الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 1st September,2003 العدد : 27

الأثنين 4 ,رجب 1424

المسرح العربي
بدايات المسرح في مصر
(دراسة نقدية)
لقد ظهر في مصر نوعان من الفنون الشعبية المسرحية:
أولا: التشخيص المرتجل
القائم على النص الشفهي غير المكتوب الذي يردده بعض الممثلين المحترفين ومن فوق مسارح متنقلة او ثابتة، وعرف هذا النوع في مصر خلال القرن الثامن عشر ولقد سجل ذلك الرحالة الاجانب والمستشرقون خلال زياراتهم الى مصر فلقد شاهدوا العروض الشخصية المرتجلة في البيئات الشعبية مثل الرحالة الايطالي «بلزوني» الذي وصف هذه العروض في كتابه «قصة العمليات والاكتشافات الاخيرة في مصر وبلاد النوبة» ولقد ذكرها المستشرق الانجليزي «ادوارد» في كتابه «المصريون المحدثون.. شمائلهم وعاداتهم».
كانت هذه الفرق المتجولة تقيم عروضها التمثيلية في مدن مصر وقراها وذلك لتحيي مناسبات عامة او خاصة وكانت تقيم مسارحها التي تشبه السيرك في اماكن ثابتة وغير ثابتة وكانت تعتمد على الممثلين المحترفين.
ثانيا: مسرح خيال الظل:
ويحكي في صوره احداثاً او افعالاً ولقد اثر هذا الفن «خيال الظل» في المسرح العربي الحديث بشكل واضح ولكن لسوء الحظ لم يعرف بالضبط تاريخ دخول فن خيال الظل الى مصر لكن من المتفق عليه انه كان معروفا اثناء حكم الفاطميين لمصر حيث صار هذا الفن التمثيلي البسيط فنا شعبيا عاميا يعرض في المناسبات الدينية والاجتماعية رغم اتفاق الآراء انه نشأ اولا في قصور الحكام والطبقة الارستقراطية من اجل الترفيه عن الاغنياء وتسليتهم.
كانت الشخوص تصنع من الورق المقوى او الجلد اما الذين يحركون هذه الشخوص فكان يطلق عليهم «المخايلون» وكان المخايل يقلد الاصوات المختلفة سواء كانت اصواتاً نسائية او اصوات رجال او اطفال وهو في ذلك يستغل طبقات صوته، وكانت عروض خيال الظل تمثيليات بسيطة تتناول الحروب الصليبية في المشرق العربي مثل تمثيلية «حرب العجل» ولقد شاع فن خيال الظل التمثيلي واكتسب شعبية هامة ثم انتقل الى بقية الاقطار الاسلامية كما انتقل بعد ذلك الى غرب اوروبا. ذلك لان الاغريق والرومان لم تكن لهم معرفة بهذا الفن التمثيلي الشعبي البسيط.
ظل هذا الفن معروفا في مصر حتى «اواخر الثامن عشر الميلادي» فكان يعرض في الأعراس وتسلية رواد المقاهي. ولم تضعف شعبية خيال الظل الا عندما اخترع الاروربيون الرسوم المتحركة.
وصف خيال الظل
كان هذا المسرح اشبه بالخيمة الكبيرة الواسعة وكان الدخول مجانيا قبل بدء العرض ولكن بعد عرض جزء من التمثيلية كان يخرج احد المخايلين يخرج ليجمع بعض القطع النقدية من الجمهور كل حسب طاقته، وكانت منصة المسرح في الجزء المغلق من الخيمة وكان المسرح به شاشة بيضاء ناصعة مثبت وراءها مصباح كبير من مصابيح الزيت وكانت تتحرك بين الشاشة والمصباح الرسوم الجلدية او الورقية «الشخوص» وكانت تتحرك على اسياخ حديدية ويظهر خيالها «ظلها» مكبرا امام الجمهور، ولقد خصص اثنان من المخايلين لتحريك الشخوص على هذه الاسياخ ويعاونهما في ذلك اثنان آخران ويتبادل الاربعة الانشاد والحديث. ولم تكن هناك امرأة ممثلة.
ولقد تخصص بعض الممثلين في تمثيل عروض خيال الظل وكان يطلق عليهم «المخايلون» اما كبيرهم فيسمى «الريس» او «المعلم» ومهمته ربط سياق الاحداث وضبط حركة المخايلين كما كانت من مهامه الاعلان عن بداية التمثيلية ونهايتها، من جهة اخرى تخصص بعض المؤلفين لكتابة تمثيليات خيال الظل وكان اشهرهم «الشيخ مسعود» و«علي النحلة» في العصور الوسطى ولكن اشهر من كتب تمثيليات خيال الظل هو «ابن دانيال الكحال الموصلي» الذي اطلق على تمثيلياته اسم «بابات» فكان تسجيل هذه الاعمال هو البداية الحقيقية لهذا المسرح الشعبي غير المباشر.
لقد تميزت هذه التمثيليات بالزجل والسجع اما الشخوص فكانت لبسطاء الناس من اصحاب الحرف والطوائف مثل السقاة والنحاسين، لقد استطاع فن خيال الظل ان يصور البيئات الشرقية ويعبر عن ملامح العصر وعن مشاعر البسطاء وآمالهم وآلامهم ولهذا يرى البعض ان هذه الصور الفكاهية احد المؤثرات التي اثرت على المسرحيات الكوميدية في العصر الحديث فالزوجة المشاكسة والزوج الضعيف والحماة سليطة اللسان قد ظهرت في عروض خيال الظل قبل ان تظهر في المسرح العربي في بداية القرن العشرين عند «نجيب الريحاني» و«علي الكسار».
لم يصلنا الكثير عن هذا الادب التمثيلي، فقد وصلنا فقط ثلاث تمثيليات «لابن دانيال الموصلي» الامر الذي يجعل لدينا مسرحاً له شخصية مستقلة اصيلة. اذن كان التمثيل المرتجل وتمثيليات خيال الظل يمثلان ظواهر درامية تعكس غريزة التقليد والمحاكاة عند الانسان ولكنهما لا يمتان بصلة الى المسرح بمعناه الصحيح.
قدوم المسرح الى مصر
قدم المسرح الى مصر اول ما قدم مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798م بقيادة نابليون بونابرت فتكونت فرقة الكوميدي فرانسيز الكوميدية والقائد الثالث «مينو» هو اول من اقام مسرحاً كبناء هو المسرح الجمهوري والفنون عام 1799م ولهذا يعتبر هذا المسرح له اهمية في الذاكرة لكونه اول مسرح في الشرق الاوسط، الا انه قوبل بالرفض لان لغته فرنسية والممثلين فرنسيون والجو فرنسي اضف الى ذلك المعارضة الدينية ولذا فلم يؤثر كثيرا في الحياة الفنية في مصر.
وفي عام 1869م اقام الخديوي اسماعيل اول اوبرا في مصر وذلك لاستقبال امراء اوروبا الذين يشاركون في افتتاح قناة السويس، واول اوبرا عرضت هي اوبرا عايدة التي ألفها عالم الآثار الفرنسي «مارييت باشا» وقد استوحى هذه الاوبرا من التاريخ الفرعوني القديم، ولكن هذه المسرحية الغنائية لم تقدم في حفل الافتتاح لاسباب فنية فقدمت بدلا منها أوبرا (روجوليتو) وفي العام التالي عرضت اوبرا «عايدة» وحازت اعجاب الطبقة المثقفة في ذلك الوقت، وفي الثلث الاخير من القرن التاسع عشر ظهر «يعقوب صنوع» وبظهوره نستطيع ان نقول ان الحياة المسرحية في مصر قد خطت اولى خطواتها فقد كان ملما بأكثر من لغة اجنبية ومن اهمها الايطالية والفرنسية وقد ارسله الخديوي سعيد الى ايطاليا لكي يدرس المسرح.
وهناك في ايطاليا عمل ممثلا محترفا في الفرق الاجنبية وبعض الفرق الايطالية وبعدها عاد الى مصر واسس المسرح المصري.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved