الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 1st August,2005 العدد : 117

الأثنين 26 ,جمادى الثانية 1426

فشلنا الثقافي (5)
إذا لم تبن ثقافتك.. تفرض عليك ثقافة أخرى!! (2)
خالد أحمد اليوسف
في الجزء الأول كان الحديث عن الهوية الثقافية، وشخصيتنا التي لم تبن على توقع التغيرات السريعة لكي تتعايش معها !!.
وهنا نأتي بعد مرور أحداث متتالية على وطننا العزيز، ونرى نتيجة تلك الوقائع المؤسفة المحزنة على الوطن والمكتسبات وعلى الإنسان نفسه، إن أول أسبابها هو عدم العناية بالثقافة المفتوحة، الثقافة المتعددة، الثقافة الحرة من غير انفلات أو تقييد، الثقافة الإسلامية الحقة، وهي التي ترضى وتقبل وتتسامح مع الآخر من الوطن العربي الكبير والوطن الإسلامي الواسع، فكيف بالبشرية !!.
إن مراجعة وقراءة توجهنا الثقافي المنغلق على نفسه في أكثر من موقع ومكان داخلي أو خارجي، سيبرز لنا أن العقل الثقافي المنتشر بيننا غير مفكر أو متدبر أو متطور، وسنرى أن بيننا من يبث السموم على أولاده وعائلته، والآخر ينشر الفرقة و الشتات وكره الأخوة والدين، وآخر يزرع الطائفية والمشيخة والمذهبية والتوحد والحماس لطريقة لا نزاع حولها، فوجدنا التهم تنهال على مثقف بارز في منطقة من مناطقنا العزيزة حتى وصف (بالعلمانية) والخروج على الدين في أضيق معانيها وعدم قبوله من أشخاص معينين ليكون إماما لهم في الصلاة!!، وبعد التحقق من ذلك اتضح أن وراء ذلك مصالح دنيوية وليست دينية، وحين تصاعدت القضية رد الشرع له اعتباره!! وفي منطقة أخرى تفرق شبابها بين مشايخها، وكل يدعي وينتصر لشيخه وطريقته وعلمه وحلقاته في حله وترحاله، وقد نسي الجميع أن كل هؤلاء مسلمون ومن مذهب واحد ومن منطقة جغرافية واحدة، واستطاع أكثر من متنطع أو متعصب الانعزال عن الجماعة السنية لتكوين طريقة خاصة به في الصلاة والعبادة والتقرب إلى الله، كأن يكون المسجد قديم البناء، خاليا من وسائل الحياة العصرية، لا يدخله من يحمل صورا أو أجهزة حديثة، وذهب آخرون إلى زرع الصفات والمقاييس على من يريدون ويتفق مع توجهاتهم الشكلية وفي المضمون، ومن اختلف عنها فله أوصاف وتهكمات لا يقرها الدين أساسا !!، وفي كل ما مضى منظروه وكتابه ومحدثوه وخطباؤه وسعاة التطبيق على أرض الواقع؛ لأنهم استندوا في خطواتهم على الأدلة المشتبهة والضعيفة وغير المسندة. نحن بصفتنا الإسلامية نفتخر بما هيأته لنا الثقافة الإسلامية، وهي المعروفة باتساع علومها ومعارفها وفنونها وامتزاجها مع الثقافات الأخرى، وتاريخها في هذا لا ينكره إلا الجاهل أو الحاقد أو العدو شديد العداء للدين وللناس أجمعين، وقد وضعت لنا ثقافتنا قاعدة النقاش والحوار والدعوة بأمور سهلة صعبة، لا يستطيع فهمها واستيعابها تطبيقيا إلا من أوتي البصيرة والعقل:
1 الحكمة.
2 الموعظة الحسنة.
3 المجادلة بالتي هي أحسن.
فهل بهذه الأمور سارت حياتنا؟؟ هل تربى أبناؤنا على هذه التوجيهات؟؟ بل هل العلماء أنفسهم كانوا يقبلون بهذا المبدأ.. إلا من رحم الله!؟؟، إن ثقافتنا الإسلامية مميزة لأنها واضحة وصريحة وإنسانية، فهي عامة لكل البشرية ولكل الأزمان والأمكنة وهي ليست لأبناء الجزيرة العربية أو العالم العربي فقط!!.
إن مصدر فشلنا الثقافي في هذه الزاوية هو الانغلاق على أنفسنا تعليميا وتربويا ومنهج حياة، وهو نظرتنا القاصرة بل المتبرمة من الآخر القريب وأقصد بذلك الشقيق المسلم!! لأننا وصفناه بصفات لا حصر لها، تنتشر فوق الخارطة الفكرية الإسلامية كانتشار البثور فوق الجسد المريض؟؟ أما الآخر البعيد فقد قضينا عليه وحسمنا الأمر بعدم النظر إليه أو الدخول معه في حديث أو نقاش!، نعم هذه نتائج الانغلاق لدى فئة أضرت بنا وبثقافتنا الجميلة، والتاريخ لا بد أن تمر فيه محطات تغير واستحداث مجريات تعيد الإنسان إلى جادة الحق، فهل نعي هذا ونؤمن بأهمية الثقافة المفتوحة بعد تقوية الحصون من الداخل؟؟ هذا ما نتمناه.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved