الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 1st May,2006 العدد : 151

الأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

في حوارها الخاص مع « الثقافية »:
أحلام مستغانمي: هناك تسونامي سعودي قادم في عالم الرواية

أقام ديوان الثقافة والإعلام الجزائري التابع لوزارة الثقافة نشاطاً ثقافياً وفنياً مميزاً استضاف فيه الفنانة اللبنانية الملتزمة (جاهدة وهبة) التي خصصت الأمسية لتقديم أغنيات جديدة هي مقتبسة من رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي (ذاكرة الجسد)، وهي تجربة فريدة من نوعها، وعلى هامش هذا النشاط التقت (الثقافية) الروائية أحلام وأجرت معها هذا اللقاء..
*أجرى الحوار محمود أبوبكر:
* بالأمس شاهدنا - لربما أول تجربة - عربياً، وهو عملية تحويل النص الروائي إلى عمل غنائي كيف بدت لك التجربة؟
بدت كما قلت تجربة مذهلة بالنسبة لي، لأنني لم أتوقعها، فعندما طلبت مني الفنانة (جاهدة وهبي) بالبدء بتلحين بعض نصوصي لم أصدق أبداً..، لأنني لا أكتب شعراً موزوناً ولا أدري كيف يمكن أن يُغنى..، ولكنها بدأت بتلحين بعض النصوص الشعربة الموجودة داخل نصوصي، كما هو الحال مثلاً في رواية (ذاكرة الجسد)، التي ترد فيها بعض النصوص الشعرية على لسان (زياد)، مثل (تربص بي الحزن.. لا تتركيني لحزن المساء، سأرحل سيدتي)، كما لحنت قبل ذلك إحدى نصوصي التي تقول: (مذهولَُ به التراب، خرج ذلك الصباح، كي يشتري ورقاً وجريدة. لن يدري أحد ماذا كان سيكتب، لحظة ذهب به الحبر إلى مثواه الأخير..) وعندما اغتيل (جبران تويني) قدمتها (جاهدة) كإهداء إلى روحه فوجدت رواجاً وإقبالاً كبيرين، في لبنان وكذلك افتتحت بها معرض الكتاب في باريس والحفل الذي اقيم بمناسبة مرور عام على إغتيال تويني وسمير قصير.. ولذلك وجدت نفسي في ورطة مع جاهدة ومع الجمهور الذي تلقى تلك النصوص بلهفة، ثم قامت أيضاً بتلحين نص آخر، وقدمته في مهرجان الاغنية بمسقط حيث افتتحت به المهرجان.. وبالتالي أصبح التعامل شرعياً بيني وبينها. وما شدني إلى (جاهدة) هو ان صوتها هو (صوت مثقف، وملتزم صوت لم يلوث، خاصة بحكم انها ملتزمة وذات ماض سياسي.. فوالدها شهيد، وشقيقتها تم إعتقالها من قبل الإسرائليين، بالتالي هي من عائلة مناضلة، وهي تختار نصوصها بحس عال جدا والواقع ان إحساسها احيانا يفوق إحساسي بالكلمة التي أكتب.. فحينما تكتب شعرا لديك إحساس بالورقة التي أمامك، ثم عندما يتحول إلى أغنية اعتقد انه شيء آخر. فبالأمس كنت محرجة جدا وهي تغني بعض نصوصي، وشعرت بإرباك، فالصوت يفضحك ويعريك أمام جمهورك بينما الورق يغطيك إلى حد ما.
* أيضاً ذاكرة الجسد الآن يتحول إلى عمل درامي مسلسل، ربما يعرض على الشاشات في شهر رمضان القادم، أين وصل هذا المشروع؟
انا مأخوذة بهذ المشروع، وحاليا نكتب السيناريو، وقد تأخرنا قليلا، لأن العمل تاريخي ويحتاج إلى دقة متناهية.
* هل أنت راضية عن أداء السناريست خاصة وان المشروع عرف بعض الإشكاليات من قبل؟
نعم راضية تماما لأنني أشرف عليه بالمطلق (جملة جملة).
* هل هو باللغة العربية الفصحى؟
حقيقة احترنا في هذا الامر في البدء، وتوقفنا كثيرا لدى اللهجة التي يمكن ان يقدم بها العمل، فإذا كتب باللهجة الجزائرية لن يفهم في المشرق العربي، وإن كتب بغيرها أيضاً سوف لن يكون له ذات الصدى التاريخي.. وأخيراً رسونا على أهمية كتابته باللغة الفصحى.. وقد ذهبنا بعيداً في بدايات العمل أي إلى ماقبل بداية الرواية إلى 1945 وأحداث شهر مايو التي سقط فيها حوالي 45 ألف قتيل على يد المستعمر الفرنسي، أي قبل إعلان العمل المسلح. وبالتالي العمل قد يتأخر لأننا نريد انجاز عمل تاريخي، كما أن هناك بعض الإتصالات من فضائيات وشركات إنتاج عربية لشراء حقوق رواية (عابر سرير) بصفتها الجزء الثاني من (ذاكرة الجسد)، وحاليا هناك تفاوض في هذا الجانب.
* ولكن لماذا تم سحب (ذاكرة الجسد) من المخرج يوسف شاهين الذي كان قد اشترى حقوقه؟
بالفعل تم السحب ولكن قبل فترة.. ربما قبل 4 أعوام، أو أكثر.
* إذاً.. لماذا تمت إثارته الآن في اعتقادك؟
لا أدري لماذا.. ولكن ربما لأن الجميع كان يعتقد أن شاهين هو الذي سيخرجه، وعندما بدأنا العمل الآن اكتشفوا أن شاهين غير معني بإخراج العمل.. وأنا أوضحت انني سحبته منذ فترة بعيدة أو لعله بعد توقيع العقد مباشرة...
* ولكن السؤال هو لماذا تم السحب أساسا؟؟
بكل صراحة.. لأن الأستاذ شاهين لم يسمح لي بالتدخل في العمل أو الإشراف عليه، هذا هو السبب، طبعا هو يشترط ذلك بحكم انه مخرج كبير.. ولكن انا أيضاً اقدم عملا تاريخيا ولا بد من وجود طرف جزائري له حق الاطلاع وإبداء الرأي في عمل يرتبط بأحداث تاريخية حقيقية.
* وماذ عن جديدك. هل هناك عمل جديد تكتبينه؟
نعم هناك مشروع اشتغل عليه الآن وهو عبارة عن كتابة نص (لفيلم سينمائي)، وهي قصة تشتمل على احداث سياسية، وإجتماعية، وفنية، وهي قصة حب جميلة.
* هل هناك اتفاق معين لمن ينتج هذا العمل ومن سيقوم ببطولته؟
نعم بالتأكيد، اعتقد ان الفنانة (لطيفة) هي التي ستمثل دور البطولة (مبدئيا..).
* هناك حديث يدور في الأوساط الإعلامية والفكرية عن الاتجاه الجديد للأدب النسائي.. أو الأعمال المكتوبة بأقلام نسائية.. أولا هل توافقين على هذا التوصيف؟
إطلاقا... لا أوافق لأن ليس هناك أدب نسائي وآخر ذكوري. واعتقد ان المجتمعات العربية قد تجاوزت هذه الثنائية، خاصة وأن هناك الآن نساء يكتبن بجرأة تتجاوز الرجال، كما أن كثيرا من الكاتبات العربيات كتبن على لسان رجل.. إحداهن أنا، .. وصدقني هذا الوصف لا يوجد إلا في بعض الأوساط بالدول العربية.. انا عشت في فرنسا لفترات طويلة جدا.. لم اسمع ابدا عن شيء اسمه (أدب نسائي)، كما لم (اسمع عن ما يسمي بإتحاد الكتاب)، لأن الكتاب هناك شغلهم الشاغل هو الكتابة لا غيرها، بينما نصف وقت الكاتب العربي يذهب في مؤتمرات اتحادات الكتاب. حيث يلتقي الكتاب لمؤتمرات دون فائدة يلتقون ليأكلوا ويشربوا في ولائم نميمة.
* حسنا.. ما رأيك في الكاتبات الجديدات (الروائيات)، هل تطلعين على أعمالهن؟، وهل اطلعت مثلا على رواية (بنات الرياض) أو غيرها من الأعمال الجديدة لكاتبات هن في بداياتهن؟
في الحقيقة اشتريت نسخة من (بنات الرياض) ولم افرغ من قراءتها بعد.. ولكن قرأت عنها اكثر.. وان هناك ثمة غواية مارستها الكاتبة طوال الرواية حيث تعد القارئ بالكشف عن ثمة شيء ثم تنتهي الرواية دون ان تبوح به.. ولعل هذه الغواية في حد ذاتها جميلة.. ويكفي انها كتبت.
* يلاحظ في الكاتبات الواعدات أيضاً أنهن يعتمدن بشكل اساسي على واقع إفتراضي.. حتى أن الانترنت اصبح مثلا البطل الاساسي لرواية (بنات الرياض) وغيرها من الروايات الجديدة.. ما رأيك؟
جميل.. وعلى كل حال هذا البطل الوحيد الذي لم يدخل رواياتي انا.. حيث لا زلت أعاني من أمية تكنولوجية، ولازلت أعاني من (التكنوفوبيا).. وعلاقتي ضعيفة بالانترنيت بل واعتمد على ابني (مروان) في قراءة رسائلي الاليكترونية.. ما زلت محاطة بالأوراق والأقلام الملونة، كلاسيكية في تعاملي مع الكتابة، .. وصحيح مقتنعة أنني لا بد من ان اخرج من هذا التخلف.. ولكن سعيدة اني قرأت ان بلير (رئيس الوزراء البريطاني) أيضاً متخلف مثلي في عالم الانترنيت (تضيف ضاحكة).
* كيف تشاهدين آفاق الرواية العربية؟ خاصة المكتوبة منها بالأقلام النسائية؟
في الواقع هناك حركة كبيرة، وجرأة غير مسبوقة وجميلة.. خاصة في الخليج والمملكة العربية السعودية بالذات، هناك موجة جديدة، بل يمكنني القول أن هناك تسونامي نسائي جميل قادم من المملكة وعموم الخليج.. هناك موجة عالية شاهقة ستذهب بالكثير من الافكار المسبقة التي كانت سائدة.. وهذا تطور نوعي وليس كمي فقط، ولكن الذي يخيفني هو استسهال الكاتبات لعملية النشر، ما يرعبني هو هذا، بقيت أربعة أعوام اكتب الكتاب وكنت مترددة في نشرها، وروايتي لولا نجاحها لما اعدت نشرها أو وضع أجزاء أخرى لها.. وعليه عليهن التريث في عملية النشر وليس الكتابة، فليس اسهل من النشر وليس اخطر ايضا، فالكتاب عندما يخرج من يدك يصبح ملك غيرك.. فكثير منهن ربما من اللائي نشرن لو عدن اليها بعد أعوام ربما ندمن، وتمنين لو تريثن.. وأنا اتفهم اندفاع كاتبة مثلا في عمر 23 سنة للنشر، ولكن هذه اشياء ستحسب على الكاتب مستقبلا. فأنا تعلمت ان اتريث، وحتى مقالي الأسبوعي أحيانا اندم عندما انشره.. لأنني اتمنى لو اكتب بتأن أكبر.
* في الأخير. ماذا يمكن أن تقولي حول جائزة مالك حداد، للرواية التي أنشاتها؟
هي جائز انشأتها منذ أربعة أعوام، دفاعا عن اللغة العربية في الجزائر، ولدعم كتاب اللغة العربية الذين يفتقدون إلى الدعم في الوقت الذي يجد فيه نظراؤهم (كتاب اللغة الفرنسية) مدعومين ولهم سند، ويكافؤون بجوائز مجزية،.. واعتقد انها اهم جائزة أدبية حاليا في الجزائر، - خاصة في المبلغ المخصص لها، حيث اردت ان يكون المبلغ كبيرا حتى يمكّن الكاتب من التفرغ للكتابة سنة أو سنتين.. وكذلك إعادة نشر العمل في المشرق العربي، وكذلك ترجمة العمل للغة الفرنسية.. وغيرها من الميزات التي اعتمدت عليها. ولذلك قلت في إحدى المناسبات (إنني لم أنجب كُتبا فحسب، بل انجب كُتّابا أيضا).. لان الجائزة اضحت تخرج كل عامين كاتبا إلى الجزائر، ولجنة القراءة هي لجنة مختصة ومعترف بها عربيا، وتترأسها الدكتورة يمنى العيد، وقد حوربت لهذا السبب لانني لم اختر لجنة القراءة من نقاد جزائريين وحسدت على هذا المشروع.
* كما حسدت الجزائر عليك حسب قول الروائي الكبير الطاهر وطار..
نعم، قال حسدت الجزائر في أحلام كما حسدت دوما في كل شي جميل. وانا مدينة لهذا الروائي الجميل الذي وقف معي في أحلك الظروف.
* هل من كلمة تودين قولها؟
أشكرك.. ومن خلالك (الجزيرة) هذه النافذة الجميلة التي تولي أهمية قصوى للمبدعين العرب، وتسعى إلى ترسيخ أعراف جميلة في سبيل تقديم قراءات موضوعية لأعمالهم ولتجربتهم الإبداعية، عبر إفراد صفحات ثرية لملفات خاصة عن مبدعٍ ما.. ولقد سعدت كثيراً بالعمل الرائع الذي قدم عن الشاعر محمود درويش عبر ثقافية الجزيرة في الفترة القريبة الماضية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved