الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

أشواط التناهيد.. كلها بداية
محمد الفوز *
طوال مئة عدد وأقل كدت أخشى على (الجزيرة الثقافية) مآلا معقدا يفضي إلى التيه بالمعنى النقدي الذي طرحه الدكتور عبدالعزيز عرفة إزاء نظرية الأدب العربي، ومدى تجاوزه للمفهومات الإبداعية الغربية.. والتجاوز الذي أعنيه هو خروج الدلالات العميقة من حدود إطار اللوحة مع بقائها في هيئة جمالية معروفة.. بهذه الرؤية أتلقى الملحق الثقافي الذي يصدر كل اثنين وهو يتحمل أعباء الإصدارات الثقافية الأخرى التي تتقاسم جميع الفعاليات والأنشطة المحلية الجادة والتقليدية في طرحها، سواء بالملاحق الثقافية أو بزوايا الكُتّاب أو في المطبوعات الثقافية الأخرى، التي تتنوع في عرضها، وهي عموما ذات انهمام واتجاه واحد لا يقدم سياقا معرفيا أو ثقافيا أو نصيا أو ما إلى ذلك بحيث أصابنا قلق مزمن وتساؤلات عصية عن الغد الثقافي الذي يحفر موته وقوفا في مقعد ضيق لا يتسع لطابور ثقافي مؤجل قد ينفجر وقد يتحول إلى غبار. إن الخوض في الممارسة الثقافية هو تجريب غامض؛ لأنه اشتغال على المصير أكثر منه تنجيز لنصوص إبداعية ذات وهج وجداني وتيار عاطفي مباغت؛ وهذا ما يجعل تقييم تجربة (الجزيرة الثقافية) أشبه بالتورط في دائرة مغلقة، وافتضاح زواياها مضن:
الذي نسميه اختلافا هو لباس العتمة
أي مطبوعة تعنى بالهواجس الثقافية وتكابر من أجل أطروحة فكرية أو فلسفية أو أدبية لن تتخلص من الماضوي وسوف تتخذ سياقا متشابها وقريبا من السائد، ولكن تظل الرؤية خامة.. الأساليب المعرفية الحديثة، وهي الحافز الذي تتخطاه (الجزيرة الثقافية)، فالتعدد الثقافي رهان على استمرارية أي منبر جديد، فمن النصوص الشعرية إلى السرود بأنواعها مع المناخات المتزامنة للملحق الثقافي كالتشكيل والموسيقى أحيانا والقراءات التاريخية وبعض الأطر السياسية هو ما جعل الجزيرة الثقافية تعاني كثيرا من عمق المادة ورصانة الأسلوب، مما جعل التباين واضحا بين كاتب وآخر، ولكنها في النهاية رسمت خيطا شفافا لتتشاوف التيارات الحديثة مع الأنماط الكلاسيكية التي لم تستطع الجزيرة الثقافية تجاوزها بالإلغاء، ولكنها تجاوزتها بحضور واع لرموز تلك التيارات، وهو حديث مسبوق عن نواتجه، ولكن حيثيات الحراك الثقافي الذي ترعاه الجزيرة الثقافية هو ما ينقلها ويجعل صراعها أكثر حدة في غمرة التشابه والتناسل المشوه للأفكار والنصوص والحوارات المنمطة في ملاحق ومطبوعات أخرى تتسول الثقافة ولا تنفعل بحراكها المتسارع تماما كالعقل في سيرة متوثبة وهائجة.
محمد العلي يقظة الكأس
تكريم الشخصيات الثقافية الكبيرة كان عبورا مغايرا في ممرات المدينة المعزولة، وأقصد تحول الكاتب إلى نص محبط بالسكون على غرار تسمية فرجينا وولف بالقارة المفقودة، حيث تشير إلى الثقافة النسوية.. رغم كل الاجتراحات والصعوبات التي تفقد بعض الملفات ذروتها في النضوج النقدي والالتفاتة الثقافية التي يصحبها أجيال مختلفة ومخالفة للسوابق، فهي مطلوبة لأنها توطد سيرة العقل وتعزز مقومات النهضة، وقد لاحظنا التواصل الكبير في الملحق الخاص عن الشاعر الكبير محمد العلي والأستاذ عبدالفتاح أبو مدين وآخرين صيروا النص همّا متمرحلا حتى تجسد في منتج ثقافي أقامه المبدعون الجدد.
نعاس الممرات في الأندية الأدبية
كان الصراع المفتوح الذي أججته (الجزيرة الثقافية) حول الأندية الأدبية بمثابة الصدمة النهضوية لانفتاح المغلق وتحطيم الشخوص الذين أرادوها حربا علنية بين جيل شاب وجيل اتخذ الغياب مقعدا، فكانت الثقافة وحوار العقل هما الغالب وهما الحاضر لدى القراء الذين سخروا من الردود التي أثارها أعضاء النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية والتي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر تتداول بصوت عال، و(الجزيرة الثقافية) وعاء يتسع، وفي تطاول البعض وتراجع البعض لأنها حرب عجولة، ولم تتحمل (الجزيرة) مسؤولية وزير الثقافة الذي يجب أن يقضي في حال الأندية، ولكن افتضاح السكوت عنه هو إحساس معتق أن الثقافة هوية.
نضوج القلب الإبداع الحر
بين الجيل القديم والجيل الجديد مساحة مفتونة بالغبطة، فيها ترامت النصوص الإبداعية بشكل متميز، ويتلبس ذائقة المدينة التي أذاعت نبوغها في قلوب الشعراء وأسكنت العواطف على حواف امرأة، وكل امرأة هي مدينة متخيلة.. هذا ما جعل النصوص الحديثة تتماس بالأفكار الغربية ولكنها تصوغ إبداعا حديثا غير مقولب.. هو قناع موارب تراوده (الجزيرة)، ولكنها تخشى اتهام الحداثة الذي طال منابر ثقافية حوصرت فيما بعد، ولا تتجاهل أسماء كثيرة حلقت في فضاءات (الجزيرة) ودونها لم تكن حاضرة في مقام النص وفي سجال الكتابة، وهذا يكلف (الجزيرة) عبء المشوار ويلزمها إصدار كتاب سنوي يختم نشاطا ثقافيا يبرز الثقافة كممارسة، وهذا انوجاد حقيقي للرؤية للإنسان.


* كاتب وشاعر سعودي

الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved