الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 03th April,2006 العدد : 147

الأثنين 5 ,ربيع الاول 1427

رغم وجود المتميزات
لماذا لا يحق للتشكيليات ما يحق للتشكيليين في كسب المراكز؟

*إعداد: محمد المنيف:
حينما أنوي الكتابة عن التشكيليات يتبادر إلى ذهني حديث رسولنا الكريم الذي أوصى فيه بالرفق بالقوارير فأتوقف وأتردد كثيراً في ملامسة جوانب كثيرة من الأخطاء في مجالهن التشكيلي، مع ما واجهناه من الكثير من الفنانين ممن لا يقلون عنهن حساسية تجاه النقد فكيف بي أكتب عن التشكيليات الأكثر رهافة وتوجساً من أي عبارة أو رأي في أعمالهن إلا أن هذا الواقع لا يجعلنا أيضاً نبتعد ونتوقف عن الحديث في تجربة مهمة في مسيرتنا التشكيلية المتمثلة في دخول المرأة هذا المجال مع مختلف مجالات الحياة ومنها مجالات الإبداع، كما أن علينا أيضاً في حال اعتزام النقد والمكاشفة أن نضع في الاعتبار ما يطالبن به من مساواة بالرجال وأقصد الرجال الواثقين في ما يقدمونه من أعمال تستحق الإعجاب ويتقبلون الرأي فيها، ما يتيح لنا الفرصة للتطرق لهن ولأعمالهن ولمشاركاتهن خصوصاً أن الكم الكبير من التشكيليات أصبح في السنوات الأخيرة غالباً على أعداد التشكيليين، مع التحفظ على ما نتج لمثل هذا الاندفاع من سلبيات سنتطرق للبعض منها في سياق موضوعنا اليوم مذكراً أننا تطرقنا للفن النسائي في المجلة الثقافية (13من ذي القعدة 1424هـ).
***
البدايات ومرحلة توقف وما بعدها
ظهرت مرحلة البدايات التي من رائداتها الفنانات صفية بن زقر والفنانة منيرة الموصلي ونبيلة البسام بشكل هادي وبطيء نتيجة ضآلة الإعلام ولقصور فهم المجتمع بهذا الفن ولعدم وجود جهات معنية به إلى أن أخذ هذا الفن في التحرك الرسمي الذي أعاد لهؤلاء الفنانات توهجهن وتواجدهن كأسماء لها تجربتها ودورها في التأسيس، إلا أن هذا التواجد كان محدوداً في المعارض الجماعية التي أقامتها الجهات الرسمية بشكل غير ثابت ولم يكن للفنانات في غالبية المعارض أي وجود لعدد من الأسباب منها أن مشاركتهن ودعوتهن عليها كثير من التحفظ في كيفية التعامل معهن وكيف يمكن إيصال أعمالهن وكيفية استردادها إلى آخر المنظومة إلى أن أصبحت مثل هذه العقبات أمراً اعتيادياً من خلال التعامل مع أشقاء الفنانات أو أولياء الأمور ممن يرى أن لزوجته أو ابنته الموهوبة والمتخصصة في هذا المجال الحق في البروز والمساهمة خصوصاً أن هذا الفن جزء من ثقافة الوطن ورافد من روافد حضارته، لهذا حدث نوع من التوقف والتراجع إلى أن برز الجانب الآخر وهو الأهم والمؤثر على ما وصلت إليه الساحة من كثافة عددية في جانب التشكيليات وهو افتتاح أقسام التربية الفنية في الجامعات التي دفعت بالكثيرات للساحة مع ان دراستهن متخصصة في مجال التربية الفنية بقسميها الرسم والأشغال كما هي منذ أن أدرجت هذه المادة ضمن المناهج الدراسية، هذا الكم قل أن نجده في الدول العربية القريبة نتيجة الحد من مثل هذا الاندفاع غير المنظم أو المنضبط.
***
اختلاط حابل الموهبة ونابل الهواية
استعارتنا للمثل القائل (اختلط الحابل بالنابل) يمثل حقيقة ساحة التشكيليات فالحابل يمثل الموهوبات اللائي يشكلن النسبة الضئيلة جداً في مجموع العدد الكبير ممن يمتلكن الهواية وليست الموهبة فالهواية أمر عابر يمارسه الفرد في وقت فراغه مع ما يضيفه عليها من قدرات تفوق غيره من الهواة، أما الموهبة التي منحها الله للموهوبين وخلقت معهم فتتبعها مراحل أخرى منها الإبداع ثم الابتكار فعندما يتعامل الاثنان، صاحب الهواية وممتلك الموهبة مع سبل لتعبير مثل الرسم أو لعب الكرة أو التمثيل إلى آخر المنظومة فإن صاحب الهواية يتوقف عند حدود معينة، أما الآخر وهو الموهوب فتصل به قدراته إلى المراحل المتقدمة عوداً إلى ما يضيفه ويكتسبه من خبرات وتجارب مؤطرة بالثقافة والوعي بإبداعه أو المجال الذي خلق معه وأصبح مسكوناً به وقد يكون من أهم ما يحققه أو يصل إليه الموهوب خلال تنامي خبراته وعمره الزمني والفني جانب الابتكار والتطوير والبحث عن سبل التميز بعيداً عن المحاكاة والتقليد والالتفاف حول ما تعود عليه وقصر فهمه عن غيره من سبل الإبداع.
تلك هي حال الساحة التشكيلية النسائية كما أشرنا فالغالبية من المتواجدات عليها من هواة الفن التشكيلي والتربية الفنية جاء انضمامهن لأقسام التربية الفنية لسهولة المادة أو لإعجابهن بما ينتج من أعمال فنية الهدف منها التزيين والتجميل فكانت مصدر رزق للكثيرات ممن أصبحن يزودن محلات الإكسسوارات بأعمالهن، أما البقية فوجدن في محلات الخطاطين ما يسهل مهمة التنفيذ بناء على مواصفات معينة لا تتجاوز حدود الشكل المتعارف عليه من الواقع، أما الفئة الثانية من الهواة فيلجأن الى النقل من الصور المختلفة الواقعية لمناظر من الطبيعة وصور لوجوه أو نقوش وزخارف.
***
البحث عن سبل التواجد
من السبل التي دفعت الكثير من التشكيليات إلى التواجد في الساحة ما يتم القيام به من معارض جماعية لهن إما بتعاون بعضهن مع بعض أو بما أتيح لهن رسمياً من إقامة معارض خاصة بالتشكيليات منحن فيها جميعاً صفة الفنانة التشكيلية رغم أن غالبيتهن يشاركن لأول مرة تراجعن وتوقف بعدها لعدم قدرتهن على مواصلة المسيرة لطول المسيرة ونقص الزاد والماء.
أما الذي لا زال يبحث عن تواجده مع افتقاده الموهبة وسعى لاكتساب الخبرات والقدرات في تكوين العمل بمحاولات يائسة من خلال دروس خاصة أو من خلال دورات خارجية أو بالمغامرة فمن قدر له الحصول على دروس أو دورات كشفت أعمالهن مستوى التلقي ومستوى التعليم من خلال التأثر المباشر بأساليب أخرى تبعها تعامل مع أنماط ورموز ومصادر الهام مستوردة لا علاقة لها بالبيئة أو الحياة الاجتماعية المحلية.
مع ما ظهر من أعمال أثبتت الحقائق أنها نفذت من غير صاحباتها واكتفين بالإمضاء فقط وأقمن لها معارض شخصية، أما المغامرات في الفن التشكيلي فكثيرات تبين لنا في أعمالهن عدم استقرار الرسم البياني لتطورهن، فتارة يقدمن أعمالاً مقبولة نوعا ما وتارة يقدمن أعمالاً متردية وضعيفة، وفي جانب آخر يتعاملن مع نمط وأسلوب ثم يستبدلنه بأسلوب ونمط جديد رغم قرب المسافة من معرض لآخر فانتهى الأمر بوجود أعمال تثير الشك وأخرى تصدم الذائقة.
***
بين مفهوم الفن والمغامرة
ومع أننا لامسنا بعض واقع الفن التشكيلي النسائي بحذر شديد دون ذكر أسماء رفقاً بهن وانتظاراً للجديد من تجاربهن لعل وعسى أن نجد من ينافس ويساهم في بناء مسيرة هذا الفن في مرحلته الثانية بعد انضمامه لوزارة الثقافة والإعلام بما يمكن القيام به من قبل المسؤولين عن هذا الفن في الوزارة من وضع ضوابط للتشكيليين والتشكيليات الذين لا يعون هذا الفن وأبعاده فكراً وإبداعاً وبما يجب أن يكون عليه كل واحد منهم من وعي وثقافة تضيف لإبداعه خصوصية وشخصية يعتز بها ويرفع بها من شأن الوطن في هذا المجال، ولن يتحقق هذا إلا بتصنيف المعارض ووضع حدود لمستوى الأعمال التي تعرض في كل معرض ولنا في معرض الفن السعودي المعاصر الكثير من الهفوات يمثلها قبول أعمال لعدد من التشكيليات لا يمكن أن تمثل أعمالهن الفن السعودي المعاصر أقمن الدنيا ولم يقعدنها لعدم حصولهن على جائزة في المعرض في الوقت الذي عرض فيه أعمال لتشكيليات حفرن بأظفارهن في صخرة الفن على مدى سنوات طويلة ورغم ذلك لم يحصلن على أي من جوائز المعرض ولم يعترضن إلا بعتب هادئ لثقتهن بخبراتهن وقناعتهن بما تحقق لهن من تميز في الساحة جعل لهن مكاناً ومكانة لا يمكن إغفالها واعتبارهن الجائزة إضافة جديدة وليست تقييماً.
***
أحقية التشكيليات بالجوائز
حديثنا السابق وما اشتمل عليه من إشارات حول غالبية التشكيليات لا يعني التعميم كما أشرنا في بداية الحديث فهناك أسماء جاءت في المرحلة الثانية من تاريخ مسيرة الفن التشكيلي السعودي نذكر منهم على سبيل المثال الفنانة نوال مصلي وفوزية عبد اللطيف وبدرية الناصر وسلوى العثمان، وهدى العمر، حميدة السنان، اعتدال عطيوي، حلوة العطوي، زهرة أبو علي وغيرهن لا يتسع المجال لذكر البقية، اثبتن منافستهن واستطعن أن يضفن للساحة تميزاً وتحركاً لفت الأنظار للمرأة التشكيلية السعودية، كما أن لهن علينا الحق في أن نتساءل عن عدم منحهن حقهن بالفوز بالجوائز المتقدمة الأولى أو الثانية أو الثالثة إلا فيما ندر من المشاركات مع أنها لا تتعدى الجائزة الثالثة فقط، لماذا لا يمنحن هذا الحق ولماذا أبعدت الكثير من الأعمال المشاركة في كثير من المعارض السابقة رغم تميزها، أعتقد أن تواجد تلك النخبة من الفنانات التشكيليات أمر يستحق الاهتمام والتقدير وألا تكون الجوائز الأولى وقفاً على التشكيليين، سؤال إجابته لدى لجان التحكيم التي لا يمكن أن نتجاوز خطوطها الحمراء نتيجة ما منحوا من ثقة ممن اختارهم.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved