الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 02th January,2006 العدد : 136

الأثنين 2 ,ذو الحجة 1426

الطَّائِرُ الجَرِيْحُ
إبراهيم الدامغ
إن كان هناك رثاء للنفوس الذائبة في جحيم الحياة فهو يتمثل في هذه القصيدة التي تذوب نبراتها على كف الردى، وقد اقتطفت زهرة العمر، وصوحت بلل العيش وحرمت النفس من طموحها وملذاتها، صارفة إياها لمن لا طموح لديه، ولا إرادة ولا اعتبار.
(فلو كانت الأرزاق تجري على النُّهى
هلكن إذاً من جهلهنّ البهائمُ)
بالأمس ذابت على حرّ الجوى كبدي
واليوم سالت على كف الرّدى روحي
فما عرفتُ لطيب العيش من بلل
ولا شربت بكأس غير منزوح
أرتاد كلَّ سراة في ملاعبها
فأنثني بزناد غير مقدوح
لي الهوان وللساعين في كمدي
ما يلفظ اليأس من هم وتجريح
حتى كأني لغير النّدب ما خُلقت
روحي ولا أوهن الإفلاس تلميحي
أسري بليل بهيم لا يلامسه
إلا الخداع وأنفاس التباريخ
كأنما شابت الأرزاء في كفني
وأزورّ وجه الرضى عنّي بتشويح
فلا أُهوِّم في واد أروم به
نفح العبير بلا رجم وتلويح
إلا ويسفي على ما كنتُ أنشره
من رونق الوصل هجر غير مصفوح
أجوب كالطير آفاقاً معطلة
إلا من الوجي في نزف وتقريح
فأنثني ورياح البين تعصف بي
في خاطرٍ لم يعُد من غير تصويح
كأنني في زمام الويل مغترب
يطوي المدى تحت أنياب مقاريح
أشلاؤه في فم التّنّين ذائبة
وقلبه بين تحنيطٍ وتشريح
والنادبون كما تهوى مشاعرهم
قد حمَّروا الحزن في دمع التماسيح
يبكون زيفاً على جثمان طائرهم
ويعصفون به في منكب الرّيح
تفترُّ عن باطل الأسرار غرَّتهم
في موجة من سبابٍ غير مبحوح
فيعصرون فؤاداً لم يبن صيداً
عنهم كما استنبطت شعث التصاريح
ويغمسون على كيدٍ حشاشته
بساجرٍ من لهيب الطعن مفضوح
حتى إذا ما استباح اليأس هِمَّته
في مسربٍ من زعاف القيء مسفوح
شابتْ على كفه الآمال غاربة
نحو المغيب بلا عطف وتسبيح
فما استقرَّت له في دورة سمةٌ
حتى انتهى علَّة من غير تصحيح
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved