الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 1st September,2003 العدد : 27

الأثنين 4 ,رجب 1424

واقع الفن التشكيلي السعودي (2)
تفاوتت مكاسب الفن التشكيلي من مؤسسة إلى أخرى
هناك من استفاد من هذا الفن كواجهة إعلامية أو لسد النقص

* الثقافية محمد المنيف:
بعد أن استعرضنا المختصر عن الفن التشكيلي وعلاقته بالتربية الفنية وعن الريادة في البدايات وريادة الأسلوب ودور التربية الفنية في الفن التشكيلي والأدوار التي قام بها معهد التربية الفنية في أول خطوات مسيرة الفن التشكيلي السعودي المحلي نتحدث في هذه الحلقة عن القطاعات والمؤسسات الرسمية والخاصة في دعم هذا الفن وإتاحة الفرص للفنانين للمساهمة في نشاطاتها الثقافية. وقبل أن نتطرق لأسماء أو التعريف بتلك القطاعات يجب أن نحدد الأدوار التي قامت بها تلك المؤسسة فمنها من يستضيف المعارض لدعم برامجها ومنها من أخذ على عاتقه مهمة التأسيس ورعاية الفنانين ووضع البرامج لهم عبر خطط عمل مختلفة على فترات زمنية طويلة المدى ومنها من وضع الفن التشكيلي واجهة ثقافية تستند عليها إعلامياً في حدود المعارض والمشاركات بها محلياً وعربياً.
القطاعات الخاصة والرسمية..
وجد الفن التشكيلي العديد من القطاعات الخاصة منها من شعرت بأهميته باعتباره رافداً ثقافياً ناجحاً ومشروعاً إعلامياً يمكن الاستفادة منه في التعريف بها بالمؤسسات فأقامت له المعارض وأسهمت في تحريك ساحته بالمسابقات والمعارض الجماعية، منها على سبيل المثال الخطوط السعودية ومسابقتها الأهم والأكثر حضوراً وتنظيماً والتزاماً على مدى اثني عشر عاماً تقيم فيها المسابقة كل عامين بدأتها بدعوة الفنانين في الداخل ثم أضافت فناني الخليج في الدورة السادسة اضافة إلى اهتمامها بالمبدعين الصغار من الأطفال حتى سن الثامنة عشرة على أن يتم خلال افتتاح المعرض استعراض مكثف لدور الخطوط السعودية ومهامها في مجال الطيران التجاري وما تقدمه من خدمات محلية ودولية في هذا المضمار كما قامت وزارة الخارجية أيضاً بإعداد وتنظيم معرض السفير التشكيلي ولازال الموعد الثاني معلق إلى حين، أيضاً للهيئة الملكية بالجبيل وينبع مساهمة تمثلت بإقامة معرض واحد إلى جانب ما يقيمه الحرس الوطني من معارض مرافقة لفعاليات مهرجان التراث والثقافة إلا أنها غير مستقرة المستوى بين عام وآخر، كما تقوم وزارة المعارف عبر إدارة النشاط الفني والمهني وأقسام النشاط الفني بإدارات التعليم بإقامة معارض للمعلمين أو للموهوبين من طلبة المدارس الثانوية وهي من المعارض الهادفة لدعم منسوبي القطاع من الفنانين المعلمين كونهم يشكلون السواد الأعظم من التشكيليين المعروفين على الساحة ممن لهم حضورهم المنافس، اضافة إلى جهود شخصية بين حين وآخر لفنانين تشكيليين يقومون على تنظيم معارض جماعية تجد الدعم من القطاع الخاص مع ما يتم من مشاركات لهذا الفن في الكثير من المحافل العامة والخاصة رغم أن غالبيتها لا ترتبط بهذا بقدر ما تجد فيه ما يملأ الفراغ ويحرك الساكن الإعلامي، أما الأكثر دعماً وأكثر التزاماً وأقوى تأثيراً على بناء الحركة التشكيلية السعودية فهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب الجهة الوحيدة التي وضعت لهذا الفن إدارة وقسماً خاصاً قام وعبر أكثر من ثلاثين عاماً على وضع لبناته الواحدة تلو الأخرى بإثرائها الساحة بالفنانين ولنا معها حديث مفصل نتحدث فيه عن بعض القصور غير المؤثر على ما يجب الاحتفاظ لها فيه من تقدير من مختلف الفنانين.
هذه الإدارات وتلك المؤسسات باستثناء الخطوط السعودية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المعارف، لم تكن على علم بما يعنيه هذا الفن إذ توقفت المعرفة لديهم عند حدود النشاط والمشاركة للدعم الإعلامي ولكسب الحضور مع أن الفن التشكيلي لم يكن
مستفيداً بقدر ما أسيء له وأصبح مشابهاً لفرق الطرب التي تدعى في الأعراس وحفلات الأعياد فامتهن وفتحت فيه الأبواب لمن هب ودب الغث فيه أكثر من الثمين مما أفقده خصوصيته ودوره الثقافي الكبير والإبداعي وأصبح لكل من يجد في الرسم فرصة لملء الفراغ بالعبث والتداعيات المتدنية في الفكرة والشكل مجال للتواجد.
سلبيات التعامل مع الفن التشكيلي
حينما برزت اللوحة التشكيلية كفعل ثقافي وإبداع يحمل معاني وأبعاداً
مرتبطة بقدرات معينة في تحويل الموضوع والفكرة التي تضمنتها حالات التعبير عن واقع وحال المحيط بكل عناصره وظروفه وناقلة إياه للمشاهد بأساليب وطرق وتقنيات عالية التأثير معلنة المنافسة مع أدوات الإبداع الفكري الأخرى في منظومة الثقافة لم يكن لها أي مسار واضح أو مفهوم من قبل الكثير والعديد من المعنيين بالثقافة ولهذا أعادوا التعامل مع هذا الواقع الجديد إلى معرفتهم السابقة به كنشاط «ترفيهي مدرسي» كان ولازال يمارس في الصفوف المدرسية لقتل الملل بين حصص المواد
الأخرى وما ينتج عنه لاحقاً ينتهي في حاويات المخلفات، اضافة إلى ما كان يجده هذا الابداع في مهده من تذمر لما يصرف عليه من ميزانيات قلصت إلى حدود لا يمكن أن يقوم من خلالها معلم الفن بأي انجاز، هذا الأمر يمتد إلى الحال الأكبر على مستوى اللوحة التشكيلية ومبدعها الفنان المتمكن علماً وخبرات إلا أن المتعاملين معهم لازالوا كما عرف من جهلهم فيه.
الانساني والتاريخي ووضعوه في مكانه ومكانته الحقيقية ولهذا لم يتحقق ما يصبو ويحلم به الفنانون من آلية علمية مدروسة لتنظيم مساره وتشكيل مسيرته على النحو الذي يليق به مفتقداً الإداري الواعي والمسؤول القادر على توظيفه فغالبية أولئك المشرفين أو ممن أوكل لهم هذا الفن بعيدون كلياً عن حقيقته ودوره في بناء الحضارة كأحد روافد الثقافة. وقد نتج عن مثل تلك المواقف الإدارية والتنظيمية الكثير من السلبيات منها:
إقامة بعض المعارض لم يكن الهدف منها الأخذ بالفن التشكيلي والتعريف به بقدر ما كان الهدف تكثيف فروع النشاطات المشاركة في تلك الجهة اشراك اللوحة التشكيلية في مناسبات وأنشطة لا تتعلق بالفن التشكيلي، إقامة المعارض بمستوى ضعف عبر فتح المجال للجميع للمشاركة دون مراعاة للمستوى أو الخبرة والتجربة، إقامة المعارض من قبل منظميها في مواقع لا تتناسب مع حجم أهداف هذا الفن ولا تليق بسمعته المحلية والعلمية.
برامج الرئاسة ونوعية التفعيل
ويمكن لنا أن نتوقف قليلاً عند المؤسسة الوحيدة التي أثرت الساحة ووضعت القاعدة الصلبة للفن التشكيلي وقدمته للعالم بأطره ومواصفاته الحقيقية بما أعدته له من برامج ومسابقات التزمت بها على مدار المرحلة التاريخية ابتداء من أول معرض اقامته الرئاسة حتى آخر يوم أعلن فيه انضمام الثقافة بما فيها الفنون والفنون التشكيلية إلى وزارة الثقافة والإعلام قبل أشهر لازال الجميع منتظرين بكل أمل ما سيتم من خلاله من تنظيم جديد أو اضافة للسابق مع معالجة بعض القصور مع أن الدعم والرعاية لهذا الفن من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب أكبر من أي نقص خصوصاً في جانب تكثيف الكم على الكيفية في اختيار الأعمال المشاركة في المعارض المحلية والدولية التي تحتاج إلى اختيار دقيق لتمثيل المستوى الحقيقي لهذا الفن. ويعود هذا الأمر إلى أن من أولويات اهتمامات الرئاسة أن يشمل التشجيع والدعم لكل الفئات والمستويات مع أن الرئاسة في الفترة الأخيرة حققت مساحة من النتائج المتميزة في تحديد الأعمال المستحقة للفوز أو المشاركة في المعارض الخارجية وهذا بالطبع حسب للمسؤولين هناك وقدرها غالبية التشكيليين، ويمكن لنا ان نوجز بعض الملاحظات التي كنا نتقدم ونحرص على المشاركة بها عبر الصحف. ويشاركنا فيها جميع التشكيليين ووجدنا القبول من المعنيين بها وحظيت بالوعود إلا أن الوقت لم يكن كافياً لتحقيقها لهذا نتمنى أن نجدها ضمن مهام وزارة الإعلام والثقافة الآن ومن تلك الملاحظات باعتبارها من الجوانب الهامة في أن أصبح الفن التشكيلي يدور حول نفسه وفي حدود التشجيع والرعاية المادية أكثر منها إدارية ومنها على سبيل المثال.
أولاً: عدم وجود مرجعية واحدة للفن التشكيلي تتمثل في جمعية مستقلة رسمية تقوم على تصنيف الفنانين وتنظيم المعارض والتنسيق مع مثيلاتها من الجمعيات في مختلف الدول العربية ورعاية الموهوبين في هذا الفن وتسويق الأعمال وإعداد أرشيف متكامل للفنانين كل في مجال ابداعه وتخصصه إلى آخر المنظومة.
ثانياً: انشاء قاعات عرض دائمة بديل لما هو مفقود أو موجود بشكل لا يتناسب مع ما وصل إليه الفن التشكيلي من تطور.
ثالثاً: وضع الفن التشكيلي في موقعه الصحيح ووضع آلية مدروسة لكيفية اقامة المعارض وإعداد لجان لهذا الجانب تتخصص في تحديد ما يمكن عرضه بناء على المستوى الفني والموضوعي وقدرة الفنان ومستوى خبراته. وللحديث بقية في الحلقة القادمة بإذن الله.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved