الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

(الثقافية). تفرد ونأيٌ عن ملاحق الثمانينيات
عبدالعزيز محمد قاسم *
تتجه بوصلة السطور عادة، في مناسبة كمثل التي نتحدث فيها، إلى رؤية احتفالية أكثر منها رؤية نقدية تخضع للمشرط العلمي الموضوعي، والتي ولا شك يرومها الزميلان العزيزيان إبراهيم التركي ومحمد الدبيسي. بيد أنني أعتذر منهما بأنني لن أكون استثناء في الانعتاق من هذه السيرورة المناسباتية في الوقت ذاته الذي أقدم فيه اقتراحات للمرحلة الجديدة للعزيزة (الثقافية).
ها نحن أولاء نحتفل، جمع المهتمين بالشأن الثقافي المحلي، بالملحق الثقافي المتميز، الذي ولد كبيراً وجميلاً وظل محافظا على خطه التصاعدي عددا بعد عدد.
وقبل أن أدلوا بلدوي حيال الملحق، أود أن أبسط رؤيتي حيال الصحافة الثقافية في هذه المرحلة التي نمر بها، والتي قد لا يتفق معي فيها كثير من الأدباء وبعض المثقفين. ذلكم بأننا نعيش حراكا على مستوى الوطن، شمل كل الصعد وخصوصا السياسي منها والاجتماعي والفكري. وقد فتحت الابواب بشكل كبير للمشاركة الشعبية، ونحن نعيش ونشهد مخاضات هذا التحول. انسحب كل ذلك في رأيي على الحراك الثقافي، وتفاعل في اتجاهات جديدة، وارتاد آفاقا لم نكن إلى قبل 5 سنوات مثلا نستطيع الاقتراب منها فضلا عن الحديث والخوض فيها. وانعكس هذا التحول في اهتمام المجتمع ونخبه إلى مجالات كانت الصحافة الثقافية والصالونات الخاصة، وحتى الأندية الأدبية تضعها في صدارة اهتماماتها، فباتت شاحبة عديمة الوهج والإغراء وعزف عنها الكثيرون. وانصرف المثقفون والمهتمون بالشأن العام والمجتمع بكامله إلى الاهتمام والانخراط في هذا الحراك الثقافي الجديد عن أية أمسية شعرية أو ندوة أدبية صرفة، مادة هذه الملاحق والصفحات الثقافية. فيما بات الحديث عن مطالبات الإصلاح والإصلاحيين مثلا، أو الحديث عن الانتخابات وثقافتها أو المطالبة بمؤسسات وآليات المجتمع المدني أكثر جذبا للمتلقي والمثقف والمجتمع عموماً، بل حتى تلك المناظرات الحية السياسية والفكرية في القنوات الفضائية صارت حديث الناس ومدار اهتمامهم.
وإذا لم تتجه الملاحق الثقافية إلى مواكبة هذا الحراك بشكل مكثف، وتدخل في صلب اهتمام المجتمع وشرائحه، وتخفف من الاهتمام بشاعر مغرق في الذاتية والخيال والطوباوية ومناجاة الحبيبة والوقوف على الأطلال، فستجد نفسها إزاء قراء يعدون على أصابع اليد، وخصوصا ونحن في أتون تدافع فكري وتفاعلات كبيرة وتثاقف فكري واجتماعي ومذهبي هائل.
أعود بعد هذه الرؤية الخاصة إلى الملحق العزيز، لأسجل بأن أهم ميزة أود إثباتها هنا بشأنه، أنه خرج عن إطار ملاحق الثمانينيات الشهيرة. تلك الملاحق الثقافية التي انحازت بطريقة فجة وغير مهنية إلى رؤى مشرفيها الحداثية، وانعكست معاركها إلى تأزمات إيديولوجية انتهت بانحسار مأساوي لتيار الحداثة. أزعم أن (الثقافية) نأت بنفسها عن الوقوع في هذا المنزلق الذي لا تزال بعض الملاحق الثقافية سادرة فيه.
ثمة توازن لافت في العزيزة (الثقافية) بالانفتاح على كل التيارات الأدبية والفكرية دون أية مصادرة. ولا بد لأي راصد أن يثبت هذا للإخوة المشرفين وأن يشيد بهذا التوجه المهني الموضوعي.
ومرغما ساعترف بأن الإخراج الفني البديع، والورق الراقي الذي يطبع به الملحق يجعلاني أتململ وأشعر بكثير من الغيرة، وأنا في صحيفة منافسة بها ملاحقها، بأنها ميزة أخرى مهمة جعلت من (الثقافية) ملحقا لا يضاهى على مستوى صحف المملكة كلها.
ملحق (الثقافية) إنجاز مهني ولا شك، يجبرني إجبارا على متابعته والحرص على اقتنائه، غير أنه برأيي يحتاج إلى شيء من الإثارة الصحافية المتزنة، والتي حاول أن يمتثلها للأمانة الموضوعية في بعض أعداده، بيد أنها كانت ضعيفة. أود التذكير هنا بما فعله ملحق (الأربعاء) في أزمنة الأستاذ الجنتل، ابن جدة البار، محمد صادق دياب كشاهد على تلك المعارك الحية التي أفاد منها التاريخ الأدبي المحلي. ليت (الثقافية) تقوم بشيء من ذلك في مرحلتها المقبلة سيما وهي مؤهلة بكوادرها وإمكاناتها وسمعتها.
وأختتم بدعوتها، وكل الملاحق والصفحات الثقافية إلى مواكبة ذلك الحراك الذي تحدثت عنه، وأن تكون محاضن ومنابر للحوار الثقافي الجاد وراعية للسجالات الفكرية الراقية التي يسودها احترام الإنسان والآراء المتعددة مهما اشتطت كي تساهم بدورها الخليق في رسم ملامح لمشهد ثقافي حرّ منتج ومبدع.


* مدير تحرير القسم الثقافي والإسلامي بصحيفة (المدينة)

الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved