الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 1st November,2004 العدد : 83

الأثنين 18 ,رمضان 1425

قراءة في كتاب (خواطر مصرحة) «3»
المروة والصفا شرارة التنوير الأولى
تنوّرها: سحمي الهاجري *

«2» التلقي
حينما صدرت الخواطر المصرحة، رصدت السلطة السياسية أن العواد يتكلم باسم مجموعة وليس باسم فرد؛ يتضح ذلك من كلمة (نحن) في قول الآشي في مقدمة الكتاب (نحن نريد أن يسود العلم والوداد والشعور السامي كل طبقاتنا حتى نستطيع أن نشيد المجد الذي نرمقه وندرك المرمى الذي نطمح إليه).(121)
وصيغة الجمع تعني أن هذا رأي مجموعة أو تيار، وليس فردا، والدولة تحتاج أن تحتضن كل الفئات لترسيخ سلطتها الجديدة.
وعلى طريقة (لم آمر بها ولم تسؤني) وجدت فيما أثير حول الكتاب فرصة لإثبات وجودها كسلطة ناشئة، وفي نفس الوقت محاولة خلق نوع من التوازن بين الفئات المتنورة الصاعدة، والفئات التقليدية السابقة.
وقد تفاعل الأدباء مع هذا التوجه، فبادلوا المبادرة بمثلها، مثل: ما نجده في الكتاب من تفضيل ابن عبد الوهاب على أرباب الطرق الذكرية.(122)، وتفضيل الملك عبد العزيز على سلفه.(123)
وعلى وجه الخصوص حدد العواد أسماء أهم رجال الدولة الرسميين الذين نصروا خواطره المصرحة, وهم: فيصل بن عبد العزيز نائب الملك في الحجاز، ومحمد صالح نصيف رئيس لجنة الإصلاح الحكومي وعضو مجلس الشورى ومهدي المصلح مدير الأمن العام.(124)
التلقي الإيجابي الآخر، والدعم جاء من الأدباء المؤيدين للعواد. وعلى رأسهم محمد سرور الصبان الذي أطلق الكتاب وساند في طباعته وعلق في أحد هوامشه(125) وقد سرد العواد فيما بعد طبيعة مواقف المؤيدين، بقوله: (وكما تجاوب هؤلاء الأحرار مع وثبتنا وزحفوا بها معنا إلى الجيل استجاب الرواد الأوائل الذين سبقونا في الزمن. وكان الصدى عظيما في نفوس البارزين منهم كعمر عرب وسعيد العمودي ومحمد سرور الصبان وعبد الله فدا فعبروا عنه بمختلف التعابير. فالأستاذ العمودي كتب ما يدل على تأييده المطلق بدرجة أنه اعتبر رسالته صحيفة خالية أستطيع أن أملأها بما أشاء.
والأستاذ الصبان عبر عن تأييده بتبني المكتبة الحجازية التي يديرها لعملية نشر الكتاب بالمساهمة في نفقات الطبع والأستاذ عمر عرب أعلن أن السنة التي ظهر فيها الكتاب وهي سنة 1345هـ أبرز سنة في حياته الأدبية). (126)
وأبرز الذين دعموه عبد الوهاب آشي، وأهم وسائل دعمه كتابة المقدمة نيابة عن بقية المؤيدين، إضافة إلى وسيلة دعم أخرى، وهي النقد الموضوعي لكتابه بذكر ماله وما عليه، من ناحية الصياغة، والأفكار، فلاحظ على الأولى، واستحسن الثانية.
يقول عن صياغة الكتاب (فهي وإن لم تكن عميقة غير أنها تستهوي القارئ بما فيها من نظرات صائبة).(127) ويلقي الآشي نظرة فاحصة على أسلوب العواد وطريقته (أسلوبه وديباجته أسلوب من يفكر فيما يكتب لا في كيف يكتب، قليل العناية بتنميق العبارات أسلوب وجيز واضح لا يزهق نفسه ولا يرهق
عقله ولا يضيع أوقاته سدى وهو الأسلوب التلغرافي الذي أشار إليه ويناصره الأديب الكبير (سلامة موسى), أما اسلوبه في شعره فأسلوب الصيرفي الحاذق المتفنن في كليهما يؤثر الجزالة مع الوضوح في ألفاظه وتراكيبه على الرقة) (128)
ويحاول تصنيف العواد بين الكتاب بقوله (هو في أسلوبه بين ذلك الذي يعنيه لفظه قبل معناه، وبين ذلك الذي يعنيه معناه قبل لفظه، وبين من يراعي مع جمال المعنى نصاعة المبنى) (129)، والعواد في رأيه من النوع الثالث. وأخذ عليه تغنيه بالغرب، ولكنه دافع عنه في ذات المقدمة بذكر قصيدته (الوطنية والاجتماع) التي ينتقد الغرب فيها.
واستغراب الآشي له ما يبرره، فإضافة إلى هذه القصيدة ألقى العواد قصيدة أخرى (130) أمام الملك عبد العزيز عام 1344هـ من أبياتها:
مدنية الإفرنج منها
ناشئ العرب اشمأزا
يبغي تمدن قومه
ويريد سؤدده الأعزا
يبغي الجديد ولا جديد
سوى التوثب مستفزا
مما يؤكد ما سبق ذكره من قوة شخصيته، وصعوبة استلابه، وقدرته على التفريق بين ما يؤخذ وما يترك من حضارة الغرب.
وكان من أهم دوافع من ناصروه: (حب الخير لبلادهم) كما يقول العواد (131) أما الذين وقفوا ضد الكتاب فقد ضجوا وهاجوا، ورفعوا برقية شكوى إلى الملك عبد العزيز, بحجة أنه تطاول عليهم، وسفه أحلامهم، وهزأ بهم، وشتمهم، واعتبروا أن هذا مساس بالدين نفسه، على اعتبار أن ممارساتهم لا تعدو كونها من صميم الدين, وطلبوا تأسيسا على ذلك إعدام العواد أو سجنه سجنا مؤبدا أو نفيه خارج البلاد.
وطلب القتل في حقيقته هو رغبة دفينة لقتل أفكاره تماما، فإن لم يكن فعلى الأقل سجنها حتى لا تنتشر بين الناس، أو نفيها لإبعادها عن مجال التأثير، فهم يسعون إلى طمس تأثير الكتاب بالنيل من مؤلفه من جهة، وحتى لا يتجرأ آخرون على السير في نفس الطريق. أي أنهم يريدون أساسا قتل المنهج وليس قتل الشخص.
ولكن الدولة لم ترضخ لدعواهم، فمع أن العقوبات التي طلبوا تطبيقها عقوبات جنائية قامت بتحويل الموضوع إلى معتمد المعارف (كامل القصاب) بدلا من الشرطة، أي أن الحكومة تعمدت نقل الأمر من السياق الجنائي إلى السياق العلمي ولهذا دلالة عميقة، لأنها سابقة مهمة سجلتها الدولة على يد مؤسسها.
وزادت فأعادت تكييف القضية على اعتبار أنها بمثابة الحرب بينهم وبينه، وليس بين الدين وبينه، أي أنها فصلتهم عن تلبسهم بالدين، والدليل أنها اعتبرت ما كتبه نوعا من النشاط المطلوب في الدولة الناشئة، فهي: (أفكار كتبت بالقلم فإذا أردتم أن تحاربوه فحاربوه بالقلم نفسه.. أما
نحن فلا يمكن أن نقتل الأفكار الشابة الجديدة والنشاط الذي يجب أن ينمو في مملكتنا الحديثة) (132)
ويرى الغذامي أن هذه الصيغة مكملة لشروط تأسيس الدولة. (133)
وفي نفس الوقت لم تنس الدولة أن من واجبها كبح جماح هذه المجموعة، والتحكم في أن لا تتعدى ثورتهم سقفا معينا فأسندت إلى يوسف ياسين المسئول عن جريدة أم القرى مهمة نقد الكتاب وهي المهمة التي نكص عنها خصوم العواد، وجاء الرد في عشر مقالات في الجريدة الرسمية، لتحقيق عدة أهداف أهمها: أخذ الدولة لزمام المبادرة، وتأكيد وجودها، وتهدئة خواطر الشاكين، وخلق عملية التوازن التي يحرص عليها كل سياسي.
ويُلاحظ أن الجميع مؤيدون ومعارضون حصروا الموضوع بأكمله في سياق مفهوم التقليد نفسه (وبفضل مفهوم التقليد يمكن تجاهل التجديدات واعتبارها من منظار الاستمرارية، مع إرجاع جدارتها إلى الجدة، والطرافة والنبوغ) (134) وهو ما رآه مؤيدوه، أو التمرد والخروج، وهو ما رآه معارضوه. وكل ذلك يدرج الخواطر في سياق التقليد، ويحاكمها بمواصفاته.
صيغة أخرى من صيغ التلقي المتأخر زمنيا على الأقل يمكن تسميتها: التلقي الحلزوني، أي طريقة ال(approach spiral) بسبب طبيعة المواضيع، والمناهج، والمداخل التي اعتمدها أصحاب هذه الطريقة في دراساتهم.
في حين أن الطريقة الأقرب لدراسة تيارات التنوير، وتتبع مصادرها، ومبتدآتها، ورصد مآلاتها، هي طريقة ال(water flow approach).
ويمكن الاستشهاد بأحد نشطاء تلك الطريقة، وهو الدكتور عبد الله الغذامي، فقد جعل كتاب خواطر مصرحة (بجانب ) (135) محاضرة حمزة شحاته، متجاوزا عبقرية اللحظة، فالمحاضرة جاءت بعد خمسة عشر عاما، جرى فيها تحت الجسر وفوقه مياه كثيرة، وسمعها كما هو معروف عدد محدود من الناس، كان بعضهم يذهب لقضاء مصالحه ويعود للفرجة، ولم تنشر إلا بعد خمسين عاما، وجلها تنظيرات وحكم عائمة موجهة إلى كل الناس في كل مكان، أي إلى (لا أحد).
كما يتجاوز الغذامي طبيعة محيط العواد الاجتماعي في ذلك الوقت، وقصده التنويري الذي يقتضي أن تكون صرخته صريحة ومباشرة وهي السمة التي انطبقت على شعره أيضا ويأسف لأنها (لا تحتاج إلى لعبة التأويل ) (136)، لأن الغذامي كان مشغولا بالقالب الذي يحمله ويبحث عن مادة تتطابق مع ارتساماته التي تشكلت في سياق آخر.
ويضيف (كما أن العواد تمثل الشعر الحر شكليا وظاهريا من دون روحه ونسقه فإن مشروعه كله على هذه الشاكلة، أي غاية ما وصل إليه هو الشكل الظاهري لقضية التجديد).
( 137) وهل تحتمل مراحل الريادة في العموم غير ذلك؟.
ويرد عليه العواد من خلف ستائر الزمن (كتبنا.. لتبسيط الوعي، ولرفع مستواه في المجتمع) (138)
3 الجزء الثاني
يظهر في الجزء الثاني نضج نسبي في الصياغة والأسلوب، ولكنه افتقد لوهج الريادة والمبادرة، يقول المغربي (أصدر العواد بعد ذلك الجزء الثاني من (خواطر مصرحة) عام 1380هـ فمرت الخواطر دون أن يشعر بها أحد ذلك أن ما كتبه العواد عام 1346هـ كان جديدا على الناس وجريئا في ذلك الزمن، أما ما جاء بعد ذلك فقد أصبح أمرا عاديا ومألوفا ولكل زمان حكمه) (139)
ويلاحظ في الجزء الثاني أن نظرته إلى الوطن اتسعت بالانتقال من الحجاز إلى (الشعب السعودي كله) (140)، ولكن هذا الاتساع الجغرافي قابله ضيق على مستوى المسموح بنشره من الأفكار، مما جعل الجزء الثاني كأنه شبح للجزء الأول، أو مجرد رماد للنار التي أشعلها في الماضي، فهو ينطوي على قدر من الاستسلام والاستلاب, اتضح من خلال تجنب المواضيع المثيرة، لأن نشر بعض الأفكار في تلك المرحلة (منعه القانون) (141)، ولذلك انتقل في الجزء الثاني من طرح القضايا الكبيرة إلى التركيز على أشخاص المناوئين، أو الانتصار لجزئيات غير مهمة مثل كلمة (هلام ) (142).
وقابل هذا الضمور في حرية التعبير، انتفاخ وزهو مبالغ فيه،
يقول مثلا منتصرا لمفردة سبق أن استعملها واعترض عليها بعضهم (كلمة هلام كلمة حية قبل أن نستعملها وقد زادت حيويتها عندما استعملناها) ردف (وهذا ليس بغرور ولكنه تحديث بنعمة الله) (143).
ويجدها فرصة ليثمن أداءه في الجزء الأول (وكنا ذوي هوادة إذ ذاك في الأسلوب لما قام هذا الأدب الذي تراه الآن.. والجدل.. والحرية في الصحف) (144).
ويعود فيستدرك أن طابع الجزء الأول كان (طابعا عاطفيا يغلب عليه الارتجال..
أما الجزء الثاني فيغلب عليه طابع التفكير والتأمل) (145)
وإن كان استمر في الجزء الثاني على مفهومه للنقد الذي يقوم على الهدم و(التبريح)، قبل إعادة البناء، ويشدد على الشبه بين كلمتي نقد ونقض (وهو ما لم يأت عبثا، ولم يأت عفوا في لغتنا الصريحة الواعية,) (146) حسب تعبيره.
وحقيقة الأمر أن الجهاز الإداري للدولة رغم استفادته من التيار التنويري لخلق عملية التوازن التي تقتضيها مسيرة التنمية، إلا أنه في الغالب يساير تيار التشدد لأسباب عديدة، وربما كان من أهمها اتقاء شر هذا التيار، أما التيار التنويري فإنه في العموم لا يؤمن بالعنف المسلح.
ولذلك لا غرابة أن يأتي الجزء الثاني على الصورة التي ظهر بها.
4 الأثر التنويري
كان هذا الكتاب هو الشرارة الأولى التي أوقدت شعلة التنوير، وأصبحت تداعياته وآثاره الخفية أكبر من آثاره الظاهرة، أي أن الهزات والتوابع صارت أكثر تأثيرا من زلزال الكتاب نفسه، وكانت ثورته مرحلة ضرورية لتتابع المراحل فيما بعد، وهي ثورة وفرت على البلاد نسبيا المزيد من سنوات الجمود والتخلف.
ولتصور تأثير هذا الكتاب فعلينا النظر إليه بمعايير ذلك الزمن، فعندما ظهر كان السائد هو تحريم الدافور،
والكبك، والساعة، والبرقية، كما أن تعليم البنات كان أحد أنواع الدياثة، أما التصديق بكروية الأرض فرابع المستحيلات، وإذا بلغ السيل الزبى وقيل إنها تدور فتلك قاصمة القواصم.
فصار الكتاب جزءا أساسيا من سياق إقرار تدريس اللغات الأجنبية، والجغرافيا والرسم، التي كانت من المحرمات (147), وجزءا من السياق السياسي لمعركة السبلة، وجزءا من سياق معركة مدارس البنات، وجزءا من سياق كل ما تلا ذلك من محاولات التنوير، وربما يعتبر ما جاء بعده من جهود مجرد تنويعات، أو تفاصيل.
وقد ظل العواد يصارع وحده، ويحاول السهر على تأجيج النار التي أشعلها، ويراقب أثرها على الآخرين ويشجعهم على مساعدته، فهو يهدي ديوان الأفق الملتهب إلى (ألوف من المواطنين يحملون الإيمان بهذه الرسالة..
وفاء لجهودهم وإعجابا بمواقفهم واعترافا باشتراكهم في إيقاد الشعلة المتوهجة) (148)
ومن آثار دعوته لتعليم المرأة على المستوى الشخصي، ما طبقه على ابنته نجاة، التي ظلت تقدم من خلال الإذاعة السعودية ولسنوات طويلة برنامجها الشهير (البيت السعيد) الذي كان منبرا لتنوير الأسرة، وساهم في تشكيل وجدان أسر الطبقة المتوسطة، التي تعتبر دعامة بناء الوطن، وبيئة تحقيق التنمية، وقد ثمن المغربي ذلك حين قال عن العواد (كان من أوائل الرجال الذين شجعوا الفتاة وكرموا انتاجها وهللوا لتعليمها، ولقد عنى بتعليم ابنته الوحيدة نجاة..
فكانت من أوائل المتعلمات وكان برنامجها الناجح في الإذاعة السعودية (البيت السعيد) يشير إلى مابذله العواد لكريمته الوحيدة من علم وتهذيب) (149) كما أنه تابع دعوته إلى تأسيس (رابطة فكرية متينة ناهضة تؤسسها الناشئة المتأدبة في كل بلد) (150) حتى تحققت على يديه الأندية الأدبية في المملكة بعد وقت طويل لم يتطرق فيه اليأس إلى نفسه لحظة واحدة.
لم يكن يعني العواد إلا رفعة وطنه ومجتمعه، وقد اطمأن إلى أنه حقق ولو بعض النجاح المتمثل في قوله (آمن بمذهبنا كثير من إخواننا الشبان، وقاومنا كثير من الشيوخ، ولكنهم عادوا فتأثروا بالتجديد، ومشوا في موكبه صامتين) (151)
لقد كسب الوطن من صمت هؤلاء أكثر مما كسب من كلام الكثيرين، وهذه من حسنات العواد الكبرى.
وإذا انتقلنا من الآثار العامة إلى الآثار المركبة، فقد دشن العواد على المستوى الوطني ثنائية التنوير والتعتيم، التي لا زالت قائمة حتى اليوم، وهو تكييف ينطوي على بعدين مهمين:
الأول: أنه عملية فرز ومفاصلة عامة، من ذلك النوع من المفاصلات الضرورية في حياة كل أمة.
الثاني: أنه على المستوى الإجرائي تكييف غير دقيق، فهو تبسيط شديد للتعدديات لأن الواقع يقول إن
التنويريين أطياف متعددة ومتدرجة، والآخرين كذلك.
فما دشنه العواد أصبح صفة مستمرة لا زالت تؤدي إلى تصورات غير دقيقة أفضت إلى خلل في إدارة الخلاف الفكري بين النخب في البلاد، فبقي هذا الخلاف في دائرة الهجمات المتبادلة، بدلا من التفهم، والتحليل، وعدم أخذ مخاوف وتوجسات كل فريق في الحسبان، لأن المسألة على وجه الدقة مسألة مصالح ومكتسبات، وتصورات وعادات، وليست مسألة دين أو علمانية كما يحب كل فريق أن يشيع.
وهذا أدى بالضرورة إلى تعرض جهود التنوير إلى التقطع وتشتت التراكم من ناحية، وإلى جنوح خطاب التعتيم إلى العدمية والحلول الانتحارية من ناحية أخرى.
مسألة أخرى في غاية الأهمية، وهي الصورة النمطية: التي وسمت كل أفعال التنوير، من أنه ناتج عن الانبهار بالحضارة الغربية، وأن دعاته عملاء للغزو الثقافي الذي يهدد مرتكزات ومكاسب الأمة، وأنهم دعاة للتفسخ والانحلال.
مما جعل التنويريين في دائرة الاتهام، وحشرهم في موقع الدفاع عن أنفسهم على المستوى الشخصي في أغلب الأحيان.
كل هذا حجب البصائر عن فهم حقيقة تتعلق بالتيار التنويري، كانت سببا أساسيا في تعثر محاولات التنوير، وهي الغفلة عن مسألة جوهرية هامة تقول: إن قيم حضارة الغرب محورها الأساسي هو الفرد، ومشروعها الحضاري يقوم على حماية حرية النوازع الفردية مهما بلغت درجة تطرف وانحطاط هذه النوازع، وهم محكومون في ذلك بردة الفعل الشديدة المبنية على طبيعة مسارهم التاريخي والاجتماعي.
أما أمم الشرق عموما مهما كانت دياناتها فإنها تقوم على قيم الأسرة، وأي منهج تنويري يغفل ذلك مصيره الفشل المحتوم.
وإذا كان العواد لم يقع في هذا الفخ بصورة واضحة، فإنه لم يحرر هذه المسألة، كما حررها قاسم أمين في كتابيه تحرير المرأة والمرأة الجديدة.
****
المصادر والمراجع
121 الخواطر (ص 34)
122 الخواطر (ص 40)
123 الخواطر (ص64)
124 ديوان الأفق الملتهب (ص 57)
125 الخواطر (ص 102)
126 الأعمال الكاملة (ص 15)
127 الخواطر (ص 28)
128 الخواطر (ص 33)
129 الخواطر (ص 26)
130 ديوان البراعم (ص 45)
131 ديوان الأفق الملتهب (ص 58)
132 العواد قمة وموقف (ص 49)
133 الغذامي حكاية الحداثة ص58 ط1 المركز الثقافي العربي 2004م
134 حفريات المعرفة، ميشال فوكو، ترجمة سالم يفوت ص 21 ط2 المركز الثقافي العربي
135 حكاية الحداثة (ص 52)
136 السابق (ص 60)
137 السابق (ص 6162)
138 مقدمة رؤى أبولون (ص 240) ديوان العواد
139 المغربي، الأعلام (ص 156)
140 الخواطر ج2 (ص 134)
141 الخواطر ج2 (ص 134)
142 الخواطر ج2 (ص 127)
143 الخواطر ج2 (ص 139)
144 الخواطر ج2 (ص 142)
145 الأعمال الكاملة (ص 9)
146 الخواطر ج2 (ص 143)
147 حافظ وهبة، جزيرة العرب في القرن العشرين (ص 126128) لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة 1967م.
148 الأفق الملتهب (ص 58 )
149 أعلام الحجاز (ص 161)
150 الخواطر (ص 97)
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved