Culture Magazine Monday  03/09/2007 G Issue 214
فضاءات
الأثنين 21 ,شعبان 1428   العدد  214
 

مؤلف الأوائل وداعاً
عادل بن عبدالقادر المكينزي

 

 

من أصعب المواقف على المرء أن يقدم كلمات نعي ووداع في رحيل قامة كبيرة أدت أدواراً مباركة لخدمة وطنها ومجتمعها وأمتها.. ولكن يجيش القلب ويستثار اليراع لتسطير واجب تجاه من عرفناهم في دروب الحياة وقدموا خلاصة تجربتهم للأجيال ورحلوا بصمت.

ودعنا منذ بضعة أيام رجلاً عرفناه بسمته الجاد وعمله المتواصل دون أي كلل أو ملل.. التقيته مرات عديدة، ودار بيننا أكثر من حوار، ورغم تقدمه بالعمر وتعب السنين إلا أنك ترى فيه الحماس والحيوية والنشاط نحو إنجاز جديد.. إنه الأستاذ الكريم والأديب الحصيف إبراهيم بن عبدالعزيز السويلم. رحل أبو عبدالعزيز عن دنيانا بعد حياة حافلة بالعمل الدؤوب في خدمة وطنه بعمله الوظيفي، فضلاً عما حققه من إنجاز متميز في حقول المعرفة والبحث العلمي.. وأذكر أنه - رحمه الله - كان يكرر سؤالي عن آخر إنتاج إعلامي ويطلب نسخة منه؛ فاستغربت سؤاله؛ حيث لم يخطر ببالي أن له اهتمامات إعلامية بل إنه باحث من الدرجة الأولى. وبعد فترة فوجئت بباكورة أعماله وهي موسوعة صحفية لأول ما صدر من مطبوعات بالمملكة، وقد سمى هذا العمل (موسوعة أوائل الإصدارات الإعلامية والثقافية العربية) وضم جل ما صدر في بلادنا من مطبوعات دورية. لقد قدم الشيخ إبراهيم السويلم بهذا العمل خدمة نادرة للمكتبة الإعلامية السعودية بشكل خاص نظراً لضياع كثير من البدايات لكثير من الإصدارات الإعلامية التي باتت أثراً بعد عين. لم يقف هذا الرجل المبارك عند هذا الحد بل استمر يفاجئنا بأعمال مرجعية توالت في أوائل إصدارات المطبوعات في الخليج والجزيرة العربية.. وقد شكلت أعمال السويلم إضافات نوعية أثرت المكتبة العربية، وأفادت الباحثين في الحقل الصحفي والعاملين في الميدان الإعلامي. وهو - بحق - نموذج للرجال العاملين بجد حيث ابتدأ رحلة النشاط العلمي بعد مرحلة التقاعد.. وهو - كما عرفته - يحمل همّاً ورسالة لتقديم الجديد والمفيد؛ فتجده في كل مجلس أو محفل يسأل عن أي إصدار جديد ويتحقق من المعلومة، وبدأ التجوال في مواقع عدة في المملكة العربية السعودية أولاً، ثم بعض البلاد العربية وغيرها، ثانياً؛ وذلك للتنقيب في المكتبات العامة والخاصة. ورغم كبر سنه وقدره إلا أنك تجد فيه دماثة أخلاق وتواضعاً يزيده رفعة عند عارفيه ومحبيه؛ فهو من يبادرك بالسؤال ويتابعك الطلب والبحث عن المعلومة؛ فبات نموذجاً للباحث الطموح، وهي صفة يقصر عنها كثير من شباب اليوم.

أخيراً... إن كان هذا الرجل ترك آثاراً علمية تدخل في قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (علم ينتفع به)، فهنيئاً له ما تركه من أبناء أبرار، نماذج مباركة في مواقع مختلفة تخدم بلدها وأمتها ممن نحسبهم خلقاً وصلاحاً.. وهو ما يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (... أو ولد صالح يدعو له)؛ فوداعاً أبا عبدالعزيز، وإنا على فراقك لمحزونون.

* عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود - قسم الإعلام


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة