الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

في مئوية الثقافية
د. محمد ربيع الغامدي
اعتدنا في ثقافتنا المحلية السائدة على تدبيج المدائح في المناسبات الاحتفائية في أي حدث، حتى إن كان ذلك الحدث (محطة) ما في مسيرة مطبوعة تعنى بالنهوض بالثقافة وتعمل على تجاوز العادات الثقافية السلبية. وتغدو المدائح المجانية في هذه الحال تتنافى كلياً مع ما يُنتظر من (الثقافية) أن تسهم في تكريسه. وأعتقد أن الثقافية وهي تقف عند العدد (100) لا تنتظر من قرائها أكثر من تقويم موضوعي، يلفت نظرها إلى ما رافق مسيرتها من نقاط ضعف يمكن تلافيها ويشير إلى نقاط القوة التي يمكن تعزيزها. وأظن أيضاً أن من واجب القراء الحريصين على تعزيز المسيرة في هذه الحال أن يعبروا عمّا يجيش في صدورهم بصدق، وإن كان الصدق في أحيان مؤلماً. لكن لا مفر من معاناة الألم عند الضغط على الجرح، ولا يمكن تجنبه إلا بالضغط في مواضع أخرى بعيدة عنه.
لعل من أكثر ما يتداول عن الثقافية، ويحتاج الإخوة القائمون عليها إلى معرفته، غياب الأسماء الفاعلة في الساحة الثقافية المحلية والعربية عن صفحاتها. ولهذا تغيب عنها مقالات ثقافية ونقدية جادة هي بحاجة إليها، بوصفها مطبوعة أسبوعية متخصصة ينتظر منها أن تعكس مع مثيلاتها من الملاحق المتخصصة الأخرى قضايا اللغة والأدب والنقد والاجتماع الجادة وتشتمل على مواد تضيف إلى معارف قرائها. في حين يحضر كثير من هذه الأسماء ومقالاتهم الجادة على صفحات ملاحق ثقافية محلية أخرى. ولا أظن القائمين على الثقافية يقنعهم أن تكون في صفحاتها المتعددة الأسبوعية أشبه بالصفحة اليومية ممتدة على عدة صفحات.
ومن بين ما يمكن عرضه من الجوانب التي تحتاج إلى التأمل وإعادة النظر ما يظهر بين حين وآخر على صفحات الثقافية مما يمكن تسميته ب (الشخصنة)، وتجاوز القدر المعقول من الاحتفاء بمن يستحقون الاحتفاء بهم، ويخشى المرء من أن تصل الأمور أحياناً إلى مدائح مجانية ليس لها قيمة كبيرة. وعلى الضفة الأخرى قد نؤاخذها أحياناً وليس دائماً على مناقشة الأشخاص على حساب مناقشة الأفكار، وبعبارة أخرى: مناقشة ما هو صحيح بطريقة خاطئة. وإن التركيز على الأشخاص دون الأفكار لا يكون في العادة طابعاً مميزاً إلا لصحف الإثارة وليس من طبيعة الملاحق الثقافية الجادة الرصينة.
لكنني وإن بدأت بالحديث في السطور السابقة عن بعض الجوانب السلبية حرصاً على تطبيق مبدأ (صديقك من صدَقك لا من صدَّقك)، وليكون (العتب على قدر المحبة) لا بد في المقابل أن أحمد لها جوانب إيجابية لا يجوز إغفالها في هذا المقام إنصافًا لها، وهي كثيرة. لعل من أهم هذه الجوانب ما عُرفت به المجلة من حيادية وعدم انحياز لطيف ثقافي ضد آخر. وهذه مسألة لا بد من التنويه بها وتعزيزها؛ إذ لا تكاد المطبوعات الثقافية كلّها تسلم من داء الانحياز.
ومما يُحمد للثقافية في هذا السياق أنها قامت في خلال مسيرتها السابقة ببعض التحقيقات الصحفية هدفت بها إلى الإسهام في إبراز أهم مشكلات المشهد الثقافي المحلي، منها التحقيقات التي أجراها الشاب النشط سعيد الدحية عن الأندية الأدبية في المملكة. وأعتقد أن تلك التحقيقات الصحفية الساخنة وإن لم تخل من الهجائيات الشخصية قد حركت سواكن بعض أنديتنا، وجعلتها تنحو نحو مراجعة ما كان سائداً فيها. والمجلة بذلك تسهم في تفعيل المشهد الثقافي والتفاعل معه بلاشك.
أخيراً فإن القراء يلمسون بوضوح حرص الثقافية على تطوير ذاتها، ويدركون أن لديها من الكوادر الشابة ما يجعلها تحلم بطموحات واسعة. نرجو لها وهي تعبر حاجز المائة في خطوات الألف ميل أن تصل إلى ما تطمح إليه.
الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved