حتى نكسب الرهان!؟
د. زاهر عثمان
|
حين سرت في الردهات الثقافية قبل أكثر من عامين بقليل إشاعة مفعمة بالأمل عن اعتزام جريدة الجزيرة إصدار مجلة ثقافية، كانت ردة فعل مفعمة بالخوف والحذر. الخوف من ألا تحتمل تلك المجلة صعوبة الأجواء فتركن إلى الغياب بعد حضور قد لا يطول، والحذر من ألا تكون المجلة بالمستوى الذي يشبع تطلعات المنتمين إلى الثقافة والأدب، وكان الرهان السائد على أنها لن تكون.. وإن كانت فلن تدوم.. وإن دامت فلن تكون بمستوى الآمال المنتظرة.
مائة عدد أينعت من تلك المجلة التي أصبحت موعدا أسبوعيا مشوبا بجميل الانتظار. واستطاعت المجلة الثقافية أن تستقطب اهتمام الدائرين في فلك الأدب لتكون الملتقى الأكثر حضورا وثقة. وأعادت إلى الأذهان مرحلة من زمان ظننا أنها لن تعود؛ وحملت إلى تحت الشمس الكثير من الأصوات التي حسبناها خبت، والبراعم التي ظننا أنها لن تزهر، واستوعبت بشكل جيد محطات الأدب المختلفة، وتعدتها إلى العناية بجوانب من الثقافة أخرى كالفن التشكيلي.
ما تزال مسيرة المجلة طويلة وخلفها كل من سعد بها، وأحسب أن مما يعينها على البقاء أقدر وأنقى أن نفي لها بما علينا من مشاركة فاعلة، ورأي ناصح، ولعل غياب مثل ذلك كان عاملا أدى إلى أن المجلة عانت في بعض أعدادها من تفاوت في المستوى أظهرها أقل بكثير مما تستطيع ويفترض، وجاءت المشاركات أحيانا بمستوى أقل وغلب داء المجاملة لأسماء معروفة قدمت أقل مما يشع به ماضيها، واستحوذت مقالات ولى زمن مثلها. إلا أنها كانت تعود إلى مسارها بين كل كبوة وكبوة، وكان ذلك ما أعاد إلى البعض الخوف من ذلك الرهان المقيت على بقاء المجلة.
ظهرت المجلة الثقافية لتبقى، ذلك سطر يجب أن نعيه ونعين على تحقيقه. وعلى المجلة أيضا أن تعمل على ذلك. وأحسب أن من أوليات التطوير أن ترقى المجلة لتتحدث بلغة العصر التي لا يمكن نكرانها، وسيعين ذلك على أن تظهر المجلة بشكل أكثر مجاراة للواقع الأدبي والثقافي بل وعاملا على رفعته والتعريف به، لقد أصبح من الضروري أن يتجاوز صدور المجلة على شبكة الإنترنت مجرد توفيرها بشكل مختلف إلى أن تكون المجلة تفاعلية تسمح بالتداخل مع ما ينشر فيها من موضوعات، وتكون منفذا لعبور موضوعات أخرى من أجيال شتى. وسيكون ذلك بالطبع عبئا أكبر على هيئة تحرير المجلة لضمان أن تكون دائما بالمستوى المتوقع، وقد يكون من سبل التطوير أيضا أن يكون للمجلة منتدى باسمها على الإنترنت يقدم نموذجا لما يجب أن تكون عليه المنتديات الأدبية والثقافية.
ظهرت المجلة الثقافية لتبقى.. وستبقى، وسيكون على كل من يحرص على ذلك أن يكون إحدى وسائل بقائها، بالمشاركة كتابة أو رأيا، وبالرهان على ذلك البقاء.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
