جرت عادة العرب من قديم الزمان انهم يسكنون البوادي ويأخذون بما جلبت حياة البادية عليه من: شظف.. وحرارة.. وشدة.. وبراءة.. ونجدة.. وكرم، مع ما يكون مع هذا من: ظلم.. وتعدٍ.. وهتك للحرمة الذاتية.. ووأد للبنات خشية العار.. والقتال لسبب تافه، كل ذلك انهم كانوا يرون الحياة: غاية بحد ذاتها بجانب حبهم للزعامة والمركزية والسيطرة على الغير ضعيفا أو مسكينا أو لا ناصر له أو مُضطرا وسواهم.

وتأثير البادية (البيئة) ذو أثر بالغ في نفسية وطبيعة المرء ونحن نرى رعاة الغنم يختلفون عن رعاة الإبل. والبادية بجبالها وسهولها وأشجارها ووديانها ومياهها وجوها كل ذلك له أثره البالغ في طبيعة الإنسان، ولهذا لما جاء الله تعالى بالإسلام ووظفت مواهب وقدرات أهل البادية في الأرض ووزعت الفرص عليهم ظهر خلال زمن يسير قدرات ومواهب لم يسبقوا إليها أبداً في: الإدارة.. والطب.. والسياسة واللغة.. والنحو.. والعلم.. والتجارة.. والاختراع.. والإضافات المتفردة، هذه ولا جرم مقدمة لما يأتي من ألفاظ معجمية وردت عنهم في الأسفار تدل على نجابة عقولهم وبكارتها بعد الإسلام فمن ذلك:

1- الحق أبلج.

وأبلج: أوضح، وأبلج وزنه: أفعل والبلج البياض مع تمام الوضوح بحيث لا يقع فيه: خلاف، والحق أصله واحد وإن اختلفت آراء الناس فيه.

2- أقل اللوم.

وأقل أقصر وقلَّلْ، والعتاب واللوم واحد لكن اللوم يكون معه شدة ولهذا لا يكثر منه لا سيما إذا كان من يُلام: عاقلاً.. أو شريفاً فمثل هذين يكفيهما التعريض.. وقد جرَّبته فيما كنت رئيساً عاماً لهيئة الأمر بالمعروف بالنيابة من سنة 1404هـ حتى سنة 1407هـ وكان لومي الخفيف يكون كافياً جدا إذا كان من أمامي: عاقلاً أو شريفاً.

ولهذا جاء: (والحر تكفيه الإشارة...).

3- إن لصاحب الحق مقالاً.

وهذا من أنفس وأطيب الكلام، وهو من باب الجوامع الحكيمة البليغة.

و.. إن.. هنا تؤكد ما بعدها، واللام في: صاحب أبلغ في: التأكيد، اللهم إلا إذا كان صاحب (الحق) ضعيفاً أو مشبوهاً بوشاية خاطئة أو لا يُؤْهبه به فإنه هُنا لا يُلتفت إليه، وهذا سبب عظيم في ضياع: الحقوق ومن ثم نزول النقم شيئا فشيئا.

4- أعظم من ضعيف.

على وزن (أفعل) وأعظم صيغة مبالغة وليست صيغة المبالغة على وجهها بل على الحقيقة فلا أجل خطراً من الضعيف إذا فزع وسهر وألح في نشدان حق وطلبه من الله، ولهذا قال وزير المأمون أحمد بن أبي داود: (والله ما أصابني ومالي وولدي إلا قوة ضعيف سرت في ليل.. جُرْتُ عليه) فلم أعدل في حقه ونسيته ظلماً أو تأويلاً ومثله قال المعز لدين الله الفاطمي وقد نبَّه الذهبي على مثل هذا كثيراً في (سير أعلام النبلاء) وإن لم يورد كل شيء مثله رحمه الله: فتنبه رعاك المولى لا يأخذك الله بعدله فإنه إذا أخذ بعدله هلكت.

خاص

د. مصطفى بدران ناهض البلي

القاهرة

الجيزة - 17/م

أقدر لك السؤال والالحاح على معرفة سبب انقطاع مؤقت للمعجم وسؤالك المجمع للغوي في القاهرة ابين لك الآن السبب انه السفر منذ 4- 6-1428هـ حتى 11-9-1428هـ فآمل أن يكون هذا عذرا تقبله ويقبله كافة المتابعين لهذا المعجم الذي إن شاء الله تعالى سوف يرى النور في قرابة 9 أجزاء خصص منه.. (8 و9): لمداخلات لغوية بيني وبين بعض من كتب (عنه) بروح عاقلة خليقة جادة مركزة تعي وتدرك ما تكتب في هذا المجال المهم بحد ذاته.

* أ. محمد بن أحمد بن سليمان بكران.. جدة

ها هو عاد بفضل الله تعالى والشكر موصول: أما الإمام الترمذي صاحب السنن.. فهو غير الحكيم الترمذي، يردك خطاب مفصل حول هذا.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244