الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 2nd August,2004 العدد : 70

الأثنين 16 ,جمادى الثانية 1425

قصيدة
عراق.. وسيَّاب.. ومطر..

* بدرية عبد الرحمن العبيد
أصيح بالسيَّاب يا أنشودة المطر..
وغابتا نخيل فورة الآمال والسحر..
وأغنيات الجوع والعبيد والقهر..
فيزبد السيَّاب كالرماد كل عام..
ويقطف العراق للسيَّاب نخلة محروقة..
ودمعة ملحية من حقبة المطر..
فيمطر السيَّاب مثلي ذلك السؤال:
هل يهطل المطر..؟!
***
مضت من الزمان الأغنيات والمطر..
وانتثر العراق في الشاشات والأخبار..
وتقذف الأيام بالعراق في سفر..
ظل العراق يسبل الجفن الكبير..
من ألف دهر يبعث السؤال:
متى يمر عام والعراق ليس فيه جوع؟!
وأمطر السيَّاب كل لحظة وساعة وعام..
أنشودة الأنين والمزاريب التي تشقق الأحلام..
وتنشج المطر..
من ألف دهر والعراق السوط والجلاد والمنون والضجر..
تذوب في العراق الأغنيات والدماء..
وتفسق العواهر الأشباح في الأرض الموات دونما حياء..
وينحني المذيع كل ساعة ليبعث الخبر..
وينشر الشظايا والعظام والأشلاء..
وتنظر الفلوجة الإفراج منذ عام..
ويسكن الفلوجة الدموع والآمال والأسى..
وترقب المطر..
ويرعف الذهول في وجه العراق كل قصف داعر الأثر..
وكل قطعة تطايرت تحت الرصاص والدروع..
وكل طفلة توسدت أشلاءها مع الدمى..
ويوأد الفجر الذي قد صاح في الأرحام..
من قبل مولد السحر..
تساءل الطفل الذي قد أخبروه أن أمه غداً تعود منذ عام..
تثاءب الطفل الحزين لوعة الآلام..
وعاد يعوي مثل درويش وحيد يمضغ السؤال..
وتنثر الغارات صوته البريء:
متى يمر عام والعراق ليس فيه جوع..؟!
***
وما العراق غير حجَّاج مضى..
وألف حجَّاج سيأتي دونما انتهاء..؟!
ويضحك الحجَّاج منهم حين يسرق الحليب والسلام والمطر..
ويقهر الجياع والورود..
وحين يرتدي كوفية.. أو يلبس العقال..
أو يرتدي الياقات والبنطال..
ويرتق العظام والأشلاء بالمقال والوعيد..
ويسمع السيَّاب بالعراق ذات حزب يذخر الرعود..
ويخزن البروق والوعود في الجبال..
فتقصف الفلوجة.. ويقتل البشر..
وتنمحي البروق والرجال والرعود..
وتمخض العراق بالجياع كل عام..
وتهطل الدماء والأنين كالمطر..
***
وثرثر (العلوج) بالسلام فوق رتل من دروع..
وكركر الرشاس في أيدي (العلوج) صدفةً من دون قصد..
وثم ماتت العراق مثلما تموت عادةً في كل يوم..
من ألف حجَّاج مضى..
وألف حجَّاج سيأتي دونما انتهاء..
وما العلوج؟؟!
غير أيام توجِّه الرصاص للنهود والدموع..
وتقتل الدمى..
وتقصف الديار بالنسيان والخطأ..
وتنتف الضفائر الطوال..
وتسرق الحليب والبترول والمطر..
ويسبل العراق جفنه الكبير..
ويهتف السياب بالخليج: يا خليج..
يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى..
فليس يرجع الصدى..
مثل النشيج..
بغير محار وغيرما ردى..
وإنما ترد شهقة الموت التي تشققت على فم الطفل الخديج..
ويرجع الخليج بالصليل والنصال كسرت فوق النصال..
وصوت ريح لم تعد تخيف عاداً أو ثمود..
شرشوا طحالبنا في أعمق الأوحال..
وبئر بترول تصاعدت بالموت والسعال..
وأدمن السيَّاب مثلي ذلك السؤال:
هل يهطل المطر..؟!
***
يريدني العراق أن أبثه الدموع والأنين.. والدعاء..
واستصرخ العراق ملأ نخله السماء.. وكرّر الدعاء..
وتلهج القلوب تحت القصف.. بالخوف والدعاء..
فيهتف الجنود بالسلام والتحايا والظفر..
من فوق أشلاء الدمى والأغنيات والقمر..
فترعف الحقول بالأنين والبكاء..
وتجهش الأيام بالدماء والقهر..
ويسخر الرصاص والأيام بالأحلام..
ويقصف المحتل بالنسيان والخطأ..
يبقى العراق يسبل الجفن الكبير..
وينشج الأشلاء والأطفال والدمى..
ويحلم الأطفال كل يوم بالحليب والمطر..
ويشرق السيَّاب بالسؤال كل قصف داعر الأثر..
وكل غارة تطايرت من تحتها الأشلاء:
هل يهطل المطر..؟!
* الرياض
ummurad2@Hotmail.com
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
الثالثة
منابر
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved