الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 1st May,2006 العدد : 151

الأثنين 3 ,ربيع الثاني 1427

رغم اختلاف مسمياتها
تجديد العلاقات أهم أهداف الأمسيات التشكيلية

*إعداد: محمد المنيف:
رغم ما يقال أو تتهم به الأوساط الإبداعية على مختلف تخصصاتها الأدبية أو التشكيلية أو مجال الطرب والموسيقى وكذلك الدراما والمسرح إنها مليئة بالخلافات والاختلافات والمنافسات غير الشريفة تصل ببعضهم لاتباع سبل ملتوية للإقلال من جهود البعض الآخر أو إبعاده عن مساحة أو محيط المنافسة، الا أن تلك الاتهامات والظنون لا تشمل الغالبية بقدر ما يمكن إطلاقها على حالات شاذة في القاعدة العامة لكل مجتمع أو محيط من مجتمعات الإبداع، وإذا كنا هنا نتحدث عن جانبنا التشكيلي أود القول وبكل ثقة: إن المجتمع التشكيلي اكثر المجتمعات الإبداعية تلاحماً والتصاقاً بين أفرادها مع ما يمكن ان يقبل من سبل المنافسة الشريفة. هذا القول تثبته الكثير من المواقف والمناسبات خصوصاً التي يتولاها أفراد يمتلكون (الكاريزما) في إدارة المهام ويحظون بمحبة البقية، وهم كثرون تفخر بهم الساحة، ويعتز الفنانون بالتعاون معهم بجانب ما تتسم به الساحة التشكيلية من وجود نخبة كبيرة من المبدعين الممتلكين زمام العمل الفني المتميز المعاصر والمتجدد وزمام التعامل الراقي المدعم بالثقافة والوعي.
***
أمسيات تزيل الاحتقان
من الأمور التي تعتز بها ساحتنا التشكيلية وجود لقاءات يطلق عليها الفنانون أمسيات تتم دون سابق إعداد أو إنذار أو تخطيط يجتمع فيها الفنانون، إما في القاعات وقت إقامة المعارض أو بناء على دعوة من أحدهم ثم يتناوبها الحضور، فتنتقل تلك اللقاءات من منزل إلى آخر القصد منها إعادة ترتيب البيت التشكيلي، وإزالة أي احتقان بين الفنانين تتبين ملامحه بين فترة وأخرى. أما الجانب الآخر في أسباب اللقاءات وإقامة تلك الأمسيات فتكون بمناسبة وجود معرض يحضره أسماء من مختلف المناطق فيتم تكريمهم على نفس السياق، هذه المواقف نجدها في مختلف مناطقنا ومن مختلف فنانينا، ففي كل مدينة من مدننا السعودية بنى الفن التشكيلي قصوراً لفنانيه يمثله أبناء تلك المدينة بما يقدمونه لضيوفهم من كرم الضيافة وطيب اللقاء، إذاً فالواقع التشكيلي يعيش أفراده تقارباً روحياً، وينعم بالكثير من الحب والصفاء مع تجاهل القليل من الشوائب أو الحالات الشاذة غير القادرة على الانسجام مع البقية.
***
تجديد العلاقات وطرح الهموم
من الجوانب المهمة أيضاً في علاقات أفراد الساحة التشكيلية ومن خلال تلك اللقاءات التي اشتهر بها الكثير من الفنانين وكان لها صدى كبير في الساحة أضفت أبعاداً إنسانية بين أفراد الأسرة التشكيلية كان من بين أهدافها - إن لم يكن أهمها - محاولة تقليص مساحة اختلاف الرأي الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى التباعد نتيجة وجود أطراف ليس لها من الهم سوى إثارة الفرقة، فيقوم أولئك الصادقون والحريصون على العلاقات بين أفراد البيت التشكيلي الذي يمثله مختلف الفنانين على مستوى المملكة بالإعداد لتلك اللقاءات التي يطلق عليها البعض اللقاءات الطارئة حرصاً منهم في إعادة العلاقات وتجديدها وتوثيقها بين الأحبة الزملاء، ويسعد المحرر ان كان شاهداً على كثير من المواقف لبعض الفنانين ممن سعوا لإعادة علاقات كادت تنقطع. أما الجانب الآخر في تلك اللقاءات فيتمثل في انها تتيح الفرصة للفنانين في طرح همومهم وشؤونهم، أو الحديث عن جديد الساحة أو قراءات بعض الأعمال أو نقد بعض المعارض بأسلوب ناضج وعلمي مؤطر بالشفافية ومدعم بما يخدم الهدف الأسمى وهو الارتقاء بإبداع الوطن، فكان لتلك الأحاديث نتائج إيجابية تبودلت فيها الحوارات وقدمت المقترحات؛ منها ما يستفاد منه إعلامياً ومنها ما وصل إلى
المسؤولين عن الفن اجتهد فيه الفنانون من خلال تلك اللقاءات الأسرية، وساعدوا من خلاله في حل الكثير من المواقف.
***
تطور لقاءات الأسرة التشكيلية
مع أننا اعتذرنا عن ذكر الأسماء التي اشتهرت بكرم الضيافة والمبادرات في لملمة أوراق التشكيليين واستضافتهم والمنتشرين في مختلف مناطق المملكة، إلا أن علينا أن نذكر نماذج منها، ففي الرياض كان الفنان محمد السليم - رحمه الله - أبرز الفنانين في هذا الجانب، وأكثرهم حرصاً على دعوة الفنانين في منزله من المقيمين في الرياض بمعدل يوم في الأسبوع مع ما يطرأ من حضور فنانين من خارج الرياض يسعد باستضافتهم، ويجدها - رحمه الله - فرصة لدعوة بقية الزملاء من فناني الرياض ليضفي به جواً من المحبة والتقارب بين الحضور، تبع هذا التوجه كثير من الزملاء منهم الفنان سعد العبيد والفنان عبد الجبار اليحيا والفنان سمير الدهام والفنان ناصر الموسى والفنان عبدالعزيز الرويضان والفنان عثمان الخزيم الذي انقطع لانشغاله في مشروعاته الفنية مع أن تلك اللقاءات تأتي بناء على ظروف معينة أو لأسباب ذكرناها سابقاً في مقدمتها الحرص على تقريب مسافات الود والمحبة، إلى أن وصل الأمر ببعض الفنانين في إقامة لقاءات محددة الزمن، شأنها شأن الأنشطة الأدبية والصالونات التي يقيمها الأدباء، ويعد لها برنامجاً زمنياً وتحدد فيها المحاور بشكل منظم، فكان أبرز تلك اللقاءات التي أعلنت رسمياً ووجهت فيها الدعوة لمختلف الفنانين كل في موقعه؛ منها أربعائية الفنان والناقد عبد الرحمن السليمان في الدمام، واثنينية الفنان علي الرزيزاء في الرياض باعتبارهم أول لقاءات تحدد ويخصص لها يوم يجتمع فيه التشكيليون.
***
أربعائية السليمان واثنينية الرزيزاء
على الرغم مما تحقق لأربعائية السليمان واثنينية الرزيزاء من نجاح، وإعجاب الحاضرين فيها والمتزايدة أعدادهم من وقت لآخر الا أنها لم تحظَ بالتغطية الإعلامية أو المتابعة بنشر أخبارها كما حظيت بها بعض الأمسيات غير المنتظمة، مع أهمية ما يتم في الأربعائية والاثنينية من حوارات قيمة وهادفة، هذا التقصير من الزميلين في عدم تزويد الصحافة نجد إجابته في حديث الزميل السليمان عن تجربته والهدف من إقامة الأربعائية بقوله: إن الفكرة كانت تراوده منذ سنوات؛ الهدف منها جمع شمل الفنانين في المنطقة الشرقية، وقد تحقق الهدف بشكل جيد، فالأربعائية مفتوحة لكل من له علاقة بالفن التشكيلي كما أنني سعيت من خلالها لمحاولة إعادة المبتعد منهم عن الواقع التشكيلي مع انهم رموز رائدة فيه إلى بقية زملائهم ومحاولة تنشيطهم وتجديد علاقتهم بالساحة وبزملائهم إضافة إلى إزالة أي حساسيات بين المبدعين التشكيليين عبر لقاءات أخوية مفتوحة، وعن الآلية المتبعة في إدارة الأربعائية، قال السليمان: هناك محاور يتفق عليها مسبقاً مع نهاية كل جلسة للحديث عنها في الجلسة القادمة مع إمكانية الحديث عن أي مستجدات مؤكداً أن اللقاءات والحوارات لا تعني أو ترتبط بقرار أو توصيات، فالحديث ينتهي بنهاية اللقاء مع ما يمكن توثيقه في مصلحة الفن بشكل عام، أما عن أهم النتائج التي تحققت للأربعائية قال السليمان: يكفي لنا أن نجتمع بهذه العلاقة الجميلة بروح وزمن ومكان تسوده المحبة كما ان في وجود هذه الرموز التشكيلية ما يعيدهم لمحبيهم وللمعجبين بأعمالهم وبتاريخهم وبما نسعى به من محاولات لعودتهم للإنتاجية.
وحول الجانب الإعلامي قال السليمان: لم أكن أسعى عند اعتزامي إقامة الأربعائية لأي جانب إعلامي، فالهدف هو اللقاء فقط.
من جانبه تحدث الفنان علي الرزيزاء الذي أعلن عن اثنينيته رسمياً، يلتقي فيها التشكيليون في منزله يوم الاثنين بداية كل شهر.
***
أهم محاور اللقاءات
يجمع الفنانون في تلك اللقاءات المحددة أو اللقاءات العابرة على ان أهم المحاور هي قضية تشكيل جمعية للفنون التشكيلية، وهي القضية الأزلية التي كان لنا عبر هذه الجريدة وبمشاركة أسماء بارزة أن طالبنا بها وسعينا بكل الجهود لوضعها أمام المسؤولين، إلا أنها جوبهت بالمصادمة من أطراف أخرى؛ منهم - مع الأسف - فنانون تشكيليون كانوا يعملون في الخفاء لتحقيق أهدافهم الخاصة على حساب الفن، فكانوا الأكثر قرباً من الطرف الآخر الرافض لإقامة أو تأسيس جمعية للفن التشكيلي، ولكون هؤلاء قلة أو أسماء محدودة بأقل من أصابع اليد الواحدة، لم يكن لهم تأثير على القرار الأخير الذي أعلنته وزارة الثقافة والإعلام، وتسعى لتحقيقه للفن التشكيلي. ومن المؤسف أيضاً أن أولئك المعارضين سابقاً عادوا اليوم للظهور بوجه وقناع آخر مطالبين بالجمعية دون علمهم أن في مثل هذا التصرف لن يزيل ما عرف منهم وما سيعرف مستقبلاً من حقائق وثقها الزمن والمواقف، المهم هنا ان قضية إنشاء جمعية أصبحت الهم الأكبر والأمل الأكثر قرباً للتحقيق وللتنفيذ خلال المرحلة القادمة، ولهذا فالأحاديث والحوارات مجال بحث عن الكثير من الإجابات وتوجه يفتح آفاقاً كثيرة لحل أي عائق قد يقف أمام أي خطوة، ففي طرحها في الأمسيات وتحليلها أمر ومطلب يجب الأخذ به، فالجمعية للفنانين، وهم من سيقوم على وضع أنظمتها، وهم الداعمون لها، فكل رأي وفكرة تطرح في تلك اللقاءات والأمسيات كفيلة بتحريك عجلة النجاح للجمعية في مستقبل أيامها حتى بعد تأسيسها.
***
هموم الفن التشكيلي ومستقبله
هذا ما أحببنا تسليط الضوء عليه، ونعني به ما يتمتع به الوسط التشكيلي من تقارب في وجهات النظر حددت من خلاله الأهداف التي تصب في مصلحة الوطن عبر إنجاز ثقافي لا يمكن أن يصبح مؤثراً إلا بصفاء القلوب والنفوس بين أفراده والمنتسبين إليه، وهذا ما نشعر به ونأمل أن يتأصل ويتواصل، كما أن في مرورنا على تجربتين جديدتين على الساحة كسبتا قصب السبق في تحقيق أهم ما نحتاجه في الساحة، وهو خدمتها من خلال إعداد تلك الآلية وتلك اللقاءات الممثلة في الأربعائية والاثنينية وبتخصيص أصحابها لها خدمة للفن التشكيلي بكل تفاصيله وأجزائه مع ما قدموه بأعمالهم الفنية وبأقلامهم من جهود أكدوا بها سعيهم لدعمه بكل السبل التي تلتقي مع الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام في قناة واحدة تصب في نهر عذب المذاق اسمه الوطن.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved