الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 02th October,2006 العدد : 173

الأثنين 10 ,رمضان 1427

بانوراما
بيني .. وبين (أحلام)!
عبد الله الجفري

* ذات عام قريب.. ذات التفاتة.. ذات هاجس: شجَر بيني و(أحلام مستغانمي) الروائية الجزائرية المبدعة: شيئاً لم أسمِّه خصاماً، ولا قطيعة... لكنه (ذلك الشيء) الذي حسبته (كالصمت)، ولا أظنه كالإهمال!
كانت بيننا رسائل (زمالة كلمة)، وصداقة إبداع.. والتقيتها مرة في بيروت، وفي تلك الرحلة: لم أفتح حقيبة سفري خوفاً من سوانح الغيم، أو معالم الأشياء سريعة التبدل!
لكني أمام إبداعات (أحلام مستغانمي): حاولت قراءة أبجدية الإنسان في أعماقها.. فوجدت داخلها: جنون الفنان، وتحوَّل وجهها بعض الحين إلى الريح، في لحظة أن تغمد شوقها في ظهر الاحتفاء!
* إنها امرأة: لا تعد أنفاسها، أو أن كلماتها مثل أنفاسها... ولِبَوْحها: مركب يبحث عن ميناء خاص وفنار.. مشاعلها من المعاناة الإنسانية في أعماقها.. وجمرتها لا تترمد في تواصل قدرتها على طيِّ اتساع الأرض، أو... (طوْيها)!!
* إنها كاتبة: لا تعتمد على ذاكرتها بقدر ما (تُجيِّش) مرايا الزمن في بهو تقيم داخله: فكرتها، ورؤيتها، وربما نزقها... حتى تمتلئ بخفق الكلمة، وبأصداء الليل.. وحتى تعرف أبعاد صرخة (الإنسان) في شبق الحرية للتعبير، وللبوح، وللرأي الآخر!!
* وذات مساء... أقفلْتُ (خصوصية ليلى) بالصفحة الأخيرة من رواية (أحلام) التي أسمتها: (عابر.. سرير)، فراق لي لحظتها أن أذكِّرها باسمي قارئاً لإبداعاتها، كمن يودع خارطة بحث عن حبات قمح.. فأرسلت لها عبر إيميلها هذه الرسالة التي أحسب أنه من الغمط ل(أحلام مستغانمي) أن تُخْفَى على قرائها ومحبي إبداعها.. فهي ليست رسالة (شخصية)، منذ توقفت (أحلام) عن مشاكستي في ثمالة التسعينيات (بصور) معطرة:
***
* الكاتبة المبدعة الكبيرة د. أحلام مستغانمي:
التحيات الدافئات بمحبة (الإنسان) وبعبق البيلسان.. أما في بلادنا فما نملكه هو: (الفل،والكادي، وشجرة (النيم) الليلية الحزينة حتى العبق!
وفي (طقس) الحرب، وبدء العد التنازلي لتقسيم الوطن العربي الكبير، بت أردد من شعر نازك الملائكة، وهي اليوم على سرير المرض في القاهرة، ووطنها العراق في غرفة الإنعاش مع بقية الأقطار العربية:
جنَّت بنا خيبتنا، وانطوى
ما كان مأمولا
وهدَّنا عبء الأسى والجوى
فهذه خلف الربى والهوى
بقعتنا الأولى!!
* يا سيدتي المبدعة الهاجرة لمن (صدّقَك)، في زحام الكثرة الذين (صدّقوك): لقد صدقت إبداعك، وطردتُ وراءه أشتري كل كتاب لك بعد هجرة (بالك) عن اسمي (!!) فأنا لا أستجديك صداقة لا تريدينها... فقط من حقي كقارئ عليك ككتابة: أن أتابع (جنونك) المطهّر، وأن أُشرْنِقك في ذاكرتي: امرأة صارت تتعامل بذاكرة مغيَّبة!!
أهنئك على كتابك روايتك: (عابر سرير)، الذي أهدته قارئة لي حين مرورها على لندن فاقتنت لي نسخة (بإهدائها)!!
سعدت كثيراً بثمرة صمتك بعد (فوضى الحواس) ليكون لك الجَنَى الدسم... ولك المودة في كل الأحوال، فلستُ من (الرجال) الذين ينسون!!!
***
* لكن الكاتبة الكبيرة المبدعة أحلام مستغانمي: فاجأتني حقاً بذاكرتها التي لم تتأثر بصدأ المدن وصخب العواصم ولا بإشارات المرور، ومنع العبور!!
ردت على رسالتي (الإيميلية) لها برسالة (إيميلية) منها... اختزلت الرد على حديثي عن روايتها الجديدة، وتجاوزت كلماتي عن: طقس الحرب، وعن من (صدقها) في زحام كثرة الذين (صدقوها).. وقفزت فوق الحديث عن: استجداء الصداقة في عصر طواحين الهواء، فلم (تعرج) على عبارتي كصديق، بل ركزت حفاوتها على شخص (القارئ) فيَّ، الذي كتب لها عن روايتها الجديدة (!!) فمنحتني إجازة نشر هذا الحوار (المكتوب) بيني وبينها، وأنا كقارئ عادي كما أرادت أعتز بهذه الإجازة.. فكتبت تقول لي:
* أيها العزيز:
سعدت جداً بياسمينك في صندوق بريدي الذي اطلع عليه قليلاً لجهلي التعامل مع هذا الجهاز اللعين.. وللسبب نفسه أكتب إليك هذه الرسالة بالاستعانة بالسكرتيرة.
لا تهتم.. فأُمِّيتي هذه ما زالت تسعدني، ولا أدري حتى متى سأستطيع مقاومة جبروت التكنولوجيا؟!
أسعدني أنك قرأت روايتي الأخيرة (عابر سرير) لك عندي نسخة مهداة متى شئت ذلك.
أريد أن أعرف رأيك فيها.. أعني رأيك كقارئ لا ككاتب أو صحفي، لقد أخذت كتابتها ثلاث سنوات من عمري ولكن لا بأس ما دام عمرنا منذوراً أصلاً للكتابة... سلامي للقارئة التي أحضرت لك هذا الكتاب، ولك دوماً كل المحبة.
***
* و ... بعد:
يقول (أدونيس) في ما كتبه مؤخراً، وفي عمره الحالي: (غرفة ... سرير بارد في ليل دافئ)!!
وقلت: يا بخته!!! يتكلم عن (غرفة)... ونحن صرنا من المحيط إلى الخليج نتكلم عن: وطن...... أكبر، على كف عفريت!!


A-Aljifri@ Hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved