Culture Magazine Monday  04/06/2007 G Issue 201
الملف
الأثنين 18 ,جمادى الاولى 1428   العدد  201
 

«المجلة الثقافية » تحاور الدكتور راشد المبارك:
البحث العلمي هو الفريضة الواجبة الغائبة

 

 
*الثقافية - علي بن سعد القحطاني:

تعد أحدية راشد المبارك من الصالونات الثقافية المهمة في وطننا العربي؛ فقد نوقش فيها طيلة ست وعشرين عاماً من مسيرتها المئات من الأوراق وحضرها ساسة وحكماء ومفكرون وأكاديميون ومبدعون من كافة التخصصات والرؤى والتوجيهات، وصاحبها غنيّ عن التعريف، حصل على شهادة الدكتوراة من جامعة كاردف جنوب ويلز، وذلك في عام 1394هـ، أسهم بعدة أبحاث في الكيمياء والفيزياء في مجلة الجمعية الكيماوية الأمريكية، ومجلة استعراض الفيزياء، ومجلة الرسائل الفيزيائية، صدر له: الكيمياء الكم (كتاب جامعي) وكتاب (هذا الكون ماذا نعرف عنه) وكتاب (قراءة في دفاتر مهجورة) وديوان (رسالة إلى ولادة) وكتاب (فلسفة الكراهية) وكتابه الأخير الصادر مؤخراً (التطرف خبز عالمي) الذي نستهل به حوارنا بالسؤال عنه مع ضيفنا العزيز الدكتور راشد المبارك، وتحدث في هذا اللقاء عن غياب الفلسفة من الساحة الثقافية وعن (الرأي الآخر) الذي أقصي في المجتمعات العربية بسبب تشدقه بالمثاليات والأنموذج، ويعرف عن الدكتور راشد المبارك اهتمامه الكبير بقضايا الأمة وهمومها، ومن ذلك سعيه مع نخبة من المفكرين لإيقاف الحرب التي وقعت بين العراق وإيران في الثمانينيات من القرن الميلادي المنصرم، وتحدث أيضاً عن (الفريضة الغائبة) وإسهامات الأحدية طيلة ربع قرن وإنها تسعى إلى فتح أبواب للبحث والحوار في كثير من الأمور، وذلك للتقريب بين الآراء المختلفة.. كما تسعى أيضاً إلى تعويد النفس على حسن الاستماع إلى الآخر وحسن الظن به وهذا - للأسف - ما تفتقده كثير من مجتمعاتنا العربية. وتمتاز تلك الأحدية كما جاء في أهدافها إلى تضييق الفجوة التي تفصل حاملي إحدى الثقافتين - العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية - تجعل كلاً من الجانبين على معرفة أو بعض معرفة بما لدى الآخر.

* هل التطرف خبز يقتات به العالم من أجل بسط نفوذ القوي ومصالحه وسلب حقوق الآخرين وانتهاك حرية الفرد؟.. وهل صُنَّاع القرار يلتفتون إلى المفكرين والمثقفين قبل أن يتخذوا قراراتهم السياسية؟

- السؤال السابق بناء مركَّب من ثلاث وحدات:

الأولى: هل غدا التطرف خبزاً عالمياً

الثانية: هل يستغله القوي لتحقيق مأربه

الثالثة: هل هناك صلة بين قرار صانعي القرار وأفكار ذوي الفكر؟

الجواب على الوحدة الأولى يمكن أن يكون ب (نعم). إذا نظرنا إلى أمثلة منه في عدة بلاد وفي ظل عدة ثقافات وحدوثه بدوافع مختلفة، لقد وجد التطرف ويوجد - كما جاء ذلك في الكتاب - في الولايات المتحدة وفي بريطانيا وإسبانيا والهند والصين واليابان كما جاء في البلاد الإسلامية، وهذا ما عنيته عندما قلت إن التطرف خبز عالمي.

أما جواب الوحدة الثانية وهي أن القوي يستغله لبسط نفوذه، فإن مفهوم ذلك هو أن القوي يخطِّط له ويدفع إليه، وأنا لست ممن يميل إلى ذلك أو يعتقده لأن التطرف وما يصاحبه أو ينتج عنه من عنف ليس في صالح أحد حتى من يقوم به، على أن المؤسف أن بعض الأقوياء وهم يحاولون دفع ذلك أو مقاومته يشتطون في تصرفهم حتى يتجاوز العدل إلى الظلم وحصر المحاسبة والمعاقبة على الجاني إلى سواه، ومؤاخذة البريء بجريرة المذنب، وهذا ما فعلته وتفعله بعض الدول، وأكثرها شططاً في هذا الجانب الإدارة الأمريكية في الوقت الحاضر.

أما جواب الوحدة الثالثة فهو مع كوني لا أملك وسائل الاطلاع على تفصيل ومفردات الصلة بين صانع القرار وذوي الفكر في كثير من البلاد فإن ما يُستدلُّ عليه من الظواهر وما ينطلق من قيود الأسر من الأخبار لا يدُلُّ على وجود هذه العلاقة أو لا يؤكدها على أحسن الاحتمالات، ولاتزال أمنية أفلاطون في أن يكون الحكام فلاسفة حلماً لم يتحقق بعد.

* لماذا لا يقرأنا (الآخر) كما نحن نقرأه بنزاهة وحيادية؟، ولماذا يطلب منا دائماً أن نكون موضوعيين، بينما يغض الطرف عن ذلك (الآخر)؟..

- لا أدري كيف وصلتم إلى هذا الإطلاق والتعميم من أن الآخر لا يقرأنا أو لا يقرأنا في حيادية، وهذا أمر اعتدناه من أنفسنا وأخشى أن يكون من خصائصنا، وأنا أحسب أن الآخر يقرأنا وأن من الآخر من يقرأنا في حياد على أن قليلاً منا من يقرأ ذلك الآخر، وأقلُّ منه من يقرأ ذلك الآخر متجرداً من موقفه المتأصل منه ونظرته الموروثة والمستحدثة لديه وقديماً قال المتنبي: (لهوى النفوس سريرة لا تُعلم) والإفاضة في ذلك وإيراد الشواهد عليه تقتضي مؤلفاً كاملاً لا فقرة واحدة من استفسارات.

* القارئ يرى أن هناك تناقضاً وتضاداً بين محتوى كتابك (فلسفة الكراهية) وكتابك الآخر (التطرف خبز عالمي) فهل هناك ما يسوغ ذلك التعارض أم أن (المثقف) يضطر للرجوع عن آرائه ومواقفه مسايرة للواقع وما يجري حوله من أحداث؟..

- لقد أشرت إلى ورود احتمال هذا الاستشكال في مقدمة كتاب (التطرف خبز عالمي)، وذلك أمر تمليه النظرة العجلى، على أن الحقيقة ألا تعارض (فضلا عن التضاد) على الإطلاق بين الكتابين، فالأول موجه لمخاطبة النفس ومحاسبتها استجابة لقول الله (لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة) وإعمالاً لما يشير إليه، إذ إن في الآية أمراً ملفتاً للنظر كان يجب الوقوف عنده واستجلاء دلالته، فقد قرن الله - سبحانه - بين مكانة حدث كوني أكبر وهو يوم القيامة حين تختل قوانين الكون وتتناثر وحداته وتتقاصر أو تنزوي أبعاده وبين مكانة النفس المحاسبة لذاتها قبل أن تطلب محاسبة الآخرين، وقد تعوّد كثير منا الكلف والشغف بإصدار شهادة براءة للذات في كثير من الأحداث، وفي فترات كثيرة من الزمن. أما الكتاب الثاني فهو رد ومواجهة لعدوان الآخر وهو ليس مبرأ من الخطأ والعدوان في كثير من حالاته وتصرفه، فمحاسبة النفس لا تعني عدم رد الأذى عنها، فليس هناك - إذن - أي تعارض أو تضاد وليس هناك رأي تم التراجع عنه.

* يظهر في كتاباتك ومقالاتك شغف بالفلسفة، يظهر ذلك في الرصد والتحليل والربط بين النتائج والمقدمات، ألا تلاحظ يا سيدي الكريم غياب الفلسفة من ساحتنا الثقافية، فليس لها كرسي واحد في جامعة من جامعاتنا ولا تذكر في معاهدنا مع أن تراثنا احتفى بالفلسفة والفلاسفة.. فإلى ماذا تعزو هذا الموقف؟

- الفلسفة كما قلت في موضع آخر إجابة لسؤال قريب من سؤالك هو أن الفلسفة في حقيقتها هي طلب الحكمة أو محبة الحكمة في البحث عن حقيقة طبائع الأشياء وظواهر الكون، وهذا أمر لا أجد أنه تجوز مقاومته فضلاً عن محاربته والله يقول: {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} والعقل مناط التكليف ولا وجوب لتكليف على غير عاقل، والفلسفة عمل من أعمال العقل في تجلياته، فلا أجد - إذن - أن هناك ما يسوغ تقييد العقل عن مزاولة وظيفته، وفي الماضي كما هو في الحاضر في كل البلاد الإسلامية - باستثناء قليل قليل يؤيد القاعدة ولا ينقضها - نجد للفلسفة مكاناً مرموقاً، فهي تدرس في المعاهد العليا الدينية وفي الجامعات في كل البلاد الإسلامية، وهناك عدد ممن تولى مشيخة الأزهر كان تخصصه في الفلسفة.

* هل للمثاليات والأنموذج الذي تتشدق به المجتمعات العربية دور في إقصاء (الرأي الآخر) ومحاربته؟

- من المُرجح أن ما ذكرته من العوامل القوية التي أدت وتؤدي إلى إقصاء (الرأي الآخر) بل وإلى مصادرته والحجر عليه.

* يعرف عنك اهتمامك الكبير بقضايا الأمة وهمومها، ومن ذلك سعيكم لإيقاف الحرب التي وقعت بين العراق وإيران... فهل كان لكم مسعى أو مساعٍ أخرى في هذا المجال، والصروف التي تمر بها الأمة لاتزال تتوالى؟

- هموم هذه الأمة والصروف التي تحيط بها لاتزال - كما ذكرت - تتعدد وتتجدد، وأحسب أن أي فرد لديه حد أدنى من الإحساس والانتماء لأمته لا يستطيع أن ينفك عن هذه الهموم، وأذكر في هذا الشأن أنه منذ أكثر من أربعة أعوام عندما كانت الإدارة الأمريكية تقوم بإعلان الخطر ودق نواقيس الإنذار بما زعمته عما أعده ويعده النظام السابق في العراق من أسلحة دمار شامل ستكون خطراً يعم العالم ويطول الولايات المتحدة، وكان يشاطرها (شرف) هذه المزاعم والترويج لها رئيس الوزراء البريطاني وعدد من التوابع الأخرى الدائرة في المجال الجاذب للنفوذ الأمريكي، ومن المعلوم أن المقصود بهذه الأسلحة هو السلاح النووي ومواد كيماوية معينة ذات تدمير واسع على البشر والمنشآت، وكانت الجهتان المسؤولتان عن التحقق من ذلك هما الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الدولية للتفتيش على الأسلحة في العراق، ومن المعروف أن الإدارة الأمريكية شديدة الشغف بأن يصدر من هذين المصدرين ما يؤكد مزاعمها أو يرجحها لتتخذ من ذلك ذريعة لتسويغ ما ستقوم به تجاه العراق وجسراً تعبر منه إلى ما عزمت عليه، جاء التفكير في أن بعث رسالة إلى كل: د.محمد البرادعي رئيس الوكالة، والسيد هانلا بليكز رئيس المفتشين تذكيراً لهما بالمسؤولية المنوطة بهما، ودعوة إلى أعمال ما ينطويان عليه من حس ديني وإنساني يحكم ما يصدر منهما قد يكون مما يفيد في هذا الشأن، وقد تم تحرير رسالة إلى كل من الرجلين وقف على إعدادها الإخوة: د.عز الدين موسى ود.مرزوق بن تنباك والعميد محمد الهاشم ود.صالح الدباسي، وكان من المصادفات الحسنة أن كان ذلك في بداية شهر الحجة، فسافرت بالرسالة إلى مكة حيث كان يحضر الحجَّ جمع من أعلام العالم الإسلامي، التقيت بعضهم وعرضت عليهم الرسالة فوقعوها، كما سافرت بها إلى بعض دول الخليج فوقعتها مجموعة منهم هناك، كما شارك بالتوقيع عليها كلُّ أو جلُّ الإخوة الذين يحضرون ندوة الأحد، ومع أنه لا يجوز الادعاء أن الموقف الذي أعلنه كلا الرجلين نافياً لمزاعم الإدارة الأمريكية جاء نتيجة مباشرة لتلك الرسالة فإنه من المستبعد كذلك أن لا يكون لها أثر أو بعض الأثر فيما أعلناه.

وفي هذا المجال أذكر أنه كان هناك مسعى آخر اشتركت فيه مع كل من الأخوين: د.مرزوق بن تنباك ود.عبدالعزيز الدخيل، دفع إليه ما بدأ من نذر خطر آثاره ما تحدثت به وصعَّدته فئات في العراق على أثر انهيار النظام السابق، وهو تسويغ لغزو صدام للكويت وإن ذلك جاء لاسترداد حق نهب واستعادة جزء سُلب، وهذا أمر يُنذر بشر كبير، ذلك أن عدوان صدام على فداحته سيكون أخف مما قد يحدث لأن ما قام به نزوة فرد لن يدوم، والخطر الحقيقي أن يتحول ما قام به إلى توجه دولة ومطلب شعب يمكن أن يُورَث للأجيال، وقد اتفق رأينا - نحن الثلاثة - على أنه لو أمكن جميع فئة من الرائين الداعين إلى الحكمة المتجافين عن المطامع المؤدية إلى الفتنة ليبحثوا هذه القضية بحثاً يؤدي إلى صفاء النفوس وتوضيح ما لكل طرف من حق في حالة تبينه؛ فقد يكون ذلك سبيلا إلى ما يطفئ ما يتراءى تحت الرماد من وميض نار، وقد توجهنا إلى الكويت واجتمعنا هناك بعدد كبير من الإخوة الأفاضل من ذوي الفكر والثقافة ومن لهم مكان في المسؤولية، وقد رحبوا جميعاً بالمسعى وانشرحت صدورهم له، ولكن حدث أن اشتعلت حرائق الفتنة في العراق وهي حرائق استمرت إلى اليوم فبددت الشعب الموحد وفرقت الشمل المجتمع ووقع العراق في كارثة هان معها كل ما يحتمل من نوازل، فتوقف ذلك المسعى ولله الأمر من قبل ومن بعد.

* عرف الناس د.راشد المبارك متخصصاً في العلوم الطبيعية ومهتماً بالفكر والفلسفة وذا ميل كبير إلى الأدب، ولكن قلَّ من يعرف راشد المبارك شاعراً مع أن لك ديوانين مطبوعين ومنشورين.. فما هو سبب ذلك؟..

- لا أعرف جواباً مقنعاً لسؤالك، والذي أظنه أن إصدار ديوان شعر أو أكثر لفرد ليس حدثاً ذا شأن كبير، لأن الوطن العربي فيه عشرات من الشعراء المشهورين، ومئات من الأقل شهرة، وقد يوجد آلاف من الشعراء المغمورين، قد يكون منهم من هو أقوى موهبة وأنضر إبداعاً من مشهورين، وقد صدر لي - كما ذكرت - ديوانان تحت عنوان واحد هو: (رسالة إلى ولادة) نشر أولهما منذ أعوام قليلة وكتب عنه كثيرون وصدر الثاني منذ شهرين أو ثلاثة.

* أشرتم في ورقتكم - ألقيتها في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية - إلى غياب البحث العلمي ونعتها ب(الفريضة الغائبة) من المنظومات السياسية والإدارية ومنابر وسائل الإعلام وخطب الجوامع (تعليقك)؟..

- هذا الأمر همّ صحبني أو صحبته منذ أعوام طويلة، وأغرب ما في الأمر وأعجبه أنه مع وضوح وجوبه وشدة دواعيه يبقى هو الأمر الغائب عن كل اهتمام وإلزام، ونظرة عجلى إلى عالم اليوم تظهر أنه ذو مجموعتين، مجموعة قوية غنية ظاهرة مسيطرة أو مؤثرة ومجموعة فقيرة ضعيفة مؤثر فيها أو مسيطر عليها، ولا يحتاج المرء إلى شيء من العناء أو جهد من إعمال الفكر ليتبين أن العامل الوحيد الذي جعل المجموعة الأولى في مكانتها ووضع غيابه عن المجموعة الثانية فيما هي فيه هو الإقبال على العلم الطبيعي واكتشاف سنن الكون وأسرار المادة، وما أنتجه ذلك من تقانة وهبت أصحابها كل ما لديهم من قوة وغنى، وظني أن علماء النفس والاجتماع سيجدون صعوبة إن لم يكن تعذراً في تفسير هذه الظاهرة المحيرة لدى من يُسمى العالم النامي، كيف لا يكون هذا الأمر - الانصراف إلى البحث العلمي والانشغال به والحث عليه - هو هدفهم الأول وهمهم الكبير، كيف صار ذلك هو الفريضة الواجبة الغائبة بحيث لم يكن - كما قلت وكررت - اهتمام رئيس دولة ولا في مقدمة برنامج حزب ولا شاغلاً لمجلس نيابي ولا موضوعاً لخطبة خطيب أو موعظة واعظ، كيف لم يتبين كل أولئك أنه يتعذر عليهم الخروج من الضعف إلى القوة ومن الفقر إلى الغنى، ومن الخفوت إلى الظهور ما لم يأخذوا بأسباب ذلك وأولها وأقواها هو هذه الفريضة الواجبة الغائبة:

ومُكلفُ الأشياء ضدَّ طباعها

متطلبٌ في الماء جذوة نار

* ندوة الأحد مرَّ لها أكثر من ربع قرن مدرسة للعلم والفكر والأدب، فهل تحدثوننا عن الدوافع لقيامها وأهدافها.

- في التسعينيات من القرن المنصرم وأوائل هذا القرن نما دخل المملكة من عوائد النفط نمواً كبيراً عمت البلاد أو جلها بسببه موجة من الفرص المتعددة للثراء، فانشغل الناس بذلك انشغالاً كبيراً وصار هذا الأمر شغل الناس في نهارهم وهاجسهم في ليلهم، ولعله كان من أحلامهم في منامهم، ولست أقول ذلك هجاء له أو ثناء عليه ولكنني أقوله من جانب علاقة ذلك بقيام الندوة فمع ما تقدم من انشغال كثير من الناس بذلك الأمر فإن المجتمع لا يخلو من فئة أخرى لا تجد متعتها الأولى في الانصراف الكلي إلى الثراء أو لا تحسن ذلك لو أرادته وتجد المتعة في جانب آخر هو بناء النفس بالمعرفة وصقل الذات بالثقافة، وهناك فئة من المجتمع لا تمكنها ظروفها من الوصول إلى ذلك عن طريق الالتحاق بمعاهد التعليم ومدارسه، فجاء التفكير أنه لو أمكن وجود ملتقى يُنظم لتقديم زاد من المعرفة وجانب من الفكر فقد يسد حاجة من يتوق إليهما، وذلك هو الباعث، وأما أهداف الندوة فمتعددة يمكن إيجازها في التالي:

1 - إيصال جوانب من المعرفة والفكر لفئة من المجتمع تميل إلى ذلك وتتطلَّعُ بين الآراء المختلفة والمواقف المتباعدة.

2 - فتح أبواب للبحث والحوار في كثير من الأمور التي تختلف فيها الآراء للتقريب بين الآراء المختلفة والمواقف المتباعدة.

3 - تعويد النفس حسن الاستماع إلى الآخر وحسن الظن به وإعطائه حق الاستماع بجانب ما تطلبه الذات من حق الإسماع.

4 - تضييق الفجوة التي تفصل حاملي إحدى الثقافتين - العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية - تجعل كلا الجانبين على معرفة أو بعض معرفة بما لدى الآخر.

5 - الاهتمام بمن يقدم إلى المملكة من ذوي المكانة العلمية والثقافية والفكر وتكريمهم ودعوتهم إلى المشاركة في الندوة مسمعين أو مستمعين ومناقشين.

وقد نجحت الندوة بحمد الله في تحقيق أهدافها بقدر كبير، وأن يكن من شيء يعود إليه الفضل بعد الله فهو لروادها الذين هم أصحابها الحقيقيون، أمدوها ويمدونها بوفائهم وعطائهم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة