الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

المجلة الثقافية في عيدها المئة..
أمل زاهد
شعرت عندما طلب مني أن اكتب عن المجلة الثقافية في عيدها المئة أني وضعت في مأزق، فكيف تكتب عن بيتك الذي تسكن احد جوانبه دون ان تسقط في فخ الاتهام بالتحيز له والتعصب لما يحتويه والمبالغة في تصوير محاسنه وتعديد مناقبه وتوصيف منجزاته؟! ومن دون ان تقع في شباك جلد الذات ومحاولة تضخيم العيوب ومحاكمة النقائص حتى تنفي عن نفسك تلك التهم من زاوية أخرى؟! وكيف تستطيع ان تنظر نظرة محايدة موضوعية نقدية لأمر تلتصق به فيكاد يحجب عنك هذا الالتصاق وضوح الرؤية وجلاء البصيرة؟! وكيف تتمكن من الخروج من اسر الانتماء والحب لمكان احتواك بكل الحفاوة والتقدير؟! بل كيف تخرج من إطار الصورة حتى تتمكن من رؤية خطوطها ومعالمها وتقاسيمها؟!
وحتى أقفز فوق فوهة هذه الهوة دون الوقوع في شركها، قررت أن أكتب عن تجربتي مع الثقافية التي قدمت اليها على تهيب ووجل ينتاب كل كاتب وكاتبة حين يدلف الى مطبوعة جديدة لم يألف قراؤها بعد ولم يعتد بعد قراءة الجديد على اسلوبه في التعاطي مع الأمور وفي طرح أفكاره وعرض رؤاه، وخاصة ان بداية كتابتي في الثقافية شهدت ولادة اسمي كاملا والذي نشرت اول مقال لي فيها مذيلاً به، وذلك بعد ان كتبت لفترة ليست بالقصيرة في مطبوعة أخرى باسمي مرفق مع اسم والدي فقط. كان لكتابتي باسمي كاملا دور اكبر في احساسي بالمسؤولية نحو الكلمة التي تذيل به، وخفت ان يفقدني ذلك قدرتي على طرق مواضيع تدخل في نطاق المحظور والمسكوت عنه خاصة اذا وضعنا في حسباننا التحسس الذي تعاني منه المرأة إذا ما تورطت في عملية الكتابة والتي اعتدت طرقها في كتاباتي ولكن تشجيع الثقافية لي ودعمها لقلمي وحرصها على ان تجعلني اتخطى حاجز الرقيب العقلي الموجود غالبا في اعماق كل كاتب، ساهم في دحض ذلك الخوف ودحره تماما، ولا اذكر ابدا خلال مدة عملي معها ان تعرضت اي من مقالاتي للقصقصة او الحذف. صوت ما في اعماقي هتف قائلاً ان كوني نفسك وافتحي ابواب عقلك وقلبك على مصراعيها لقرائك معبرة عما يعتمل داخلك دون خوف او وجل، وحاولي لمس آلامهم والتعبير عما يؤرقهم والافصاح عن خوالج نفوسهم.. وألح هذا الهاجس يطالبني دائما بالمزيد من الصدق ويتأجج داخلي رغبة في الاتقان ورهبة من الوقوع في شباك الابتعاد عن هموم وشجون المتلقي، فإن نجحت واجدت في ذلك فالفضل يرجع لله سبحانه وتعالى وان اخفقت وفشلت فإن القصور من نفسي.
ولا أملك إلا الامتنان لجدران الثقافية التي احاطت بي والتفت حولي مشجعة ومطمئنة واشعرتني اني في بيتي من أول اطلالة لي على القراء عبر صفحاتها، واغدق علي القراء الكرام من رحابة صدورهم وتفهمهم وتفاعلهم مع ما اعرضه من رؤى وأفكار فإن كان اعجابا حملني المزيد من المسؤولية، وان كان اعتراضا او نقدا دفعني الى محاولة ايضاح وجهة نظري وتفهم وجهة نظر من يخالفني. وتوسعت دائرة قراءتي لاكتشفت أنها وصلت الى الخليج العربي الذي يتابع الحراك الثقافي السعودي عبر المجلة الثقافية، رغم ان الشرطة الموجودة في عنواني الالكتروني سببت على ما يبدو للاخوة الكرام المسؤولين عن التحرير في الثقافية اشكالا، فيعضونها تارة تحت كما يفرض ان تكون واخرى فوق ومرات تزعجهم فيقررون ازالتها بالكامل ووضع العنوان مجردا منها، مما يمنع رسائل القراء من الوصول الى صندوق بريدي المتشوق ابدا لكلماتهم وآرائهم واقتراحاتهم واعتراضاتهم.
اعتادت الثقافية الاحتفاء ما بين الفينة والأخرى بأحد أعلام مثقفينا، فتحاول ان تسلط الضوء على حصاده الفكري وانتاجه الثقافي، فترصد ما قدمه للمشهد الثقافي محاولة ايفاء كل ذي حق حقه، فتأطر صورته وتوضح ما أبهم من خطوطها وتموضعه في المكان الذي يستحقه عطاؤه وانتاجه. وقد شرفتني الثقافية حين طلبت مني ان اخوض تجربة محاولة قراءة مشروع الاستاذ عبدالله عبدالجبار الفكري الذي كنت قد سمعت عنه شذرات من هنا وفقرات من هناك، حتى قرأت المحاضرات التي ألقاها في الجامعة العربية عام 1959م لادرك ان قلمي لا بد ان يقف خجولا مترددا أمام قامة هذا المثقف التنويري بامتياز والليبرالي المنفتح على الجديد من الرؤى والحديث من الافكار. واذا بي التهم محاضراته تلك شاكرة للثقافية ان منحتني فرصة الاطلاع على فكره ومشروعه ورؤاه، فحاولت ان انقل قراءتي ورؤيتي للقراء الاعزاء.
كما عودت الثقافية قراءها ان ترصد الحراك المتأجج على الساحة الثقافية، فإني اتمنى عليها ايضا ان تمنح الأقلام الشابة فرصا اكبر للتألق على صفحاتها، ويا حبذا لو قامت بإجراء مسابقة للقصة القصيرة والشعر والمقالة الأدبية حتى يتسنى للموهبين والمتميزين الافصاح عما اختبأ من أقلامهم والبروز الى المشهد الثقافي مشاركين ومتفاعلين.. وفي عيدها المئة لا يسعني إلا ان أضيء شمعة متمنية لها تألقا لا ينطفئ وبريقا لا يخفت وهجه.


amal_zahid@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved