| قَالوا الجزيْرةُ قُلْتُ العِزُّ ما نَشرَتْ |
| وما تَجَلَّتْ به من عاطرِ الكلمِ |
| فيها لكُلِّ يَراعٍ مُلهمٍ مددٌ |
| وفوقَ كُلِّ مجالٍ خير مُنتَظِمِ |
| يُلامسُ الدُّرَّ من أفنانها عَبقٌ |
| شَذاه ينضحُ بالإيمان والشَّمَمِ |
| في كُلِّ حَرْفٍ لها مَعْنى تُرَنِّقُهُ |
| بالمكرُمات وبالآمال والقِيَمِ |
| لم تَبْنِ يوماً على ضعفٍ قواعدها |
| بل أسَّسَتْها على الغايات والهِممِ |
| وألْبسَتْها لِبَاساً مِن بَراعتِها |
| وتَوَّجَتْها بتاجِ العزّ والكَرمِ |
| عُذْريَّةُ السَّبْقِ لم تَعْطِفْ مَلامِحَهَا |
| خَواطرُ الشَّرِّ والإدلاج والنَّهَمِ |
| فهي التي تعرفُ الدُّنيا نزاهتها |
| ويشهدُ العدل فيها مورد القَلَمِ |
| غِرارُها من نسيج الحقِّ مَعدنُهُ |
| ورُوحُها من رحيق النُّبل والشِّيَمِ |
| في كُلِّ فَنّ لها عَرْفٌ وعارفةٌ |
| مَعْصُومةٌ من لَغَا التعطيل واللَّمَمِ |
| تُشِيْد للمجْد ما فَلَّتْ عَزائمُهُ |
| مَتْنَ الصَّحافة من عُرْبٍ ومِن عَجَمِ |
| ميدانها الرَّحب ما جَفَّتْ جَداوِلُهُ |
| كَلَّا ولا قَصَّرتْ في المدِّ والأمَمِ |
| تَرتَادُه من ندى الأقلام بارقةٌ |
| وطفاءُ راخيةُ الأذيال والدِّيَمِ |
| للعلم فيها أفانينٌ مُعطَّرةٌ |
| وللفنون جناحٌ مُتْرَفُ النَّغَمِ |
| وللسياسة بَنْدٌ في مَلامِحِهِ |
| رَسْمُ الذَّكاء ورمْزُ الحُكْمِ والحِكَمِ |
| وللرِّياضة ما تَسْمُو لغَايتِه |
| مَلاعبُ الصِّيدِ من كَفّ ومن قَدَمِ |
| يَجُوزُ فيها مَدارَ العَقْل مُنْطلِقٌ |
| ما كان إلا لها في البِرِّ والقَسَمِ |
| فغيرُها من بنات الفِكْرِ جاثِمَةٌ |
| مَطلُولَةُ الحِبْرِ بَيْنَ الشَّاءِ والرَّخَمِ |
| لاحَظَّ فيها لغير العاقدين لها |
| والراكعين على جُثْمانها الهَرِمِ |
| وإنْ تَكُنْ للسَّنَا والخيْرِ عارفةٌ |
| من الزَّمَان لِصَرحٍ غير مُنْثَلِمِ |
| فما لغير العُلا المنسوب من وطني |
| يستشرفُ المجد نفحاً زاهي الحَرَمِ |
| في كلِّ قَلبٍ له ذكرٌ وعاطرةٌ |
| من الثَّناء وحُبٌّ عارِمُ القَرَمِ |
| مُذْ كان للنُّور تاريخٌ يُؤلِّقُهُ |
| واسْمُ الجزيرة فِيْه مُشرقُ العَلَمِ |