Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
أقواس
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

لم يخلُ من ملاحظات
الأسبوع الثقافي السعودي في موسكو وقازان

 

 
* الثقافية - عبدالله حسين العبدالمحسن:

استهدفت الفعاليات الثقافية التي أقيمت في موسكو وقازان العاصمة التترية مؤخراً تقديم صورة متكاملة عن حياتنا الثقافية المعاصرة من مختلف جوانبها. فمن خلال المعرض الذي ضم مشاهد مصورة من الحرمين الشريفين أظهرت بشكل جلي وموثق عناية الدولة بالمقدسات الإسلامية، وأبرز الجناح المتعلق بثقافة النخلة مستوى التطور والاهتمام بزراعة النخيل وصناعة التمور، كما استأثر جناح الفنون الجميلة باهتمام الزوار بما ضمه من مجموعة طيبة من الأعمال الفنية المتميزة في الرسم والنحت والخط والتصوير الضوئي، من بينها أعمال لفنانين مثل عبدالله الشيخ، فؤاد مغربل، عبدالستار الموسى وزوجته نتاليا ريدر؛ وعبدالرحمن السليمان، وزهرة المتروك، وزمان جاسم، وعلي الطخيس، وغيرهم من المبدعين.

أما اللوحات الفولكلورية من موسيقى ورقص وغناء، التي اختارها وأعدها بعناية الأستاذ عبدالله الجارالله فقد أكدت الثراء المتنوع لموروثنا الشعبي وتعدد ألوانه. ففي ردهات قاعة المؤتمرات في المركز الثقافي بجامعة موسكو المكتظة بالحضور تصاعد (مجس الحجاز) في (زفة العريس) وتعالت من شمال المملكة أهازيج الهجيني والردية، وعزف الربابة في رقصة (البداوي)، وتماوج البحر راقصاً على إيقاعات (ليوة الشرقية) و(سمسمية الغربية)، وامتشقت جيزان سيوفها لترقص بحيوية وعنفوان رقصة (السيوف)، أما العرضة النجدية فقد أشاعت الدفء بخفق طبولها في أهالي منطقة (تولياتش) بتتارستان أثناء احتفالهم لاختيار (الدوسلار) (الرجل الأقوى) بين الفلاحين الاحتفال السنوي الذي يكرم فيه الفلاحون النشطاء.

وقدمت الفرقة الموسيقية التي ضمت نخبة من العازفين المتميزين على القانون والكمنجة والعود وغيرها بقيادة الأستاذ الفنان سراج عمر باقة من الألوان الموسيقية والأغاني التي أداها الفنان حسين قريش بنجاح.

وتضافرت عروض الأزياء التي نظمتها الدكتورة هند باغفار الخاصة بملابس العروس لمختلف مناطق المملكة في تظاهرة زاهية عن أناقة المرأة وعنايتها بمظهرها.

وأسهمت المحاضرات المقدمة باللغة الروسية والنقاشات المرافقة لها في التعريف بثقافتنا، فقد تناول عبدالله حسين العبدالمحسن في محاضرته المشهد الثقافي في المملكة وتطوره التاريخي مبرزا النهضة التعليمية التي تشهدها المملكة وانعكاسها على الحياة الثقافية والأدبية بشكل خاص، كما تناول جهاد علي الزاير العلاقات الاقتصادية والتعاون بين البلدين مستعرضا الاتفاقيات وأوجه التعاون، كما تحدث زكي منصور أبوالسعود عن فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي وآفاقهما بين روسيا والمملكة، مورداً كثيراً من الأمثلة.

من خلال ملاحظتنا للفعاليات الثقافية هذه، التي حرص الجميع من مسؤولين ومنظمين ومشاركين على إعدادها وتنظيمها لتظهر على الوجه الأكمل، ومن خلال استحسان الحضور لهذه الفعاليات نستطيع أن نؤكد نجاحها من جهة، وعلى أهميتها البالغة في التعريف بثقافتنا ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري من جهة أخرى، لكن هذا النجاح لا يمنعنا أن نتساءل: هل استطعنا تقديم أنفسنا بشكل يرضي طموحنا ويتساوى مع الجهود المبذولة من قبل المسؤولين والمشاركين؟ هل قمنا بالواجب الذي حملنا إياه الوطن، وحملته وزارة الثقافة والإعلام بروح المسؤولية والأمانة، حيث كان معالي الوزير إياد مدني راعيا شمل المشاركين بحضوره الأبوي وتوجيهاته البناءة، وكان سعادة وكيل الوزارة للعلاقات الثقافية الدولية الدكتور أبوبكر باقادر متابعا شديد الحرص والحضور لهذه الفعاليات، التي وصفها معالي الوزير بأنها أولى ثمار الاتفاقية الموقعة مؤخراً بين المملكة وروسيا الاتحادية أثناء زيارة الرئيس بوتن للمملكة.

لا شك أن الأهداف المرجوة من هذه الفعاليات كثيرة والطموحات كثيرة ومن منطلق الاستفادة القصوى منها ينبغي المزيد من التخطيط المدروس المسبق الذي يأخذ في الحسبان المستوى الثقافي للجمهور المستهدف وطبيعة ذائقته الفنية والجمالية، وفي ثقافتنا وموروثنا وإبداعنا يوجد ما هو رائع يمكن تقديمه وسينتزع الإعجاب والتقدير إذا أحسنا اختياره وتقديمه بالطريقة المثلى ومن هذا المنطلق وبدافع الحرص نود إيراد بعض الملاحظات:

- الأعمال الفنية الفولكلورية والموسيقية المختارة جيدة ومعبرة وقد لاقت تجاوبا جيداً، لكن بعضها اتسم بالإطالة، مثل المقدمات الموسيقية الطويلة والرتابة في الإيقاع مما أضعف الانفعال بها، وجعلها مملة في بعض فقراتها.

- الأعمال الفنية التشكيلية جيدة، لكن هناك أعمالاً فنية غابت عن المعرض، كان حضورها سيشكل شهادة قوية على مستوى الإبداع الذي بلغته الحركة التشكيلية في المملكة.

- فترة العرض قصيرة جداً، فإذا استبعدنا الوقت الذي يستغرقه إعداد المعرض في البداية وجمع الأعمال في النهاية يبقى يومان للعرض، وهذا وقت قصير لا يكفي أبداً لمعرض فني ولا يتيح تحقيق الهدف من إقامة المعرض.

- اختيار الوقت المناسب لإقامة مثل هذه الفعاليات، فالأسبوع الثقافي في موسكو وقازان تزامن مع فترة الامتحانات، فصار الحضور ضعيفاً، خاصة في موسكو، وهو ما لا يتفق أبداً مع اهتمام أهلها بمثل هذه الفعاليات.

- الإعلان والتعريف بهذه الفعالية في البلد المضيف يفترض أن يكون أوسع، وأن تعد له نشرات وملصقات وتنويه في وسائل الإعلام، بالإضافة إلى توجيه دعوات إلى الجهات المعنية مثل اتحاد الفنانين التشكيليين واتحاد الأدباء والكتاب لحضور الفعاليات الثقافية ولإقامة الاتصال معهم، مما يخدم الاتفاقية الموقعة بين البلدين.

- أيضا تمشياً مع الاتفاقية الموقعة بين البلدين كان من المفترض أن تستغل هذه المناسبة في إعداد برنامج ثقافي من قبل البلد المضيف لتعريف الوفد المشارك ببعض جوانب الثقافة.

- نظراً للانطباع السائد عن تغييب المرأة وتهميش دورها كان من المفترض توسيع مشاركتها في الوفود الثقافية؛ لتصحيح ذلك الانطباع وإبراز المكانة العلمية والثقافية والإبداعية التي وصلت إليها المرأة في المملكة.

هذه الملاحظات لا تعني قط عدم الرضا، وإنما هي طموح لاستثمار أمثل لمثل هذه المناسبات، فإذا كان الحضور في موسكو لا يتفق وعدد سكانها، ولا يتناسب مع اهتمام أهلها، فالأمر في قازان اختلف تماما، فمنذ يوم الافتتاح شهد الأسبوع الثقافي إقبالاً شديداً وترحيباً واسعاً على الصعيد الرسمي والشعبي، كما كان التنظيم أفضل، فقد اختير للمعرض المكان الأنسب، وهو المتحف الوطني وكان عدد الزوار كبيرا. والمحاضرات ألقيت في معهد الاستشراق بقازان، حيث فاق الحضور هناك كثيراً الحضور في موسكو، وكان التفاعل أنشط، كما أعد برنامج ثقافي لوفدنا، حيث زرنا موقعا أثرياً لأول دولة إسلامية في شرق أوروبا، وحضر الوفد مهرجانا شعبياً في ريف قازان شاركنا فيه، مما قربنا كثيراً من سكان تلك المنطقة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة