Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

خواطر عن محمد العيد الخطراوي
د.عبدالله الحيدري*

 

 

جميل أن تحتفي (المجلة الثقافية) بالمبدعين والفاعلين في المشهد الثقافي، ومن بينهم: الدكتور محمد العيد الخطراوي الذي تشهد له سيرته العلمية الحافلة بالعطاء الثر والغزير: في التاريخ، والأدب بكافة عصوره، والإبداع الشعري، إضافة إلى إسهامه في تأسيس أسرة الوادي المبارك التي سبقت النادي الأدبي الحكومي في المدينة المنورة، والتأريخ لها في كتاب مطبوع، ثم عمله في النادي الأدبي عضواً ثم نائباً للرئيس، مع نشاط متعدد في الصحافة الأدبية كاتباً متواصلاً، وباحثاً في عدد من الدوريات العلمية المحكمة، مع قيام بأعباء التعليم العام في فترات طويلة من حياته، ثم في الجامعة أستاذاً ومشاركاً في ندواتها ومؤتمراتها، ومشرفاً على الرسائل الجامعية ومناقشاً لها.

والخطراوي الذي ارتبط اسمه بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاها كل ما يستطيع من جهد فمنحها جل اهتمامه، وأصدر سلسلة بعنوان (تاريخ المدينة) رصد فيها الحركة العلمية والأدبية وسواها في استقصاء وعمق؛ مما استحق معه جائزة الأمير سلمان للرواد الذين خدموا تاريخ الجزيرة العربية لعام 1428هـ.

ولعلي في سياق الاحتفاء بهذا الرجل أتوقف عند زاوية تبدو غير معروفة لبعض متابعي إنتاج الخطراوي، وهي إسهامه في الإذاعة السعودية معداً ومقدماً لبعض البرامج.

ومن الطبيعي أن يكون عطاؤه الإذاعي ملتحماً باهتمامه، وهو الأدب وشؤونه وقضاياه، وما كان للخطراوي أن يطرق أبواباً خارج تخصصه الدقيق الذي أحبه وعشقه!

وتشير سجلات مكتبة التسجيلات بإذاعة الرياض إلى أن محمد العيد الخطراوي أعد للإذاعة برنامجاً أسبوعياً مدته نصف ساعة عنوانه (شاعر من أرض عبقر).

وتقوم فكرة البرنامج على التعريف بشاعر سعودي واختيار نماذج من شعره مع وقفات نقدية يسيرة، ومن بين الشعراء الذين تناول سيرهم وأشعارهم: ابن عثيمين، وابن بليهد، وحسين سرحان، وطاهر زمخشري، وحمد الحجي.

وتضم مكتبة إذاعة الرياض تسعاً وعشرين حلقة، خصصت الأولى للتعريف بالبرنامج وفكرته وشرح كلمتي: شعر وعبقرية اللتين وردتا في عنوان البرنامج.

وقد أخرج الحلقات الأولى فاروق الجوهري، وذلك منتصف عام 1395هـ تقريباً، وتوالت الحلقات حتى نهاية شهر جمادى الآخرة من عام 1396هـ.

وقد تناولت الحلقة الأخيرة سيرة حمد الحجي وعطاءه الشعري، وقدمها عبدالقادر طاش - رحمه الله -، وأخرجها حسين الصعيدي.

ولقي البرنامج إبّان إذاعته صدى طيباً ظهر أثره في الصحف والمجالس الأدبية والخاصة، واقترح بعضهم جمع مادته في كتاب، فاستجاب لهم وأصدرها في كتاب من جزأين بعنوان قريب من اسم البرنامج حيث حل الجمع مكان الإفراد فصار (شعراء من أرض عبقر)، وصدر عام 1399هـ ضمن مطبوعات نادي المدينة المنورة الأدبي .

وبالاطلاع على الكتاب يتضح إدراك الخطراوي لمقومات الإعداد الإذاعي وما يتطلبه من حسن عرض وتشويق وبعد عن الغريب من الألفاظ والتراكيب وتخلص من التوثيق والشروحات.

وقد أشار إلى شيء من ذلك في المقدمة حين نفى وجود الدراسة الطويلة المستأنية في مادة الكتاب، وألمح إلى أنه جهد لا تتسع له البرامج الإذاعية المحكومة بزمان محدّد (1).

ولم يكتفِ الخطراوي بهذه التجربة المبكرة والمجوّدة في الإعداد الإذاعي، بل أتبعها بأخرى متراخية عنها زمنياً، وإن تشابهت معها في شكل الإعداد، وهو إعداد نصوص تقرأ بوساطة مذيعين، وذلك أنه تلقى عام 1409هـ دعوة من إذاعة الرياض للمشاركة في كتابة نصوص للبرنامج الأدبي (عقود الجمان) الذي أسند الإعداد فيه إلى عدد من المعدين أتذكر منهم إلى جانب الخطراوي: يحيى المعلمي - رحمه الله -، والدكتور محمد الربيّع، والدكتور محمد بن سعد الدبل، وغيرهم، فلبى الدعوة وأسهم في إعداد حلقات كثيرة من البرنامج بثت في المدة من 1409- 1414هـ، وكان لي شرف تقديم حلقات عديدة إلى جانب بعض الزملاء.

وعندما توقف برنامج (عقود الجمان) عام 1414هـ؛ بسبب إنتاج حلقات عديدة؛ ورغبة في إثراء خارطة البرامج الإذاعية بالجديد من الأفكار، تقدم الدكتور محمد العيد الخطراوي بفكرة برنامج يختلف في مضمونه وشكله عن البرنامجين السابقين، والجديد فيه ظهور صوته شخصياً في البرنامج معداً ومقدماً، في حين كان في التجربتين الأوليين معداً فقط يرسل بالمادة فتقرأ نيابة عنه.

والبرنامج الذي أقصده، برنامج (بين شاعرين)، وقد سجلت حلقاته في استوديوهات المدينة المنورة، وتقوم فكرته على تحديد موضوع معين تناوله شاعران من زاويتين مختلفتين، ويستضيف لذلك أستاذين جامعيين للنقاش والحوار على شكل ندوة في نصف ساعة.

وقد طال نفس الخطراوي في هذا البرنامج، وأنتج منه ثلاثاً وسبعين حلقة في المدة من جمادى الأولى من عام 1414هـ إلى ذي الحجة من عام 1417هـ.

وتشير بطاقة الحلقة الأولى من البرنامج إلى أن موضوعها (الشعر في رثاء الزوجة)، وأن ضيفي الحلقة هما: الدكتور محمود شاكر قطان، والدكتور محمد عبدالعزيز موافي، في حين تولى الإخراج من الرياض محمد البريكان.

أما عن مشاركاته في البرامج الثقافية فهي كثيرة، ويمكنني رصد بعضها حيث شارك معي ضيفاً في عدد من البرامج، ومنها برنامج (شهادات عليا) عام 1408ه، وهو أول ضيف في الحلقات التي أعددتها، وفيها روى لي رحلته مع الدراسات العليا، ومما قال: (لم أفكر في مواصلة التعليم بعد الحصول على الشهادة الجامعية وعملي معلماً في التعليم العام..، غير أنه بمرور السنين رأيت طلابي بالأمس يقدّمون علي في المجالس وفي المناسبات؛ لأنهم من الحاصلين على الدكتوراه، فأثار ذلك في نفسي رغبة في مواصلة دراستي العليا والحصول على الدكتوراه حتى ولو في تقشير البصل !!).

ومن البرامج التي شارك معي فيها (كتاب وقارئ) حيث سجلت معه عام 1410ه أثناء زيارتي للمدينة المنورة ثلاث حلقات استعرض فيها الكتب التالية: التدين والمجون في شعر شوقي، ومحمد حسن عواد شاعرا، والاتجاه الوجداني في الشعر المعاصر.

وفي عام 1418هـ زار الرياض لحضور فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة فاستضفته في برنامج (سيرة أديب)، ومدته نصف ساعة عرّف خلالها بالشاعر حسين سرحان ومكانته الأدبية.

وآخر استضافة له معي كانت في عام 1421ه في برنامج (الأندية الأدبية). وقد سجلت الحلقة في المدينة المنورة أثناء حضوري فعاليات المؤتمر السادس عشر لرؤساء الأندية الأدبية.

* بطاقة الحلقة الأخيرة من (شاعر من أرض عبقر)، وبطاقة الحلقة الأولى من (بين شاعرين).

(1) انظر: شعراء من أرض عبقر، المدينة المنورة: النادي الأدبي، 1399ه، 1-3. وقد ذكر الخطراوي في المقدمة أنه أنتج من البرنامج ثلاثين حلقة، غير أنني لم أجد في المكتبة إلا تسعاً وعشرين.

* كلية اللغة العربية بالرياض - قسم الأدب aaah1426@gmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة