من النادر أن نجد قاصاً في هذا الوقت مهتم بشؤون البيئة والحفاظ عليها، بل أصبحت قصص البيئة من كلاسيكيات القرن السابق. إلا أن عمر الهذال لم يهدأ له ضجيج وكان من أبرز المساهمين، إذا لم يكن من مؤسسي كتابة القصة القصيرة تجاه البيئة.. ويتضح ذلك بتجل في نصوص الهذال عن حب الطبيعة خصوصاً عن مدى قوة الترابط بين حائل والمحافظة عليها، إلا أن هذا لم يكن مانعاً لأن يكتب الهذال القصص الرومانسية بلغة سردية أقرب ما تكون للحكائية.
قاد الهذال جمعية الثقافة والفنون بحائل، واستطاع أن يقف بها شامخة، بالرغم من محاولات المثبطين لها.. تمكن من ضم جميع الأطياف تحت قبة واحدة، وصعد بالثقافة الحائلية في مختلف المنابر.. بل إن الجمعية بعد ترجل فارسها أصبحت تتخبط بين استقالات وحروب صحافية أوصلتها إلى القاع بعدما كانت على سنام المجد في عصرها الذهبي بإدارة الهذال.
في سرد الهذال تشعر أنك تعيش مسارات الحدث، وكأنك البطل، لتغوص داخل أعماق الحبكة القصصية.. تحلق بك الجمل خارج النص، لتصل مرحلة اللاوعي، خصوصاً عندما تكون القصص بلغة وأحداث كتبت قبل 30 عاماً، تجد رائحة البداوة، وطعم الإخلاص، ولذة المعنى.. يبهرك بلغته البسيطة خصوصاً وأنه يستخدم مفردات متعارف عليها كما في قصصه في مجموعة (دلال الحمير).. يعترف الهذال بتواضع بأنه قدم ما لديه من أعمال أدبية، ولكنه لا يعلم أنه من أوائل كتاب القصة القصيرة في حائل.
الشيء المحير والمثير للدهشة هو غياب الهذال عن الساحات الثقافية، على الرغم من ما يمتلكه من رصيد كبير، ومخزون معرفي وثقافي.. قد تبدوا الأسباب واضحة، خصوصاً وأنه قال في أكثر من لقاء: أن بضاعة الأدب كسدت وأصبحت لا تثير أي اهتمام.. بقي أن نعلم أن رصد وإعادة إنتاج الهذال في مجلد واحد أصبح أمراً ملحاً جداً للتوثيق، وكعربون محبة من مثقفي الوطن تجاه قامة أدبية أفنت عمرها في مناجم الثقافة، وساحات الأدب.