أما عن الصداقة مع أمريكا فينقل ما روي عن الرئيس الباكستاني ضياء الحق قبل تفجير طائرته أنه قال: (إن صداقة أمريكا تشبه التعامل مع الفحم لن ينالك منها إلا سواد الوجه).

ومع كل هذه الصورة القاتمة التي لا يرسمها هو بل هي الصورة القاتمة في الواقع نرى ان التفاؤل لم يغادره هو الآخر فيقول: (وأنه بقدر ما في هذا الكلام من مساحات التشاؤم الواسعة فانه يظل في الأفق بريق وشعاع من أمل).

كما يقول بأن (الأمم لا تنهض ولا تستمد قوتها إلا من ابنائها الشجعان والاعتزاز بتاريخها الأصيل،لا بأوغاد التبعية ومؤنثي الرجولة ومؤنثي الولاء). لقد أخذ هذا المدخل 18 صفحة من الكتاب مقدما فيها ما يشبه رؤوس نقاطه لكل الموضوعات التي أسهب في الحديث عنها من خلال المقالات الأخرى.

في المقال الأول الذي جاء تحت عنوان (أمريكا والعناية الإلهية) قال واصفاً السياسة التي جاء بها الرئيس الأمريكي في العراق ومنطقة الشرق الأوسط كلها بأنها (تعرّت) وأنها (أصبحت كراقصة ستربتيز تلقي آخر قطعة قماش عن بدنها). ولذا يصف الكتاب العرب الذين مازالوا يغالطون ويحاولون تقديم صورة أخرى لهذه السياسة بأنهم مثل (حلاب فحل) لأنهم (يحاولون ببسالة وفدائية نادرة ستر عورة سياسة السيد بوش إلى درجة أن بعضهم أخذ يطعن في صحة وسلامة ونزاهة تقرير بيكر. بل صار البعض منهم يزرفون الدموع على إقالة رامسفيلد، ويقرعون سن الندم على رحيل بولتون) ويصف حالتهم هذه ب(البارنويا التي عادة ما تصيب عشاق البطش الأمريكي).

ويكرس مقالة تحت عنوان (الشيطان يستنكر) لمجزرة بيت حانون في فلسطين العربية المحتلة التي ارتكبها الصهاينة.. ورغم أن العالم كله قد أدانها إلا ان مندوب أمريكا آنذاك بولتون وحده من وضع يده بالفيتو ضد ادانة إسرائيل عن هذه المجزرة. وقال بألم: (والله لو أن الذي يحدث للعرب في العراق وفلسطين يحدث لتلك القطعان من الأبقار الوحشية في السهوب الإفريقية لتدخل الغرب لإيقاف هذه المجازر وهذا الذبح المستمر والمستمر ضد تلك القطعان).

ونجد المؤلف غائصاً في تفاصيل ما يجري في الوطن العربي أو ما يتعلق به في العالم ويفرد مقالاً تحت عنوان (الفتك والفاتيكان) يعلق فيه على حديث البابا وهجومه على الإسلام ونبيه ويرى ان هذا الحديث لم يكن (مستعجلاً ولا مندفعاً بل كان حديثاً متأنيا ومدروساً بعناية شديدة).

وفي مقال بعنوان (عقيدة الذبح) يصف الكاتب إسرائيل بأنها (لا يمكن أن تكون دولة سلام، إسرائيل تستغل كلمة سلام في المحافل الدولية وفي وسائل الإعلام الغربية كشعار تمارس تحته الذبح والإبادة والهدم والتشريد).

إن الحديث عن كل فصل من فصول هذا الكتاب القيم ورغم ما يتطلبه من مساحة كتابية كبيرة إلا أنه يمكن تلخيصه بالقول: أن الكاتب وضع يده على كل الجراح النازفة في الجسد العربي. وأن ما كتبه كان صرخة مسؤولة. فتحية له ونأمل أن يكون نموذجه هو الحاضر والعالي الصوت في ساحتنا الإعلامية.

هذا الكتاب كبير الحجم إذ جاء في 384 صفحة من القطع المتوسط وسنة النشر 2007م.

هنا لا بد أن نشير وزيادة للتعريف بالكاتب ومنجزه انه عرف قاصاً، وله عدة مجموعات منها سيرة نعل. أتباع السراب، حصار الثلج، الشجرة. وأخيراً من أحاديث القرى.