Culture Magazine Monday  03/12/2007 G Issue 225
فضاءات
الأثنين 23 ,ذو القعدة 1428   العدد  225
 

هوامش على فاتورة (الكتاب الأخير)
فيصل أكرم

 

 

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا..}الآية

***

أحد الأصدقاء، من كبار السن والتجربة، ومن المتابعين (القلائل) لما أكتبه سواء في الدواوين الصادرة باسمي، أو هنا في الجزيرة الثقافية - مع أنه لا يمارس الكتابة، بل يهتم بالقراءة العميقة وحسب - التقيت به في مصادفة ظننتها عابرة فإذا بها تتشكل هاجساً يمتد من بدء التأمل والاحتمال حتى مكامن القناعة واليقين.

قدمت لهذا الصديق نسخة من كتابي الصادر حديثاً عن دار الفارابي ببيروت وعنوانه (سيف بن أعطى) فبمجرد أن طالع العنوان بادرني أسئلة أدركت منها أنني أجهل الكثير عن أسرار ما جنته يداي من كتابات وعناوين..

سالني: أوليس (سيف بن أعطى) هو عنوان قصيدة قديمة لك؟

أجبت: بلى، هي قصيدة نشرت في (الجزيرة) و (الشرق الأوسط) عام 1999م، ثم انضمت إلى ديواني الصادر عام 2002 عن نادي حائل الأدبي بعنوان (مقدمة الكتاب الأخير).

- أولم تصدر لك كتباً بعد (مقدمة الكتاب الأخير)، وقبل (سيف بن أعطى)؟؟

- بلى، صدرت لي خمسة كتب بعد ذاك وقبل هذا..

فقال كمن استوعب كل شيء: إذاً هذا هو (كتابك الأخير) الذي لن يكون لك كتاب بعده!

قاطعته متداركاً: لا يا رجل، لي ديوان اسمه (تاسع) لا أزال أحضر لإصداره..

فنظر إليَّ صاحبي وهو يسألني بإنسانية يندر وجودها في وقتنا الراهن: وكيف حال قدمك (اليسرى) التي كتبت عنها مقالاً وهي (في الجبس)؟ أراك تمشي عليها بمساندة العصا؟ بشرني كيف صارت؟!

- كان الجبس من الأخطاء التي ساهمت في تطوير الإصابة وتعميقها، وما كان سفري إلى (لبنان) إلا من أجل البحث عن العلاج المناسب، ومن ثم إصدار الكتاب..

سألني: كيف تطورت الإصابة وتعمقت؟ وطلب أن أشرح له..

قلت مختصراً: تجمعت حول الكسر ستة أورام، اثنان منها (متسرطن) تماماً، وأربعة صرت بسببها أتبع حمية كاملة عن الأكل، وألتزم أخذ العلاجات في وقتها حتى أحول دون تسرطنها هي الأخرى.. أو تأجيل ذلك ما استطعت (أقول لك ما حدث، مع أني أخفيته عن شقيقتي التي تهتم بأمري).

- ولماذا أخفيته عنها؟

- خوفاً من (عواطفها) التي قد تستعظم مسألة (التسرطن)!

- وهل أنت تستهين بها حين تكون حول كسر في العظم؟

- أنا غير مثقف طبياً، والطبيب نصحني بأن أبقى كما أنا ولا أحاول السؤال عن أمور (إن تبد لي تسؤني).

قال صاحبي: ليتك أصدرت ديواناً تاسعاً قبل هذا ال (سيف بن أعطى)!

- فهمت ما يدور بخيالك، وانتبهت الآن - وأنا أستمع إليك - أن في هذا الكتاب ما يدل على أن الرقم (تسعة) هو خاتمة كل تسلسل في حياتي، حتى أن الكتاب عبارة عن تسعة (مداخل إلى الفصل الأول).. وانتبهت الآن أنه الكتاب (التاسع) في تسلسل كتبي بالمجمل، ومن دون تقسيم بين شعر ونثر.. ومع هذا كله يتملكني شعور أنني سأصدر (تاسعاً) كما سأصدر الأجزاء المتبقية من (نصف الكتابة) الذي جاءت على غلافه عبارة (الجزء الأول).. فأنا لا أتسلى بالعناوين الفرعية أبداً..

- ما شاء الله تبارك الله، اللهم لا حسد، أنت تملك ثقة عظيمة بالنفس.

- إنما هي ثقة بالحياة التي لا تترك أشياءها ناقصة أبداً، كل شيء في الحياة لا بد أن يصل إلى أقصى مداه وطاقته، وأنا لم أصل إلى (أقصاي) في شيء من ذلك بعد!

- كلامك هذا يدل على أن عنوان كتابك السابق (مقدمة الكتاب الأخير) لا معنى له!

- هي قصيدة في ذلك الديوان، تحمل العنوان نفسه، فجعلت الديوان باسمها!

- أذكر تلك القصيدة، وأذكر أنني لم أجد فيها ما يبرر عنوانها هي أيضاً..

- قد يكون..

- لا تكابر يا فيصل، ويجب أن تكتب إلى المسؤولين بخطورة وضعك الآن..

- عن أية خطورة تتحدث؟

- (السرطان) ألا تعرف أنه مرض خطير ويتطلب الكثير..؟

- مع أنني من برج (الميزان) إلا أن طالعي (السرطان) وهذا الاسم لا يرعبني - فهو ليس معدياً- ثم إنني لم أعتد الاعتماد على (مسؤولين) في أمور تخصني وحدي..

- أنت تتهرب من الإجابة: لماذا وضعت قصيدة (سيف بن أعطى) في ديوان اسمه (مقدمة الكتاب الأخير)، ولماذا كتابك الأخير اسمه (سيف بن أعطى)؟ أجب بوضوح.

- بوضوح أم بصدق؟

- بصدق..

- بصدق: لا أدري!

- وهل ستطول صحبتك لهذه (العصا) التي تتعكز عليها، وأنت لم تزل في هيئة الشباب؟

- يتملكني شعور أيضاً، أنني سأجد قريباً من يقول لي (ارم عصاك واتبعني)!

- وماذا بعد؟

- {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (34) سورة لقمان

-الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة