قلة هم أولئك الذين يحملون على عواتقهم هموم المجتمع بصبر ومثابرة وتحمل أستاذنا عاشق الهذال. فقد تصدى لإدارة فرع جمعية الثقافة والفنون في وقت لم يكن أي من أفراد المجتمع يدرك معنى الثقافة ويعي دورها أو يؤمن بأهمية الفنون إلا النزر اليسير ممن أتيحت لهم فرص الاتصال بالمجتمعات الأخرى الأكثر تقدماً فالتف حوله عدد محدود من مثقفي المنطقة وانطلق بنحت في الصخر ويتحمل التبعات التي كانت تترتب على ما يجازف بتقديمه من فعاليات وأنشطة فكان بين نار الإدارة المركزية الحذرة، وبين جحيم المجتمع المتيقظ؛ لمحاربة كل ما يخرج عن المألوف من منطلق الشك والريبة.

بدأت جمعية الثقافة والفنون بحائل في الوقت الذي كان فيه الحصار على الثقافة والمثقفين على أشده واتجهت الجهات المعنية بالثقافة أو التي كان من المفترض أن تكون معنية فيها إلى التنميط والأحادية تارة وإلى السلبية والركون تارة أخرى. وسط كل هذه الأجواء من المثبطات الثقافية والاجتماعية.

لم تكن الإعانة تكفي لسد احتياجات المقر في الوقت الذي لا يجرؤ أحد على أن يحلم بأي دعم مادي من القطاعات الأخرى كالرعاية والإعانة للأسباب نفسها التي سبقت الإشارة إليها فلا سبيل إلى الاستناد على أبسط الإمكانات الدفاعية أو خلق شيء من المحفزات. مع كل هذا بقي أستاذنا الهذال يحمل شمعة الثقافة الحقيقية ويحميها بين كفيه عن أن تنطفئ بفعل هذه الرياح العاتية التي تهب من كل اتجاه. ليس هذا وحسب بل إنه كان مع كل هذه الظروف يكتب ويؤلف في الوقت الذي يلجأ فيه الكثير ممن ساقتهم الأقدار إلى الانخراط بإدارة المؤسسات الثقافية إلى إعلان العجز عن الاستمرار في الإنتاج الثقافي لما يعانونه من انشغالهم بالمسؤولية فلك مني أبا عبدالسلام صادق المحبة والتقدير ووافر الدعاء بطول العمر وأن يمتعك الله بالصحة والعافية.