الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 02th May,2005 العدد : 104

الأثنين 23 ,ربيع الاول 1426

بانوراما
أضلاع هذا الرجل!!
عبدالله الجفري
* البارحة.. تسللت نسمة من ربيع مهاجر إلى أضلاع رجل عجوز.
سرى الدفء فيها بعد أن دعكها البرد، والصمت، والوحشة، والوحدة.. من وقتٍ طويل!
تتوق أضلاع هذا الرجل العجوز: أن (تتشيطن)، ولو بعري النظرة.
أن تنتهك الصمت المتلفع بخيوط عنكبوت.
أن تضيء (فشَّاش) الأعياد المتناثر في سماء رحلت نجومها اتقاء من المطر!!
والأصوات من (الحَوْل): تتعالى محبوسة لترسم حلماً ينادي:
صباح الفجر الأبيض في نقاء الأمنيات!!
وصبية (عربية) تتخطى نذر الحرب المندفعة إلى: وطنها العربي الكبير، تبحث عن الفرح المسروق من غصن حياتها.
تهرع هذه الصبية العربية إلى (الخيال).
تغمض عينيها وتتمخطر على أصابع قدميها فراشة تحلق في فضاء تحسبه صفواً، وتغني أنشودة ماجدة الرومي، ونشيد نزار قباني:
(يسمعني حين يراقصني
كلمات..ليست كالكلمات)!!
هذه (الصبية) العذبة: حلم (هي) بكل هذا النقاء، في واقع (المدثَّرين) بالخوف، والرعدة تنادي (الصبية) المليحة الأنقى مَن تراقصه في الخيال، قائلة:
(أحس بضرورة وجود إنسان يرعى بعمره هذه الطفلة في أعماقي التي أطلت من سقف السماء، لينتشل ببراءتها النورانية: يباس الأيام، ويجعل للعمر معنى)!!
***
* تؤوب أضلاع الرجل العجوز إلى انكماشها في رعشة البرد (الجُواني).
كأنه يتطلع إلى: مفازة من القلق والوحشة.. إلى تفاؤل بعشب الحجر!
تهمس أضلاع الرجل العجوز في (تعب) القلب، ووحدة النفس، وحفافي الروح:
أهلاً بمن اشتياقي لها: تنفُّسي!!
الغياب بيننا: صار حياة.. ومازلت أتشبث بدفئك بين أضلعي!!
الآن.. لم تعد (القلوب): مضخات حب، لكنها تحولت إلى كتيبة في جيش ارتفاع ضغط الدم (!!)
أما شبح الحرب الإرهاب: فلن يفنيه إلا وقوف الإنسان على قدميه، بعد أن يشفى من الكساح والشلل!!
الآن.. في كثافة اليأس، وعتمة الإحباط مما يجري من صنَّاع قوة البطش، وبطش الباطل.. لابد لنا أن نهرع إلى: كلماتنا القديمة التي تُجدِّدنا كلما أعدنا قراءتها، وتتمدد شرايينها بالدماء والنبض كلما أبطأ حماسنا للحياة!
***
* البارحة.. تسللت أضلاع هذا الرجل العجوز إلى: (الشجن).. هذا الذي أخذه من مفارقه إلى تأمل الأجنحة.
وبكل مفازات السنين: ركض يفتش عن اقحوان يشبه ذلك العبق في حقل مَن أحب.
شكا الغربة في الروح إلى: مدينة تملك شهقة (الصدفة)، لعلها تمنحه تلك الشهقة (....).
وما بين (الندى) والبحر في مدينته المرفأ والرحيل معاً: يبحث عن بحر أعمق.
سطحه أزرق الامتداد، وموجه أبيض الانفعال.
يَنْهَدُ به نحو: فسحة من ضوء قمر، وغشقة مطر.
ينسج زمناً خاصاً يحتمي به من حقد القوة التي تنذر بالحرب زمناً خاصاً ينتعش بنسمة من الحنان!
***
* أضلاع هذا الرجل العجوز:
كأنها تشرع الباب للريح والمطر، فتطويه السنون.
يهرع إلى كل ما كان ينهد فيه للحياة، بحثاً عن حبة مطر.
منطلقاً في امتداد الأرض من المحيط إلى الخليج.
إنساناً: يرى ولا يبصر.. يسمع ويتسع.. يركض ولا يصل!!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved