الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 04th April,2005 العدد : 100

الأثنين 25 ,صفر 1426

وبصره ممتد من أول الكون حتى آخر الأبجدية
غادة عبد الله الخضير
يستطيع الإنسان منا أن ينتقي وعيه..
ويستطيع في ذات الوقت أن يدرك الجهة التي يبصرها عقله..
ويستطيع وإن غلف الكسل روحه أن يعرف جيداً الحرف الذي ينصره والحرف الذي يربي مزيداً من الكسل بداخله.
بصيرة الإنسان واسعة.. ولو ألقى معاذيره.
وبصره ممتد من أول الكون حتى آخر الأبجدية..
ولأن للإنسان نافذة عقل..
ونافذة روح..
ونافذة عاطفة..
ولأن تلك النوافذ مشرعة على اتساعها كي تلقط ما يدور حولها..
ولأنه الذي يبحث فيجد..
والذي يجد فينتقي..
والذي ينتقي فيرتقي.. صار الاهتمام به غاية.. والتسامي في تربيته هدفاً.
الارتقاء بالآخر فكراً وذوقاً وقيماً مسؤولية تقع بدرجة كبيرة على أصحاب القلم.. ولعل هذا ما أدركته (الثقافية) كصفحة هادفة في جريدة (الجزيرة) تحمل على عاتقها فعل الارتقاء بالإنسان إجمالاً فتقدم له ذخيرة عقلية ثقافية شاملة ومتنوعة تجعله على صلة واضحة بثقافة بلده، وعلى جسر ممتد نحو ثقافة الآخر في أمكنة مختلفة.
وفي قراءة سريعة لما كانت عليه (الثقافية) سابقاً وما آلت إليه حالياً.. أجد أن خط الاهتمام بعقل الإنسان ورقيه خط متطور متصل (ولعلني هنا أركز على كلمة رقي لأنني أرى أن هذا الدور الحقيقي للثقافة) ضمَّ سابقاً نخبة من المثقفين الذين أثروا صفحات (الثقافية) وأشاعوا بين حروفها ضياءً يقرأ.. وأعطوا صورة واضحة إلى حد كبير عن صورة الأدب خاصة والثقافة عامة في هذا البلد.. وكانت في ذات الوقت تتيح لنا كقرَّاء بالدرجة الأولى أن نعرف ونتعرف على هذا التواجد الزاخم للكتَّاب والمثقفين، فمنحت فرصة حقيقية لكل فرد أن يقرأ الكل ويختار البعض ويصفق لليد التي تجمع مؤمنة أن التنوع الثقافي يعتبر في حد ذاته احتراماً لاختلاف الذائقة القرائية.
ثم جاءت في قراءة جديدة شكلاً ومضموناً ينتهج هذا التغير السريع لإيقاع الحياة، ولهذا ظهرت لنا (المجلة الثقافية) تحترم العقل وتطرح الخيارات وتصنع تواصلاً بين أجيال وأخرى من خلال ملاحق خاصة عن قامات أدبية وثقافية أسست البنيان وأعطت الآخر حرية أن يشكل حاضره ومستقبله ويطرح رؤيته.
ولا مجال للشك أن جهداً كهذا من ورائه جنود مجندة تعمل باتساق لإنجاز العمل على هذا النحو ليخرج للقارئ بمعلومة جديدة أو طرح مختلف أو قراءات متعددة أو مساهمات أدبية تجعل مساحة التعرف على الآخر أكبر.
كما أنه لا مجال للشك أيضاً أن هذا التخطيط ذا الإنجاز التصاعدي الناجح خلفه (عقل واعٍ) يفكر كيف يكون الجديد مفيداً، وكيف يمكن إدراك أهمية الزمن في هذا التطور، وكيف لها أن تكون الخبرات الماضية قراءة حقيقية وصريحة وناقدة لما هو آت. ذلك العقل الواعي الذي يتوزع في هرمية واضحة تبدأ بالأستاذ إبراهيم التركي وتمتد إلى تلك العقول التي تحرك رواكد الفكر إجمالاً.
وشخصياً.. تعلمتُ من الأستاذ إبراهيم التركي في بدايات التحاقي بجريدة (الجزيرة)؛ أي ما يقارب تسع السنوات، تعلمتُ أمرين مهمين:
أولهما: أن الكتابة تطور على مستوى شخصي ذاتي.. وعلى مستوى المتلقي، وربما هو بذلك وفَّر لي ما كنت أحتاج إليه مع قلة درايتي في ذلك الوقت وفَّر لي حرية الكتابة وحرية الاعتقاد أن الفكرة الصادقة ستأتي ذات حين وتكبر ذات عمر.. وها أنا أقارن بين أول مقال وآخر مقال.. وأذكره بدعوة صادقة.
ثانيهما: وهذا مما لا تنساه ذاكرتي ولا تقوى على اختزاله.. حدث أن قدمت مقالاً ذات يوم ووضعت له عنواناً يشابه أو يقارب تلك الطريقة التي كانت تنتهجها زميلة لي كانت تكتب بذات الجريدة، مما جعل الأستاذ إبراهيم يسألني: عنوانك ألا يشبه عنوان أحد ما؟! أخبرته:لا، لا أظن ذلك!! مع أنني في قرارة نفسي كنتُ أعرف أنه يشبه كثيراً ما أشرتُ إليه {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ {14} وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}.. وربما من لحظتها وأنا حريصة لدرجة كبيرة أن أبتعد قدر مستطاعي عن الوقوع في منطقة (يشبه) هذه، خاصة وقد تزامن ذلك مع إلحاح مشرفي المساعد في رسالة الماجستير على أن يكرر على مسامعي دوماً: يا غادة، خالفْ ما تعرف تُعرف. وهنا عندما أذكر الأستاذ إبراهيم التركي فذلك لأنني على ثقة أن الإنسان الذي يصل إلى مثل هذا المستوى حريص في داخله على اختيار (رفقة عمل) تمتاز بالقدرة على العطاء الواعي والمساهمة الفعالة، أشخاص يستطيعون تجاوز ذاتهم من أجل (عمل متقن).. أسال الله للجميع حسنات تصل بهم للفردوس.
الصفحة الرئيسة
المئوي
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved