الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 03th January,2005 العدد : 90

الأثنين 22 ,ذو القعدة 1425

عبدالله عبدالجبار.. كلام الرائد وصمته!!
د. صالح زياد
الأستاذ عبدالله عبدالجبار قامة مضيئة وشامخة في الفكر النقدي الأدبي السعودي والعربي. ويمكن أن نقف، من خلال جهده النقدي، على ملمحين بارزين: أولهما، البُعد المنهجي الذي يعيد شتات المادة المدروسة إلى وحدة، ويحيل البحث والكتابة إلى ممارسة منظمة لإنتاج المعرفة. إنَّ الفكر بلا منهج هو متاهة لا ينتهي المرء فيها إلى نتيجة، ولا تتلو خطواته فيها رؤيته المتجاوزة إلى البعيد. كأن الفاعل النقدي والمعرفي، هنا، أقرب إلى جامع التحف و(الخردة) منه إلى صاحب همّ معرفي وغاية علمية.
مَنْ يتصفح، الآن، كتاب عبدالله عبدالجبار (التيارات الادبية في قلب الجزيرة العربية) (1959م)، تأخذه الدهشة والعجب؛ اذ يرى مادة معرفية أدبية ثرة منظمة ومتماسكة منهجياً إلى حد كبير، في فلسفتها النظرية، وفي وقائعها الإجرائية، وفي نتائجها. ولا تحيل الدهشة والعجب، فقط، إلى الفترة المبكرة في وعينا العلمي والمعرفي التي يبدو العمق والنضوج والمسؤولية في كتاب عبدالله عبدالجبار تجاوزاً لها وقفزاً عليها، بل تحيل ايضاً، من جهة، إلى ما نعيشه الآن، ومن جهة اخرى، إلى طبيعة المعرفة الادبية والإنسانية التي لا تزال إلى حد ما خاصة
في عالمنا العربي نافرة من الصرامة المنهجية وغير آبهة بالموقف النظري أياً كان.
أما الملمح الثاني، في جهد الجبار النقدي، فهو همّ التنوير وجهاد الوعي بالعصر، الذي يبدو متصلاً اتصالاً عضوياً بوعيه المنهجي، خصوصاً في انهمامه بالكشف عن تطور الادب في قلب الجزيرة من خلال تعليق ذلك التطور بالانفتاح على الحديث والجديد، والتفاعل مع الأحداث والوقائع المعاصرة اجتماعياً وسياسياً
وثقافياً. وفي هذا السياق تنتظم سلسلتان من الصفات في كتاب عبدالجبار في علاقة تضاد واصطراع، فيتقابل الموت مع الحياة، والعبودية مع الحرية، والتقليد مع الأصالة، والظلام مع النور.. إلخ. ويغدو الاستقلال بمعناه العميق مرادفاً للوعي الذاتي الحر، سواء على مستوى الحياة الاجتماعية والثقافية أو على مستوى تمثيل هذه الحياة فردياً.
أن يصمت مفكر وكاتب بمستوى عبدالله عبدالجبار يعني أن هناك حدثاً جللاً. عبدالله عبدالجبار صامت منذ ما يزيد على ربع قرن، لماذا؟!.
لا أعتقد أن قوة وجبروت عبدالله عبدالجبار ستذعن لحفاوة بائسة أو حنان مشفق من جنس ما يدبجه المعجبون به دوماً..
هل كان صمت عبدالجبار إرهاصاً بما ستؤول إليه مشاريع وأحلام التحديث والتنمية والتطور؟ هل ما نعيشه من هجمة ظلامية في عالمنا العربي والإسلامي كله، ومن تسيد عولمة لا مكان لنا في مقاعدها الأمامية هو نبوءة صمت عبدالجبار وعزلته الاختيارية؟.
لنرفع أيدينا بالدعاء لعبدالله عبدالجبار، الرمز الذي اتسعت رؤيته بنا وبعصرنا حتى ضاقت العبارة واستعصى الكلام!!.
الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved