تقدم قاعات العرض في المملكة خدمة كبيرة وتسهم في احتواء العروض العديدة في بعض المدن، بل وتقدم بعضها على نحو أفضل، ولعل ما تقوم به منذ عشرات الأعوام هو بديل لما يمكن أن تقوم به قاعات العرض الرسمية، ومن جانب آخر تسويق الأعمال الفنية.
وعندما نعود إلى بدايات العروض في المملكة سنلاحظ أن أبرز أماكن العرض هو المدارس أو المعاهد أو مقرات الأندية الرياضية، لكن هذا التوجُّه أخذ في التحول إلى شيء من التنظيم عندما بدأ في جدة ظهور بعض القاعات الفنية التي تبنت برامج تخصها متعاونة أحياناً في تقديم عروض بعض الجهات الحكومية ذات العلاقة، وقامت الرئاسة العامة لرعاية الشباب بتخصيص صالات - وهي محدودة - في بعض مقراتها وتم استغلالها بجانب ذلك كمراسم.
في الدمام كانت قاعة مكتب الرئاسة - ولم تزل - أكثر الأماكن تهيئةً للعرض، بسبب أن المنطقة بشكل عام تفتقد قاعات العرض التي تظهر وتختفي مثل قاعة إنماء، وبقيت أقدم هذه القاعات وهي (التراث العربي) تصارع، وإن حرصت الفنانة نبيلة البسام التي أسَّستها منذ العام 1979م في الخبر وطورتها قبل عامين لتكون أكثر تهيئة وإمكانية.
في المقابل في جدة هناك العديد من القاعات، بينها روشان والعالمية وأتيليه جدة والمركز السعودي وغيرها من القاعات التي لم تزل قائمة تسهم في تنظيم المعارض أو استضافتها وتسهم أيضاً في تسويق أعمال الفنانين والفنانات. ومع ما نسمعه من توقف أو إغلاق بعض القاعات في جدة على سبيل المثال فإن محدودية وجودها على نحو متكامل خلق شيئاً من الإرباك الذي قد يحدث لبعض العروض. والواقع أن ما ينظم عمل مثل تلك القاعات هو أن يكون برنامجها السنوي معلوماً لدى المهتمين والمتابعين، ومع أن هذا ما قد تعلنه بعضها أو قلة منها وحسب الظروف فإن القصيم مثلاً أو المنطقة الشرقية أو أبها أو المدينة المنورة وغيرها قد لا تجد المعارض فيها ذلك الإقبال المتوقع، وقد سعى بعض الفنانين أو لجأ إلى اقتراح العرض في أسواق تجارية، وهو ما كانت تقوم به بعض الجهات التي تنظم معارض مشتركة أو فردية، لكن هذه الأماكن لم تكن في معظم الأحوال مهيأة بشكل جيد لذلك، ولعل تجارب إقامة معارض في الخبر أو جدة أو الرياض لم تخدم العرض بقدر ظهوره باحثاً عن جمهور، والحقيقة الفن ليس بحاجة إلى أن يذهب إلى أحد. محبو الفن هم من يبحثون عنه ويتتبعون أخباره، ولكن في المقابل لا بد من تسهيل وتيسير وتعريف المهتمين بذلك.
من المهام الكبيرة التي ينتظرها الفنانون من قاعات العرض تسويق أعمالهم والاتصال بالمهتمين، لكن بعض الفنانين في المقابل قد يبالغون في أسعارها، وقد يُطلب من بعضهم شيء من التخفيض، وقد يكون السعر ردة فعل تبعد المقتني عن فكرة الشراء، كما أن بعض القاعات - في الواقع - لا يعنيها أكثر من أن تأخذ إيجاراً من الفنان العارض سواء تم البيع أم لم يتم، أما أن يكون المعرض قد حظي بزوار فهذا لا يعنيها، وهذا يوجب أن يفكر الفنان في طريقة يتعامل بها مع إدارة القاعة.
بعض القاعات، وهو ما لاحظته في مدينة الرياض، يعرض أعمالاً فنية لسعوديين وتكون الغالبة فيها، في حين المبيعات من الأعمال تذهب إلى جنسيات أخرى، وأعتقد أن القيمة المادية قد تكون سبباً في ذلك. بعض قاعات العرض في جدة أغلقت والسبب - أعتقد - عدم الربح وربما الخسارة، ومع أن بعض القاعات كانت تقدم فناناً واحداً، هو صاحب القاعة، إلا أن المستوى الفني والحرص على مستوى معين يضع القاعة في مكانة ومستوى لا يتغير كثيراً عند المتابعين والمقتنين. أرى أن رجال الأعمال والاتصال بهم ينتابه شيء من الصعوبة؛ فاستجاباتهم محدودة في أكثر المناطق.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244