الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 02th October,2006 العدد : 173

الأثنين 10 ,رمضان 1427

فواتير الماضي
إبراهيم محمد شيخ مغفوري
ما الذي جاء بي إلى هنا؟ وما هذه التي في يدي؟
أنت في المستشفى، وهذه مغذية.
في المستشفى!! أي مستشفى؟ ولماذا المغذية؟
مستشفى الصدرية، وقد تعبت والآن أنت بخير.
تتحسس صدرها بيدها من اللاشعور ثم تتحسس باقي جسمها وتقول:
ولكني سليمة، فلماذا جئتم بي إلى هنا؟
أنت بخير يا علياء ومجرد تعب بسيط وسوف تطلعين من المستشفى إن شاء الله.
حاولت أن تجلس فلم تستطع فسارعت أختها فاطمة لمساعدتها ولما جلست حركت رأسها المتدلي على كتفيها ثم رفعت يدها فإذا الإبرة تؤلمها قالت:
وهذه متى أتخلص منها؟
متى ما أذن الدكتور تخلصت منها.
وإذا لم يأذن.
تفاءلي بالخير.
تأخذ نفسا عميقا ثم تمر بها أخيلة في رأسها فترى صورتها أمام عينيها وهي عائدة من بيتها بعدما قام بطردها ومعها ابنتها ثم تبادر إلى ذهنها صوته وهو ينطقها نعم لقد سمعته وهو يقول.. هي لا تستطيع نطقها ولا تود سماعها مرة أخرى حتى ولو كانت ذكرى فهي الكلمة التي هدمت بيتها وهو قائم مثله مثل أي بيت من بيوت القرية، وتداعى لها صوت والدها وهو يؤنبها عندما جاءت من بيت زوجها إلى بيته قائلا لها:
أنت مهملة ولم تحافظي على بيتك وهذا هو جزاؤك.
تمنت أنه موجود في تلك اللحظة عندها كي تشرح له الحقيقة لأنها لم تستطع أن تدافع عن نفسها حين جاءت، تقاطع فاطمة أخيلتها قائلة:
علياء ما بك يا أختاه؟ فيم تفكرين؟
أنا لا أفكر، وفيم أفكر!!
لا تفكري إلا في نفسك فقط.
وابنتي أين هي؟
في البيت عند أمي.
لماذا لا يأتون بها إلى هنا؟
هل تريدين لها العدوى لا سمح الله؟
لا، لا، الله يحميها.
عادت وتمددت على السرير مرة أخرى ثم تذكرت أن تلك الكلمة المشؤومة التي أخرجتها من بيتها هي التي تسببت بوقوعها بين أحضان المرض وأيضا زوجها الأول قد قالها من قبل وأخرجها من بيتها إلى بيت أهلها فتتفق مع قلبها على كره تلك الكلمة البغيضة ثم يأتيها نداء داخلي قائلا:
لقد كان لك الدور الكبير فيما حصل لك فلا تجعلي الملامة كلها على الغير وأنت بريئة منها.
يطرق مسمعها صوت يناديها فينتشلها من عالم الأحلام إلى عالم الواقع فتلتفت فترى أختها فاطمة تنادي عليها قائلة:
لماذا تعودين لسرحانك يا علياء؟
ما أنا فيه شيء قاس وأنا أفكر فيما حصل لي لعلي أعرف سببه.
من أجل صحتك أنسي ما مضى وفكري في غد مشرف بالخير بإذن الله تعالى إذا أردت أن تعيشي هانئة.
وكيف؟
أريد منك الآن طاعة الطبيب والمشي على أوامره حتى تخرجي سليمة بإذن الله.
ولكني لديا رصيد يجعلني تضيق نفسي إن تذكرته!!
من هنا يبدأ العلاج إذا أردت أن تشفي.
وكيف؟
لا تستسلمي لليأس فإنه من الشيطان وأقنعي نفسك أنك ما زلت صغيرة وفي بداية المشوار وأنك سوف تعوضين كل ما مضى وأنه مجرد سحابة صيف.
قبل أن تجيب فاطمة دخل الطبيب للمرور على المرضى ثم وقف يستعرض ملف علياء الطبي ثم ابتسم وقال:
مبروك يا علياء، وتستطيعين الخروج الآن من المستشفى.
مبروك على ماذا يا دكتور؟
أنت سليمة ولست مريضة.
التقت كلمة علياء وفاطمة بفرحة عارمة معها بعض الدموع:
صحيح يا دكتور؟
نعم صحيح.
تفقدت علياء جسمها بسرعة ثم قالت:
الحمد لله على النعمة.
قالت فاطمة:
إي والله الحمد لله على النعمة.
تجهزت علياء ثم قامت من على السرير تقول لفاطمة:
هيا يا فاطمة نخرج من هذا المكان.
ضحك الطبيب ثم تناول ورقة وكتب فيها خروج من ضيق المستشفى ورهبة المرض إلى سعة الأمل الذي زرعته فاطمة في نفس أختها علياء رغم جراح الأيام التي قست عليها كثيرا.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved