيز المكاني محدود، وبالتالي تضرر عين الطفل، والضغط على نفسيته التي تتأثر لأن هناك علاقة قوية جدا بين الجسد والنفس.

ثانياً: من حق الطفل أن ينعم بالتأمل وتغذية خياله، فالأصل في الطفولة حب التأمل للمناظر وتمييز الألوان وقراءة ما يمر عليه في الطريق من لوحات، والشاشات تقتل هذا الحق والمتعة المصاحبة لازدياد مدركاته وبنائه المعرفي من خلال المشاهدة والتمييز بين الألوان والأشكال والأحجام والأنواع؛ ما يجعل الطفل أسيرا فقط للشاشة أينما تحرك يجدها أمامه.

ثالثاً: حرمان الطفل من محاورة الذات والاستماع لوالديه والحديث معهما ومع نفسه، فهذه الأمور مهمة حيث إنها تضفي الشعور بالأمان النفسي للطفل. والطفل في السعودية والخليج نجده أسيرا للبلايستيشن والشاشات وأفلام الكرتون، و هذا بدوره يعكس آثاره السلبية على بنية الطفل الثقافية والعقلية والنفسية والإدراكية، حتى على مستوى الصحة البدنية نجد انتشار السمنة بين الأطفال. ووجود هذه الشاشات داخل السيارة لا يحقق برأيي أي أهداف تربوية، كما أن وجودها أيضا داخل المدن ينفي أنها للترفيه، فأي مشوار على أقصى تقدير لن يأخذ أكثر من نصف ساعة، لكن بعض الأهالي يبحثون عن الراحة والحلول السريعة والمؤقتة والسهلة دون النظر إلى آثارها السلبية على المدى البعيد.

وأضاف العايد: لا بد أن تشعر الأم بمدى خطورة هذه الشاشات على عيون الأطفال وانعكاساتها النفسية على الطفل، والتنازل عن جزء من وقتها من أجل صحة أطفالها النفسية والعقلية والجسدية. ومن ضمن الحلول المقترحة للتعامل مع الأطفال في السيارة أن تتواجد الأم مع أبنائها للحوار ومحاولة لفت انتباههم لما في الطريق من مثيرات حسية وفكرية، وتبادل الأحاديث والضحك معهم، وعمل المسابقات الخفيفة بين الأطفال في القراءة وتهجي الكلمات الموجودة على اللوحات لإضفاء المتعة والترفيه، والاستفادة من مثيرات الطريق بوجه عام من أجل تنمية الجوانب المعرفية والإدراكية لدى الطفل.

الخطر على عيون الأطفال

حذرت الأخصائية في طب وجراحة العيون في مركز النخبة الطبي الدكتورة ضحى قباني من التأثيرات السلبية على عيون الأطفال من جراء المشاهدة الطويلة لتلك الشاشات.. وأوضحت (تطول الشاشات بتأثيراتها السلبية عيون الأطفال مسببة

لهم الجفاف، كما تؤثر على الأطفال الذين يعانون من ضعف في النظر أو انكسار في النظر؛ لذلك لا بد من الحرص على لبس النظارة الطبية وقت المشاهدة، ووضع الشاشة في مكان مرتفع، والابتعاد عن الشاشة مسافة كافية، وأهمية مراعاة التناسب بين مساحة المكان وحجم الشاشة بحيث تجنب وضع الشاشات الكبيرة الحجم في مكان ضيق المساحة أو السيارات الصغيرة الحجم، كما أنه من المفيد استخدام قطرات مرطبة للعين قبل المشاهدة، والابتعاد قدر الإمكان عن متابعة ومشاهدة تلك الشاشات فترة طويلة).


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة