الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 3rd March,2003 العدد : 1

الأثنين 30 ,ذو الحجة 1423

المجلة الثقافية: إصدارنا الرابع
عندما بدأنا بـ «مجلة الجزيرة» كأول إصدار إضافي لصحيفة «الجزيرة» يُقدم للقراء هدية منها، لم تكن دراساتنا تشير إلى أن هذه المجلة الاسبوعية سوف تكون موعودة بأن تحقق كل هذه المساحة الكبيرة من اهتمام القراء في شهورها الأولى..
لكن وعندما تبين لنا بعد شهور من صدورها تحفظ دراساتنا المسبقة في تقدير النجاح المنتظر لها، بناء على ما ظهر لاحقاً من نتائج اختصرتها لنا المؤشرات التسويقية وبالاعتماد على رصد أمين لهذا الاصدار ما كان منه سلباً أو ايجاباً للتعرف على وجهات النظر المتباينة بين متلقيه..
أقول، إننا في ضوء هذه المعلومة الصغيرة وبما أعطته لنا من نتائج، قد حفزتنا إلى أخذ القرار الجديد والصحيح بإصدار مجلة أخرى تخاطب جيل«الانترنت» تفاعلاً مع ثورة الاتصالات واستثماراً لها، مسبوقة بدراسات ربما أنها كانت أقل تحفظاً وأقرب إلى الواقع من سابقتها، مصحوبة بشيء من التفاؤل في أن تكون «مجلة العالم الرقمي» اضافة جديدة إلى نجاحات كانت المجلة الاولى قد حققتها..
وأعترف، أن نشوة الفرح والحماسة اللذين استقبلنا بهما نجاح الإصدارين، وما ظهرت به «مجلة الجزيرة» ثم «مجلة العالم الرقمي» من تميز مهني غير مسبوق، قد شجعانا لان نسرع في تقديم الهدية الثالثة للقراء وهي «مجلة الإصدار الدولي»، وهي مجلة تعتمد في مادتها على انتقاء أهم الكتب العالمية واختيار أفضل الدراسات الدولية مع اهتمام خاص بالافتتاحيات والندوات وكل ما ينشر في الصحف العالمية، ونشرها بعد ترجمتها لتمكين القارىء من الاطلاع والإلمام والمتابعة بما يدور في العالم.
***
وبهذا الجهد، أصبح القارىء في أيام السبت والأحد والثلاثاء، من كل أسبوع، يقتني«الجزيرة» مع إحدى المجلات الاسبوعية «مجلة الجزيرة» أو «مجلة الإصدار الدولي» أو «مجلة العالم الرقمي» ضمن ما تقدمه صحيفة «الجزيرة» من خدمة صحفية يحاول الزملاء من خلالها أن يلبوا رغباته ويستجيبوا لكل ما يطالب به وينتظره منهم..
ولان القارىء هو الحكم وهو المستهدف«تحديداً» في كل جهد يبذل هنا، فقد كان كريماً وسخياً معنا بما قرأناه له وسمعناه منه عن هذه الاصدارات، ثناء حيناً وملاحظات قيمة أحياناً أخرى، بما أفادنا في تلمس الطريق الصحيح للعمل الاصح..
ومن غير المناسب أن أتجاهل هذا النمو في توزيع «الجزيرة» الذي صاحب وثباتها، لاخلص منه إلى أن سببه في جزء كبير منه يعود إلى القارىء«النخبوي» بتجاوبه وتفاعله وتقديره لخطواتنا التطويرية، والتزامه وقناعته بشعاره وشعارنا «الجزيرة تكفيك» بوصفه شريكاً معنا في النجاح الذي تحقق، ومازلنا نعوّل عليه في النجاحات المستقبلية إن شاء الله.
***
واليوم هو الاثنين، تذكروا انه منتصف هذا الاسبوع وكل اسبوع.. وقد اخترناه لكم من بين كل الايام موعداً لكم معنا في سياحة صحفية تليق بكم..
لنقرئكم فيه مجلة أسبوعية جديدة، ولكنها هذه المرة عن الثقافة وللمثقفين..
ونحن نرى في قراء «الجزيرة» أنهم جميعاً ودون استثناء يمثلون رقماً مهماً في مجموعة الطبقة المثقفة والملمة بكل ألوان الطيف الثقافي..
ومجلتكم الجديدة من حيث زمن الصدور تعد الرابعة التي تصدر عن صحيفة«الجزيرة» في غضون عشرة أشهر..
لكنها من حيث وثبات التطور زمنياً يأتي ترتيبها الخامس، وهي من حيث الاهمية في الترتيب الاول كباقي الوثبات..
وبالنتيجة، فإن هذا العمل الجديد أمكن انجازه في الوقت المناسب ضمن منظومة طويلة من الاعمال الصحفية الكبيرة والمتواصلة التي وعدنا بها القراء، وبصدور«المجلة الثقافية» سيكون القارىء إذاً على موعد يوم السبت مع مجلة«الاصدار الدولي» ويوم الاحد مع مجلة «العالم الرقمي» ويوم الاثنين مع «المجلة الثقافية» ويوم الثلاثاء مع «مجلة الجزيرة» وهناك خطوات متسارعة لانجازات أخرى.
***
بقي لي، أن أنوه بالجهد الكبير والرائع لزميلي الإعلامي اللامع «إبراهيم التركي» مدير التحرير للشؤون الثقافية وللزملاء المبدعين أسرة تحرير هذه المجلة، لانجازهم هذه المجلة على النحو الذي ترون..
وأنا على يقين بأن طرحاً مميزاً كهذا الذي تطالعونه في العدد الاول من المجلة الثقافية سوف يرضي الكثيرين منكم، وفي مقابل ذلك فإن ملاحظات ووجهات نظر وآراء أخرى لن تكون المجلة في غنى عن سماعها، بل من الضروري أن تقال وبصوت عال ومسموع للوصول إلى الكمال الذي قد لايتحقق وإن حاولنا..
فالثقافة كما هو معروف مجموعة معارف وباقة علوم، وإذا كانت مجامع اللغة وأهل الاختصاص لم يتفقوا ولم يتوصلوا بعد على تعريف مانع جامع لهذه المفردة، فلابأس أن تتباين وجهات النظر حول طرح ثقافي كهذا الذي يصدر على شكل مجلة تُعنى بالثقافة وبإسمها الشامل المجلة الثقافية، مع يقيني بأن الأفكار سوف تتلاقى في النهاية لتقديم ربما ما يتفق الجميع عليه.
قصة قصيرة
ليمونة
د. عبدالعزيز بن سعيد الغامدي
أوقف فالح سيارته في الساعة الخامسة بعد الظهر أمام باب منزله الذي يحتوي على اثنتين وعشرين غرفة للنوم وحديقة ومسبح كبير، دخل الى منزله مسرعا وبيده اليمنى ليمونة صغيرة مصنوعة من المطاط، ذهب الى غرفة الجلوس، وصل الى باب غرفة الجلوس، بدأ يسمع بكاء، بدأ يسمع صراخاً، نظر جيداً الى المجلس، رأى ابنه الوحيد محمد الذي يبلغ من العمر خمس سنوات، يقف في الركن الأيمن البعيد للمجلس، يبكي ويصرخ ويداه على عينيه، سأله والده: «أين أمك؟ أين مربيتك كرستين؟ أين معلمك ديفيد؟ أين السائق راجيف؟ أين الخادمة كولا؟ أين مديرة المنزل لادا؟ أين الطباخ بلفور؟ أين حارس المنزل نويل؟ أين البستاني ماوتسي؟» محمد لا يجيب، ما زال يبكي ويصرخ، «لا تبك، لا تبك، لا تبك؟ قلت لك لا تبك، بكاؤك هذا يزعجني، سأعاقبك، لا تبك، ألا تفهم» فالح يقول متسائلا وهو يداعب ليمونته، ينقلها من يد الى أخرى، طفله محمد لا يريد أن يتوقف عن البكاء، قرر الرجل مغادرة منزله، لقي السائق عند الباب الخارجي للمنزل، «بابا، كيف هال بابا؟ ماما فالهه، ديفيد، كولا، لادا، بلفور، كرستين، ماوتسي، نويل، كله، كله أنا يودي، كله يروه كسُر مال أم رازان، أسان فيه هفلة كبير مال ولد سَكِير، آسي والد مال أم رازان أُمر واهَد سنة، هذا يوم واهد سنة، أم آسي سوي هفله كبير كبير، كسُر مال أم رازان بابا كبير كبير كبير، أربئه وكمسين كُرفه نوم، كبير كبير، كل ناس يروه، ماما فالهه يكون أنا لازم يزيب فستان اهمر هلو وسَنته مال دهب، بئدين يروه هفله» السائق لفالح، «طيب طيب» باي «فالح لراجيف، دخل راجيف الى المنزل ليأخذ حاجته، سمع بكاءً، سمع صراخاً، أسرع في خطواته، وصل الى غرفة الجلوس، «مُهمد؟، لِيس يبكي؟ ليس يبكي؟ أنا لازم كَلِّم ماما، الو، الو، ماما فالهه، فيه ولد مال إنتا يبكي، أنا يسأل ليس يبكي؟ ما يِكَلِّم أنا، بابا يمكن يُدرب مُهمد، يمكن كَسَّر راس مُهمد، أنا ما فيه مئلوم ماما، لازم يزي ماما يسوف مُهمد ماما»، «لا استطيع أبداً الحضور يا راجيف، اليوم حفلة عاصي، أم رازان لن تكون سعيدة لو فعلت ذلك، أَسكِته بأي شيء، قطعة حلوى مثلاً، أعطه بطاقة القنوات الفضائية، افعل ما تريد وما تستطيع، فقط لا تهاتفني، لا تنس أن تأتي بما طلبت منك، أو كي، مِرسي»، أخذ راجيف قطعة حلوى من المطبخ، ذهب بها الى محمد، اختلطت دموع محمد بلعابه وعرقه وإفرازاته الأنفية، قدّم راجيف الحلوى لمحمد، محمد رفض استلامها، واصل محمد البكاء، وضع راجيف الحلوى على الطاولة قريباً من محمد، غادر راجيف المنزل، مضى من الوقت ساعة، ساعتان، ثلاث ساعات، خرج محمد وهو يبكي من غرفة الجلوس باتجاه الباب الخارجي للمنزل، ينظر الى اليمين، الى الشمال، الى الخلف، الى الأمام، الى الأعلى، تفصل الحديقة بمسبحها الكبير بينه وبين الباب الخارجي، ملأ الظلام المكان، ملأ الهدوء المكان، يسير محمد على غير هدى، لا يرى شيئا غير أضواء سور المنزل، لا يسمع إلا صوته وهو يبكي، لا يرى حتى يديه من الظلام، ازداد بكاؤه، سار مسرعاً الى اليمين، سار مسرعاً الى الأمام، سار محمد سار وسار وسار، أسرع محمد وأسرع وأسرع وأسرع، سار محمد الى ان سقط، أسرع محمد الى ان سقط، سقط محمد، سقط في الهدوء، سقط في الظلام، سقط في الماء، سقط في المسبح الكبير، حاول الخروج، حاول وحاول، وحاول وحاول، وكلما حاول حاول، وكلما حاول فشل، وكلما فشل حاول، يحاول لعل أحدا في هذا الظلام يسمع طفولته، يحاول لعل أحد في هذا الظلام ينقذ براءته، يحاول لعل أحد في هذا الظلام ينتشل جسده، يحاول لعل أحد في هذا الظلام يمسح دموعه، يحاول وكلما يحاول يصرخ، يحاول وكلما يحاول يصرخ، يحاول وكلما يحاول يستغيث، يحاول وكلما يحاول يرفع يديه الى الأعلى، يحاول وكلما يحاول ينادي أمه، يحاول وكلما يحاول ينادي اباه، يحاول وكلما يحاول ينادي طفولته، يحاول وكلما يحاول ينادي أقرانه، يحاول وكلما يحاول ينادي أقلامه، يحاول وكلما يحاول ينادي دفاتره، يحاول وكلما يحاول ينادي ألعابه، يحاول وكلما يحاول ينادي أحلامه، يحاول وكلما يحاول ينادي آماله، يحاول وكلما يحاول ينادي طموحاته، يحاول وكلما يحاول ينادي الماضي، يحاول وكلما يحاول ينادي الحاضر، يحاول وكلما يحاول ينادي المستقبل، وظل يحاول ويحاول مرات ومرات الى أن قال:«لا،لا،لا» واختفى محمد كاملاً تحت الماء ليزيد الهدوء في المكان هدوءاً وليزيد الظلام في المكان ظلاماً، عاد الأب والأم ومن معهما الى المنزل في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ذهب كل منهم الى غرفة نومه الخاصة مباشرة، استيقظ فالح في الساعة الخامسة صباحاً مذعوراً، صرخ قائلا ومتسائلاً: ليمونتي، ليمونتي، أين هي؟ أين ليمونتي؟» بحث عن ليمونته، بحث عنها في كل ركن من أركان غرفة نومه، وبعد البحث المضني، وبعد العناء، وبعد الخوف، وبعد الحسرة، وبعد القلق، وبعد الشعور بالضياع، وبعد الدموع، وبعد الأحزان، وجد فالح ليمونته، وجدها، فالح وجد ليمونته، وجد غاليته، وجد حبيبته، وجد معشوقته، وجد شريكة حياته، وجد أسيرة قلبه، وجدها قد سقطت منه وهو نائم بجانب سريره، أخذها، رمى بها الى الأعلى، راقبها، ابتسم لها، قفز ليمسك بها قبل ان تسقط على الأرض، ارتمى على سريره، واصل نومه وهو ينظر اليها ضاحكاً مستبشراً وسعيداً.


aalghamidi@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved