يقاس تحضُّر ورقي الدول في العالم على وعي وثقافة الشعب المرورية، فنحن نرى بعض الدول المتقدمة كيف هي طريقة وسلوك السائقين بها، من احترام للأنظمة، وقلّة ارتكاب للمخالفات المرورية، وعدم تجاوز الآخرين واحترام لوحات المرور وغيرها.

وتبذل وسائل الإعلام على كافة أنواعها المرئية والمقروءة والمسموعة جهوداً جبارة في سبيل الوصول إلى مجتمع واعٍ ومثقف مرورياً، بالإضافة طبعاً إلى أسابيع المرور المقامة سنوياً على مستوى دول الخليج لتعطي جرعة سنوية توعوية لا بأس بها.

غير أنّ المتأمِّل في الواقع المروري الحالي وما يحدث من حوادث ومآسٍ مرورية، ليصاب بخيبة أمل كبيرة وهو يرى ويسمع ويقرأ عن هذا التزايد المستمر، وهذا الطوفان من الحوادث والمخالفات، وأعداد الوفيات والمصابين والمعاقين من جرّاء تلك الحوادث يوماً بعد يوم، مما يشكِّل هدراً بشرياً واقتصادياً كبيراً وعبئاً على مسئولي المرور .. فالتوعية الإعلامية التي تقدَّم عبر وسائل الإعلام، يجب أن لا تكون فقط حبراً على ورق، أو أثناء فصول الدراسة في مدارس تعليم القيادة، أو في المدرسة والمعهد، بل لا بدّ أن تقرن بتطبيق عملي وواقع فعلي على أرض الواقع في الشوارع، فعلى سبيل المثال لا يكفي أن يقول الأب لابنه إنّ حزام الأمان ضروري للحماية من الحوادث فقط، بل لا بدّ أن يأمره بربط الحزام حينما يركب معه في السيارة، ولا يكفي أن يقول السرعة خطرة، بل لا بدّ أن يذهب به إلى الشارع ويريه نتيجة السرعة، وما سبّبت لغيره من مأساة وحوادث مميتة، أو إلى الإسعاف ليرى الوفيات والمعاقين والمصابين من جراء السرعة، ليكون درساً عملياً على الواقع، كما أنّ الأب مطالب بحثِّ أبنائه وأفراد أُسرته على التقيُّد ببعض الأنظمة المرورية، حينما يكون برفقتهم في السيارة، مثل ربط الحزام وعدم نزولهم من الباب الأيسر للسيارة وإركاب الأطفال في المرتبة الخلفية، وكذلك الحال يقاس على سائق الحافلة المدرسية مع الطلاب وسائق الأجرة مع الركاب، كلّهم مطالبون بحثِّ السائقين على تطبيق السلامة المرورية مع من يركب معهم، ولا ننسى رجل المرور أيضاً مطالب قبل غيره في تباين نوع المخالفة مع السائق حينما يوقفه فلا بدّ له من شرح الأسلوب الأمثل في إصلاح الخطأ والمخالفة إذاً.. فنحن بحاجة ماسة إلى تطبيق عملي على أرض الواقع وعلى الشوارع والطرق، وليس على الورق والمطويات والنشرات، لأنّ التطبيق يؤدِّي إلى رسوخ العادة السليمة في السائقين بشكل سريع ودائم.

وهذا ما نطمح إليه دوماً.