وسائل النقل العام، تحظى بأهمية قصوى في معظم دول العالم، وتلقى رعاية من الدولة، وكذلك تجد الدعم من المجتمع باستخدامها، وأتذكر عندما كنت ومجموعة من زملائي طلاباً بالولايات المتحدة الأمريكية، كنا نملك سيارات خاصة، وبالرغم من ذلك لا نستخدمها في الذهاب إلى الجامعة إلا نادراً، ولا حتى إلى الأسواق المركزية في عطلة نهاية الأسبوع، وكنا نفضل امتطاء وسائل النقل العام ومنها الحافلات، التي تقدم وسيلة مريحة للتنقل، والأهم من ذلك أنها تعمل وفق جداول زمنية محددة سلفاً، تتيح للشخص برمجة مواعيده، بدقة متناهية، وبمعدل انحراف زمني يكاد يكون شبه معدوم عن المخطط له.

إن انسياب حركة المرور، يساعد على التنقل والوصول في الأوقات المحددة، ضمن أيديولوجية سائدة في المجتمعات الغربية، تحترم عامل الزمن وتحسب له ألف حساب، وهو عنصر كان الأجدر بنا كمسلمين أن نحافظ عليه ونحترم قدسيته، لأنه في النهاية محسوب علينا ونحن محاسبون عليه، فالزمن من الأمور العظيمة التي أقسم الله جل جلاله بها قال تعالى: {وَالْعَصْرِ}(1) سورة العصر، كما أن أركان الدين الإسلامي، والعبادات.. كلها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالوقت، فالصلوات الخمس محددة بأوقات معينة، وكذلك الزكاة تستحق بمرور الحول، كما أن دخول شهر رمضان وخروجه، ومواقيت الإمساك والإفطار فيه، والحج.. كلها تخضع لمواعيد محددة وأوقات دقيقة.

إن غياب وسائل النقل العام الفاعلة داخل المدن، ساعد في تفاقم مشكلة عدم احترام الوقت، وأدى إلى مضاعفة أعداد السيارات، وجعل من امتلاك السيارات ضرورة ملحة لجميع شرائح المجتمع، بشكل فاق القدرة الاستيعابية للطرق والشوارع، فباتت تشهد اختناقات مروريةً على مدار الساعة، وساهمت في زيادة أعداد الحوادث المرورية بالمملكة، وجعلها في أعلى قائمة الدول التي تعاني من ويلاتها، فأصبحت مستشفياتنا تمتلئ بضحايا الحوادث المرورية، والمصحات تكتظ بإعاقاتها.

ولا شك أن هناك العديد من الأسباب والمعوقات التي ساهمت في تدني مستوى خدمات النقل العام بالمملكة، وساهمت في عزوف المواطنين والمقيمين عن استخدامها، وهذا ما سوف نحاول في حلقات قادمة تسليط الضوء عليه، والوقوف عند بعض ملامحه وتفاصيله.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«52» ثم أرسلها إلى الكود 82244