Culture Magazine Monday  02/07/2007 G Issue 205
الملف
الأثنين 17 ,جمادى الثانية 1428   العدد  205
 
الحبيب والمحبوبة
أسماء الأحمدي

 

 

يبقى كثير من المشتغلين في حقول الثقافة والمعرفة,في دائرة ضيقة من الذيوع والانتشار لهم (كذوات)معبرة عن موقف ثقافي وكحضور للموضوعات والقضايا التي يطرحونها وتشكل إسهامهم في قضايا الثقافة والمعرفة.

وشاهد هذا التصور هو الأديب الذي تقدم مجلة الثقافية هذه التناولات والدراسات والمقالات عنه والذي كان في حضوره وإسهامه كميلاد جديد.وعطاء متجدد لا ينفذ وهمّة لا تعرف الكلل ولا الملل.

حقيقة أني أقدم على الإبحار عبر عالم شخصية مبدعة متميزة باستحقاق، فقد سئل ذات يوم عن كتاب أصدره في مجال الشريعة الإسلامية عام 1381هـ، وكان بعنوان (الرائد في علم الفرائض) وهو أول كتاب لهذه الشخصية فقيل له كيف يجمع القارئ بين شخصية أنتجت هذا الكتاب وبين مجموعة شعرية على سبيل المثال (همسات في أذن الليل)؟؟

،فردّ بقوله: أنا كل ذلك، قد لا يعي القارئ العادي..! مقصده لكن الذي نعيه أنه إنسان فنان أينما حطّ هلّ بخيره،شخصية تعشق الكلمة وتعي بأنها أساس الحياة وقفت عند أبجديات الحياة تأملتها فخطّت لها مستقبلاً باهراً مشرقاً بإشراقة (غناء الجرح) وبعنفوان (تأويل ما حدث) وبواقعية (البنات والأمهات في المفضليات... (وبسحر (حروف من دفتر الأشواق (وبعطاء) شعراء من أرض عبقر).

شخصية بدأت مسيرتها العلمية من رحاب مدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام والّتي كانت الأم بالنسبة له حيث كانت ولادته في طيبة الطيبة سنة 1354هـ.

له مؤلفات متفرقة تفوق الأربعين ما بين فروع عدة من المعرفة في الشريعة، والتاريخ، واللغة العربية وآدابها، هذا بالإضافة إلى أنة شاعر يملك موهبة متأصلة إذ يتعامل مع الكلمات بقلب صادق ويودعها معنى رصيناً لتخرج في أبهى حلة فتطرب لها الأسماع وتتهافت لها القلوب.

قد يظنني البعض أني أشتمّ الزهور فأتغنّى بها،لكنني في الواقع أحتضن الزهور فكيف لي بتركها، زهور سطّرت بأعذب الكلمات وأصدق العبارات، نقشت ب(تضاريس في خارطة الطقس)، و(الحلم الباسم) و(الحديث الهامس) في (الأمل المودع).

تستوقفنا الحياة كثيراً عند الشخصيات وننحني لها تعظيماً وإكبارا، نتأملها فتتجلى لنا علامات استحقاقها للإكبار والتقدير,ومن هؤلاء الدكتور الفاضل محمد الخطراوي ذلك الرجل الفذ الذي أودعه والده في حلقات تحفيظ القران فأتم حفظه في الحادية عشر من عمرة،وقام بأم المسلمين لصلاة التراويح وهو في عمر الرابعة عشر،حين ينتهي الإمام من صلاة التراويح يتم توزيع المصلين إلى مجموعات ويؤم كل مجموعة حافظ من حفاظ كتاب الله عز وجل.

ولو تصفحنا نتاجه لوجدنا أنه يُسطّر كلماته بمحبوبته، فقد شكّلت معشوقته هاجساً استحوذ على جلّ تفكيره ومشاعره، فأخذ يرسم في حبها كلمات العشق الأبدي ..عبارات الولاء والتّفاني،سخّر وقته لدراستها وبحث جوانب الافتتان بها، ظلّ يلاحقها كعاشق يخشى مُضي اللّحظات دون أن يُشبع عينه من تأمّلها، دون أن يُخلّد مشاعره النبيلة، فبعث لها رسائل شوق باحثاً ومؤرخاً وشاعراً ومحققاً، حتى صار الحبيب الوفي للمحبوبة ومما كتبه فيها:

1- المدينة المنورة في العصر الجاهلي (الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية).

2- المدينة المنورة في العصر الجاهلي (الحياة الأدبية).

3- المدينة المنورة في صدر الإسلام (الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية).

4- مدرسة العلوم الشّرعية بالمدينة المنورة .. والموقع التّاريخي الرّائد.

5- ثرثرة على ضفاف العقيق

6-المحبوبة (ديوان شعر),,,, وغيرها الكثير من المؤلفات والتحقيقات والدواوين, ومجاميع الأدباء

حقيقة هذا الرجل علم من الأعلام، ومن يدعي أنة استحوذ على الكثير نظراً لتقلده المناصب التي منحته الانتشار والنشر فقد جانب الصواب، فعلى العكس تلك المناصب هي التي تشرفت به قبل أن يتشرف بها لأنّه من الممكن أن يحصل عليها أي إنسان يدعي المقدرة لكنه وقبل أن تضيف له أضاف لها الكثير وما حصل عليه لا يساوي جهده وعمره الذي أفناه في العلم، ولم يكن ينتظر شكراً أو ثناء لأنه ارتقى بنفسه وتسامى بها عما يشوبها، فتعلم لا ليكون لأنه كان منذ الحادية عشر حافظاً لكتاب الله إنما واصل علمه ليقضي وقته بما يزوده بالخير في الدنيا والآخرة، يا حاسداً كفاك تهكُماً وانتقاصاً بالغير، تكفل بنفسك زودها بما يحقق الازدهار لمدينة المصطفى لأنك لو كنت تمتلك ما يمتلك هذا الرجل للتزمت الصمت، وترفعت عن التحدث في الغير وقذفهم بما لا يليق فأنت بذلك تستنقص بذاتك قبل كل شيء، فالعلم تهذيب خلق وترفع عن الدنايا، وتزود بالعلوم التي تؤهلك للمسير قدما، ما ذنب هذا العلم إن لم تصل، هل سلب الكلمة من يدك، وسرق إبداعك ليكون... مؤكد ما حصل غير ذلك فأنت تعيش أزمة مع ذاتك، هذا الرجل قام بإنشاء وتربية وتثقيف أجيال تدعو في ظهر الغيب، إذن أصدق مع نفسك كي تصدق معك لن ننساك ما حيينا يا ابن مدينة المصطفى رسول الله محمد علية الصلاة والسلام.

- المدينة المنورة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة