الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

«الثقافية».. بين الآن وطموحات الغد
عواض شاهر*
المقال قصير ومختصر، والطرح الأدبي يقول ما لديه بكلمات محدودة، ويتحاشى الإطالة. أما الأخبار الصحفية، والتعليقات، وإبداء الملاحظات في شأن من شئون الأدب، أو حول قضية من قضاياه، فتتم بسطور قليلة ومختزلة.
هذه هي تقريباً وطأة المجلة الثقافية بشكل عام. كأنها منذ بدئها تنبهت إلى أن وقتنا الراهن لم يعد عند معظمنا وقت قراءة متقصية تستهويها التفاصيل، وتلذ لها الكتابات الطويلة المعمقة.
باختصار، هذا هو قدر القارئ المهتم والمشغول في نفس الوقت. قارئ لا يريد أن يقطع علاقته بالأدب، بل يريد أن يقرأ صحافته، ويتابع كتابه، ويطلع على آخر مستجداته، لكنه مشغول بعمله، وعائلته، وصحته، والتزاماته الأخرى.
عليه، ماذا يمكن أن تقدم المجلة الثقافية أكثر مما تقدم لهذا القارئ؟
باختصار أشد، أظن أني أحد هؤلاء القراء. والمجلة الثقافية في هذه الحالة تخدمني بشكل جيد، إذ تعطيني مساحة من الاحترام لوقتي، وتمنحني فيه بانوراما ثقافية وأدبية مختصرة تهمني. فمثلاً، أنا اقرأ (أعراف)، و (جسر التنهدات)، وكتابات أخرى مختلفة، كأن أذهب إلى (تكوين) الناقد محمد الدبيسي، وما يطرحه على عجل الروائي عبدالحفيظ الشمري، وأحياناً أمر بما يكتب عن نادي السرد. وهكذا.. لكن، هل المطلوب أن تكتفي الثقافية بهذا القدر من الاتصال بالقارئ رغم معرفتها المسبقة بأنه مشغول بالفعل؟
لا، طبعاً، ولا أظنها سترضى بهذا النوع من التواصل الأدبي، حتى وإن اظهرت سعادتها بالمتحقق حتى الآن. فالطموح مشكلة مفضلة عند البعض، لكنه مشكلة لابد منها ليصل إلى هدفه الجاد، صاحب الرؤية الواعية المصوبة نحو المستقبل. إذا كانت المجلة ستمشي على هذا الخط، فيمكنها أن تحتفظ بقارئ من النوع السابق، لكنه لن يتوقع منها الأفضل لأنه بالخبرة وبالمتابعة عرف ماذا تريد أن تقدم غدا. أشياء خفيفة وسريعة، وهذا جيد، لكنه يُنسى بسرعة.
إذاً، كيف تزيد المجلة من مساحة الذاكرة عند القارئ؟ لا أدري في الواقع، فأنا لست بصحفي، ولم يسبق لي العمل في مجلة ثقافية، لكني أتصور بأن الحلول المناسبة ليست بعيدة بل قريبة ويمكن الإمساك بها. مثلاً، في طرح البوهيمية حدثت ردود أفعال عديدة، ما يعني أن الطرح أبقى جذوة الموضوع متوهجة لأكثر من اسبوعين، وهذا هو بالضبط ما يفترض أن يكون في المواضيع الأهم. لست مع مسألة البوهيمية، وليست قضيتي، لكني استفدت منها في كيف يمكن بطرق أفضل، وأعمق أن نطيل أمد الطرح؟
إننا نفتقر إلى السجالية، ولعل أحد أسباب غيابها في مجتمعنا أننا لم نتأسس معرفياً وفكرياً على أدبياتها. عندنا قدرة على الصمت تفوق قدرتنا على نقضه في أحايين كثيرة، رغم أن بعضنا يستطيع زعزعته وتفتيته.
القصة تميزت بغيابها، إذ أن جل ما ينشر، بسيط، وبعضه يقترب من الخاطرة، فأين جهد الشباب في المجلة تجاه القصة، وخصوصاً القصة الحديثة بتقنياتها المتطورة، وتجريبيتها، وتعدديتها؟
النقد ليس له صوت، رغم أن عدد النقاد من محليين وعرب يسد عين الشمس!
أقترح تخصيص ميزانية مالية خاصة باستكتاب، واستضافة كتاب، ومفكرين، وشعراء، ونقاد، وغيرهم وبمبالغ مجزية، لنقل المجلة الثقافية من موقعها الحالي إلى موقع أدبي، ابداعي، فكري، متقدم ليس يهتم فقط بالشأن المحلي، وانما بالشأن الثقافي في أي مكان من العالم. فإذا كان الأدب وحده هو الذي يصنع الأدب، فإنه بالمال، والإعلام يروج ويشيع وهذا هو المطلوب حاليا.


* قاص وروائي

الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved