الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 02th October,2006 العدد : 173

الأثنين 10 ,رمضان 1427

وميض
أسعد عرابي والحداثة
عبد الرحمن السليمان

يعتبر الفنان التشكيلي أسعد عرابي واحدا من الأسماء العربية المعاصرة المهمة في مجال النقد التشكيلي، له دور في تقديم ومتابعة عدد من التجارب التشكيلية العربية بجانب متابعاته أهم العروض التي تشهدها باريس، وعرابي قبل أن يكون كاتبا هو فنان تشكيلي تلقى علومه الفنية في سوريا ورحل منها الى فرنسا منذ أواسط السبعينيات وفيها واصل تعليمه الفني ليحصل على دكتوراه دولة في علم الجمال والفن من جامعة السربون الأولى بباريس التي انطلقت فيها كتاباته ولم تزل. له حضور مهم في العديد من الملتقيات العربية والدولية في أصيلة المغربية وبينالي القاهرة وبينالي الشارقة وغيرها في عواصم عربية واجنبية كمحاضر او كمحكم او كمشارك.
عن طريق دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة ظهر له إصداران (المصور في عين الناقد، ووجوه الحداثة في اللوحة العربية) هذا الكتاب يسجل رصدا أو توثيقا مهما لمشاهدات الفنان ومتابعاته حاملا رأيا يتمثل في معظم كتاباته التي يتناول فيها الفن في الوطن العربي ومؤكدا غالبا على أبرز الأسماء والنتاجات الحداثية، كتاباته تمثل أو تعكس تجربة غنية تكمن في موقعه كراصد من بعد لكثير من التجارب التي تعرف عليها سواء في فرنسا أو من خلال زياراته معظم الدول العربية وتعرفه عن قرب لبعض تجارب عدد من فنانيها.
هذا الكتاب الذي استهله بسؤال: كيف أعيش محترف الحداثة في باريس؟ تضمن فصولا وعناوين جانبية، وعرابي وإن ربط بين الفنون الإسلامية والفن الحديث فإنه يشير إلى بول كلي وهو يعتبر المحراب من أغنى عناصر الفن الإسلامي، ومضيفا أنه إذا كان مالفيتش وصل بمربعه الشهير إلى طريق مسدود (فإن المهندسين والمزخرفين الإسلاميين عرفوا كيف يتجنبون هذه الطرق المسدودة وذلك بتحريك الساكن وتسكين المتحرك).
وفي عنوانه (لوحة الحداثة والعلوم المعاصرة) يتعرض لعدد من العلاقات البيئية ومؤكدا أنه لا يمكن أن تقف اللوحة وقفة لا مبالاة من تسارع المصائب الأيكولوجية: دمار الأوزون، شعشعات تشيرنوبل، بثور النفط، وغيرها الى القول بأن اللوحة تترجم مرارة شهادتها من طرق اختزال الأشكال، تدميرها، سلخها من دلالتها الى درجة المسخ، همجيتها ودرجة براءتها الثقافية... ويسترجع بعضا من محطات الفن المعاصر: كلود مونيه والمنظر الدائري، جداريات ما قبل التاريخ وتباشير فن البيئة، فيكتور فازاريللي وحقول الوهم البصري، ثم ألعاب المدينة، تقنية البر فورمانس، برازخ فن البيئة، ومعها يستعرض بعض الأسماء (دومينيك تينو، سهى شومان، عبدالرحمن النشار، محمد احمد إبراهيم، فيصل السمرة ومعتبرا أن مفهوم البيئة يرفض الحاضر ويتم من خلاله النكوص الى الماضي مشيرا الى أسماء جعلت من الخصيصة الجغرافية مادتها الطبيعية (فاتح مدرس، سليمان منصور، ضياء العزاوي، محمد القاسمي).
يعود عرابي إلى الفن العربي ويعتبر أننا نشهد عقد غروب وانحسار وأن أصوليتين تتنازعان صيرورته، هما الإطلالة الفولكلورية بما فيها الوصفية، والحداثة العبثية الاستهلاكية، معتبرا أنهما كفيلتان بتشويش مفاهيم الذاكرة الحضارية من جهة وشمولية الرؤيا المفتوحة على العالم والكون والإنسانية من جهة أخرى، ثم يشير إلى الريبة بين فناني الداخل والخارج، فتبادل الأجيال التشكيلية العربية جحودها، والتراتبية الإعلامية الجديدة التي رسمتها المونوبولات الاحتكارية، ثم مواجهة لقب الدكتور الفنان، ويتساءل في جانب آخر: من المسؤول عن إبعاد المشاركة التشكيلية العربية عن الساحة العالمية في الفن المعاصر، ومن يحملون الأصول العربية؟
معتبرا ذلك السؤال الذي يتجنبه الكثيرون يفضح درجة التطهير العرقي والسياسي والعنصري الثقافي الذي يتم على أيدي صناع تاريخ الفن المعاصر خلال القرن العشرين من مؤرخين ونقاد وأصحاب صالات عرض ومديري متاحف ومراكز ثقافية وبورصات وأصحاب مجموعات، ويتناول كتاب (لعبة الفن الحديث بين الصهيونية الماسونية وأمريكا) لزينب عبدالعزيز ويعتبره مثالا ساطعا على نقض الحداثة وبطريقة تستحق التأمل لأنها تعبر عن ظاهرة (معاداة الفنون) التي تصيب الشعوب في حالات اندحارها الثقافي والحضاري.


aalsoliman@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved