Culture Magazine Monday  04/06/2007 G Issue 201
فضاءات
الأثنين 18 ,جمادى الاولى 1428   العدد  201
 

حكايات
هضيبان يتعافى في الأبرق!!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

قريتنا تغيرت قليلاً، خرجت من الطين والأثل ودخلت كبرياء الأسمنت وأناقة الزجاج، قريتنا الآن يمامة زرقاء.. تشخص ببصرها بعيداً وتقرأ حركة الغد والممكن والمستحيل، أحياناً، امرأة ناشز تركت الأطفال للخادمة وانطلقت عاصفة إلى محلات ماكس، تسأل عن ريميل جديد يزيد مساحة الحور في عينها، قريتنا تغيرت كثيراً.

وهضيبان فارس الأحلام (والزكرتي) الأنيق يسافر في الفصول ويدعج الكحلة في العيون ويرفل في الصاية، لعله يتعافى ويزهر مرة أخرى! كيف انتهى به المطاف إلى هذا المبنى الأصفر؟! هذه قصة طويلة.

- في أيام خلت كان هضيبان في القرية كل شيء يقرأ الرسائل، (ويطيح) الأمهار على الورق، وينتشل الماء من الآبار، ويؤبر النخل (يلقحه) ويحرك الصخور ويصطاد الضباع بلا خوف ويسد السيل الجارف، وهو يضع خيشة واقية على رأسه عن المطر، ويغني للصحو مع الصباح والعصافير الملونة، ويعشق بدوية مبرقعة ترعى الغنم والحملان الصغيرة. وهو يطوف حول بيتها الشعر على ظهر جمله الأملح: بشداده وميركته وخطامه وربثه المعمولة من الشعر.

- صحا هضيبان ذات يوم على ضجيج التحولات فإذا هو لا يستطيع قيادة السيارة، لا يعرف كيف يشغل التليفزيون، لا يقدر على الرطن بالإنجليزية، لا يعرف أسرار هذا الكمبيوتر العجيب.. لم يعد أحد في القرية يحتاج إلى خدماته.. هضيبان انتهت صلاحيته تماماً وارتمى به الدهر!!

عندما نقلوه إلى مستشفى الأمراض العصبية، قال الطبيب: إن هضيبان ليس بحاجة إلى الدواء والحمية والكي.. إنه يحتاج فقط إلى بعض الوقت بين شجر الحرمل في وادي الأبرق الذي ولد فيه!

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة