Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 

رسالة مفتوحة إلى رجل لا يعرفني.. هانحن حولك يا سيدي..
أحمد سماحة

 

 

(أنا لا أستطيع رغم بياني

وصف ما في الفؤاد والوجدان

الجمال الذي تبدي لعيني

عقل اللفظ في ثنايا اللسان

فكأن لم أعرف النطق يوما

أو اسطر قصيدة بالبنان)

ربما كان هذا حالي وأنا أتلقى مهاتفة الناقد الجميل محمد الدبيسي للمشاركة في محور عن شاعر تلك الأبيات التي سقتها أعلى الورقة..

في الحقيقة احترت كثيرا ماذا أقول كما احترت من قبل في أمر هذا الشاعر وفي إبداعه وفي جهده وبساطته وثقافته ووضوحه وغضبه ومعاركه الأدبية..

وكان المخرج أن اكتب ما يعن لي كما كتب هو ما عن له في زاويته بالجزيرة..

رجعت الذاكرة إلى الوراء أكثر من خمسة عشرة عاما في محفل الجنادرية حين تعرفت عليه ثم في نادي الشرقية الأدبي عندما أتى مشاركا.. وبعيدا عن الكتابة والأدب كانت روحه المرحة تضفي جوانب من الألفة نشعر معها أن من غنى للجراح وردد حداء القافلة واشتبك في معارك أدبية كثيرة هو.. هو الذي همس في أذن الليل.. ويمازحك الآن بلطف وتواضع.

وعندما عدت إلى سيرة هذا الشاعر (اسمحوا لي أن اسبغ عليه هذه الصفة وحدها إلى حين) وقفت أمامها في دهشة فهذا الرجل الأزهري (نسبة إلى الأزهر الشريف) لم يتوقف لحظة عن العلم والتعلم والبحث والإبداع والتحقيق والنشر.. 40 كتابا في الشريعة والتاريخ والعقيدة والنقد والأدب والشعر.... محمد العيد الخطراوي..هذا هو اسمه..

هل أنقاد إلى سيرة الرجل لأتوقف عندها و اسود بشذراتها أوراق مشاركتي تلك؟

هذا السؤال وقفت عنده طويلا وأقنعت نفسي أنا الذي تعودت كعربي ان اكتب عن الراحلين.. أخلع رداء الرثاء عن كلماتي لتبتهج بالكتابة عن مبدع (أطال الله في عمره) تحتفي به وهو شاهد على هذا الاحتفاء تحيية وتقول له ان جهدك الكبير الذي بذلته حصاده كبير أيضا.. وليس ضئيلا كما قلت ذات حوار معك.. لقد بذلت كل جهدك وهذه هي سمة المعطائين فليس من المهم لكن تكون مجيدا أن تأتي بالجديد دوما ولكن أن تبذل كل طاقاتك وها أنت فعلت وتفعل.. قد يختلف معك البعض وقد يتفقوا.. فهذا أمر طبيعي.

ألا يكفي تاريخ المدينة المنورة.. تأليفا وتحقيقا ونشرا؟

ألا يكفي مشاركتك في الحياة الثقافية منذ عشرينيات العمر وحتى الآن؟

لقد كنت ابن عصرك.. شاعرا وناقدا وكاتب وباحثا..

أصيلا عنيت بالتراث والتاريخ الأدبي ومعاصرا طورت أدواتك وثقافتك وشاركت في الحياة الثقافية بمتغيراتها.. لك قناعتك ولك دورك الذي لا يستطيع أحد أن ينال منه أو يزحزحك عنه..

نافحت عن العربية (اللغة) والعربية (الإسلام) والعربية (الوطن) هل أذكرك بإهداء ديوانك الأول على ما أعتقد (غناء الجرح).

دعنا نتذكر سويا..

إلى أرواح شهدا اليرموك الأبرار الذين ركزوا راية التوحيد في الأرض.. إلى أرواح شهداء حطين الذين أعادوا فيها للإسلام بهجته...

إلى شهداء معركة قليقيليا ودير ياسين والكرامة وتل الزعتر وأخوات لهن في ذاكرة التاريخ.

إلى كل من نبض قلبه يوما بقضية الشعب الفلسطيني..

إلى كل عربي ورث عن إسلامه رفض الذل والصغار....

دعني لا أكمل فأنت تعرف الباقي..

ألم تكتب المسرحية كما كتبت في الشريعة والنقد.

لا أعتقد أنني أذكرك هنا بمن هو الدكتور محمد العيد الخطراوي فأنت تعرفه جيدا.. ونحن أيضا نعرفه.. وسأذكر هنا واقعة طريفة بطلها أحد كتبك وهو (متابعات ومبادآت) الذي صدر في 1422هـ - 2002م).

تلقيت كتابك من نادي أبها الأدبي.. وأتذكر أنني عندما قرأت مقدمة الكتاب قلت كما قال ارخميدس ذات اكتشاف (وجدتها.. وجدتها)

ولأقل لك الحكاية:

فكرت أن اجمع بعض مقالاتي أو قالاتى (كما تقول أنت) في الفكر والأدب والثقافة في كتاب وبالفعل قمت بذلك ووضعت لها عنوان ولكني ترددت.. بحجة أنها مقالات ودراسات متنوعة وإن كانت تصب اتجاه الأدب والثقافة.. ووضعتها جانبا إلى أن طالعت مقدمة كتابك التي قلت فيها:

(لهذا السفر أشباه ونظائر في الأدب العربي وغيره من الآداب قديما وحديثا من حيث التنويع والشمول وتعدد الموضوعات ... فعله...........) ودفعني ذلك إلى العودة مجددا إلى مخطوطة الكتاب مهتما وبالفعل صدر الكتاب من القاهرة حينها..

وها أنا ارتكب نفس الفعل والسبب مقالاتك.. يا سيدي.. ماذا أقول لك بعد: أنا الذي عشت في آتون الثقافة هنا مشاركا ومنافحا وباحثا.

عرفت مريديها وشيوخها وشبابها ومبدعيها وباحثيها ومن هم على هامشها ولا أريد أن أقول مثلما قلت أنت (لقد ظلمت نفسي) رغم ما طالني من ظلم يشهد على بعضه صديقنا محمد الدبيسي إلا أنني أقول لابد من أن يأتي يوم لك تحصد فيه ماغرست..

وأعتقد أن هذا يوم الدكتور محمد العيد الخطراوي.. تحتفل به وبإبداعه وبما قدمه وسيقدمه (إن شاء الله) نخبة من المثقفين والمبدعين ويكفي أنني أكتب من قلبي بعيدا عن مراجعي وأوراقي معتمدا على ذاكرتي وبعض المقتطفات التي أحملها في مذكراتي..

تدرك أننا لم نتقابل الا مرات نادرة وربما لا تتذكرني ولكني أتذكرك وسأظل.. وهانحن حولك يا سيدي

أطال الله في عمرك..

- المدينة المنورة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة