الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

مئة عدد من المجاهرة بالبوهيمية الثقافية
عبد الله بن عبد الرحمن الزيد
(عبد الحفيظ الشمري) ما غيره صاحب (جرف الخفايا) وعناوينها اللذيذة شخص بوهيمي وتتمثل بوهيميته (في حدتها وخطورتها) في أنه لا يتذكر معارفه الحلوين وأصدقاءه النشامى الا عندما يجد نفسه في ضائقة ثقافية تتعلق بمادته الصحفية التي ينبغي ان يوفرها ويحضرها حتى يتسنى له أن يتسلم مكافأته (المجزية) آخر الشهر، في حين يبقى فيه المصدر الأصلي للمادة يعاني من جفاف حلقه وحبره وأصابعه ولا يحصل على شيء.. برغم التلويح واللمز والتسويف في الاستجابة.
وبوهيمية (عبد الحفيظ) تختلف في طبيعتها وآليتها عن بوهيمية الأستاذ (ابراهيم التركي) المسؤول عن الشأن الثقافي في جريدتنا (الجزيرة) ، ففي الوقت الذي تعتمد فيه بوهيمية (الشمري) على المخاتلة وتحقيق المصلحة التي لا تخفى على كل ذي هم كتابي، تعتمد بوهيمية (التركي) على الاعراض التام والصمت وعدم الاتصال مهما كلفه ذلك.. والدليل على ذلك أنه أي التركي كان على موعد مني لتزويده بأحد النصوص المغرية، فحالت بعض الانشغالات دون تحقيق ذلك في وقته، ومع ذلك لم يحرك ساكناً ثابتاً ولا متحولاً ولا حاسوبياً .. حتى بادرت بايصال النص!!
وأنا هنا أصر على تفسير تعامل الاثنين بأنه (بوهيمي) لأن تلك رؤيتي واعتقادي، ثم إن التعليل والتفسير البوهيمي لا يخضع للمنطق ولا للمعقول وإنما هو جملة من الخطرات والهواجس تخضع ل (كيف) الشخص وهواه ومزاجه.
أسرع هنا وأصرّ كذلك على أنه لا بد ولا مفر من تسجيل ما سبق مقدمة، ومدخلاً للحديث عن مناسبة بلوغ (الثقافية) عددها المائة..، لأن ذلك سيقودنا بشكل تلقائي سهل إلى تفسير وتعليل المستوى المتذبذب للمجلة الثقافية، فمن المؤكد ومن المتفق عليه ان مستوى الأعمال والمضامين والتناولات والكتابات ليست في درجة واحدة من التفوق والعبقرية والاقناع، والسبب في ذلك كما أعتقد هو هذا التعامل البوهيمي من قبل السيد الأستاذ المشرف على المجلة (إبراهيم التركي) ، والروائي المحرر الأدبي الأستاذ (عبد الحفيظ الشمري) ومن معهم من العاملين في هذا السياق، فالذي أعرفه وأدركه تماماً وأعيه أن الوصول بأي إصدار ثقافي إلى مستوى (النخبة) ولابد من ذلك يتطلب أسلوباً آخر مختلفاً جداً . يعتمد على (الجدية) ، والحرص، والمتابعة، والتذكير، والسؤال المستمر، والتدليل الفكري والثقافي والتربيت على كتف القيم المعنوية والابداعية لدى الفنان بعامة والأديب بخاصة.
الاشكالية هنا ان أسلوب (الشمري) الذي يذكرك بالحاجة العارضة والاستلاف الذي لا يقبل التأجيل، الذي يحيلك إلى جو مرتجل تسوده لغة (الفزعات) وطلب النجدة و (الانقاذ) هذا الاسلوب يجعلك تتساءل دائماً عن (التنظيم) و (الترتيب) والاعداد الصحيح والتنسيق بين مختلف الشخصيات والفاعليات الثقافية، المسألة تحتوي وتشتمل على فكر وثقافة وتحليل واضافة.
ومن أجل أن أُدني الاشكالية من الوضوح التام، ومن الفهم والاستيعاب، آمل السماح لي بأن استعيد انموذجاً اعلامياً وتحديداً من المجال الاذاعي الذي عملت فيه سنين وعانيت الأمرين من غياب عامل الاستعداد والتحضير المبكر وهو أمر لا مجال ولا سبب للتستر عليه، ذلك هو اعداد تحضير البرامج مع بدايات الدورات الاذاعية، إذ كان ذلك يتوقف على اعلان توزيع البرامج على المذيعين والمعدين والمخرجين قبل بداية الدورة بفترة وجيزة غير كافية، ولنا أن نتخيل أن تبدأ مواعيد البث الفعلي لتلك البرامج وسط جو مليء باللهاث والارتجال والسرعة والتأخير، ولذلك ما إن تبدأ الدورة حتى تتساقط الالتزامات ويتوقف الانتاج ويختفي أغلب البرامج..!
أما أسلوب (التركي) فهو يجعلك تقف وجهاً لوجه أمام نوع من (الكيد الثقافي) يشتمل على شيء غير قليل من (تربية الالتزام) الكتابي لدى الكتاب والمثقفين بمعنى: أن الذي لا يبادر لا نسأل عنه، الذي لا يجهز زاويته في موعدها هو (الخسران) ، الذي لا يسجل حضوره المتوالي لا يمكن لأحد أن ينوب عنه في ذلك.. واشكالية هذا الاسلوب تتمثل في أنه أسلوب غير احترافي وغير مهني.. وتبعاً لذلك خضعت المجلة الثقافية لمتوفر (العرض) أياً كان مستواه وليس لنخبوية (الطلب) الذي يمتاز بالتفرد والاختيار والتنظيم والاعداد المرتب والحديث من بعد ذلك لا يتحدد، ولا يتعلق بتحليل البوهيمية الثقافية، والأدبية والتحريرية لدى كل من (إبراهيم التركي) و (عبد الحفيظ) ومن معهما ولكنها تعني بالضبط والتحديد المستوى الثقافي والأدبي النخبوي في ملحق يعنينا معاً دون استثناء، فالأديب يتوق إلى ما يرضي عبقريته الابداعية ويشحذ لديه دوافع الاسهام والمشاركة بشكل مبهج، والمتلقي يسعى خلف الأعمال والمنجزات الفكرية والثقافية التي ترتقي بعقله وذاته ووجدانه إلى ما مستويات الاضافة والتجلي واحترام إنسانيته وتكوينه.
وبرغم هذا التلويح والتصريح ببوهيمية الاستاذين، وبرغم ما قد يؤخذ على ما سبق من التحامل لا يمكن بحال أن أتجاهل انهما من الأسماء الفاعلة في ساحتنا الثقافية ويحملان كثيراً كثيراً من النبل والنقاء وفروسية العطاء..
ولا يفوتني في ختام هذه المشاركة أن أتمنى لمجلتنا الثقافية مزيداً من الأعداد والحضور والفاعلية والتطور والارتقاء باتجاه العبقرية، والنخبوية.
الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved